رفض طلبات المحامين وإحالة 5 آخرين إلى «التأديب» وتأجيل محاكمة «المخطط الإرهابي» أسبوعاً
رفضت المحكمة الكبرى الجنائية التي تنظر في قضية ما يسمى بـ «المخطط الإرهابي» طلبات هيئة الدفاع الجديدة المتمثلة في إحالة الموضوع إلى المحكمة الدستورية وذلك للنظر في مدى دستورية تعيينهم بصورة إجبارية للدفاع عن متهمين يرفضون أن يمثلهم أحد غير هيئة الدفاع الأولى التي انسحبت لسبب رفض المحكمة الفصل في طلباتها. كما رفضت المحكمة إفساح المجال لخمسة من المحامين الذين طلبوا التحدث إلى وزير العدل لإبلاغه بعدم تمكنهم من الدفاع عن متهمين يرفضون توكيلهم. وأحالت المحكمة المحامين الخمسة إلى «مجلس تأديبي»، وبذلك يصبح عدد مَنْ تمّ تحويلهم لـ «المجلس التأديبي» 24 محامياً. واعتبرت رئيسة جمعية المحامين جميلة علي سلمان إحالة المحامين للتأديب «سابقة خطيرة جدّاً في تاريخ مهنة المحاماة في البحرين».
--------------------------------------------------------------------------------
المحكمة ترفض إحالة الخلاف القانوني إلى «المحكمة الدستورية»
ارتفاع عدد المحامين المحالين لـ «المجلس التأديبي» إلى 24 في قضية «المخطط الإرهابي»
المنطقة الدبلوماسية - علي طريف
انتهت جلسة محاكمة ما يسمى بـ «المخطط الإرهابي» أمس الخميس (13 يناير/ كانون الثاني 2011) بازدياد عدد المحامين المحالين إلى «المجلس التأديبي» إلى 24 محامياً، وذلك إثر انسحاب خمسة محامين من القضية نتيجة إصرار المتهمين على رفض المحامين المنتدبين وتمسكهم بهيئة الدفاع الأصلية. وكان المحامون الخمسة طلبوا لقاء وزير العدل ليشرحوا له انهم سمعوا بآذانهم ما تم في المحكمة من رفض جميع المتهمين تعيين هيئة دفاع أخرى، وتمسكهم بهيئة الدفاع الأولى التي انسحبت بسبب رفض المحكمة الفصل في طلباتها.
ورفضت المحكمة طلباً تقدم به المحامي المنتدب عبدالرحمن غنيم بإحالة الخلاف القائم بشأن ضرورة قبول المتهم للمحامي المنتدب إلى المحكمة الدستورية للفصل في الخلاف القانوني، وذلك لتعارض النص الدستوري في المادة 20 مع المادة 216 من قانون الإجراءات، موضحاً ان النص الدستوري يسمو على التشريع القانوني، وان الفصل في المسألة ينبغي ان يكون بيد المحكمة الدستورية. كما رفضت المحكمة الإفراج عن المتهمين، ورفضت إحالتهم إلى الطب الشرعي، وقررت تأجيل الجلسة إلى يوم الخميس 20 يناير من الأسبوع المقبل بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني 2011، وذلك للبدء بالمرافعات والأدلة ضد المتهمين.
وأمر قاضي المحكمة بإحالة خمسة محامين وهم: علي أحمد العريبي، شهناز علي عبدالله، لؤي عبدالغني قاروني، نبيلة السيدعلوي مجيد، وتيمور عبدالله كريمي، لوزير العدل لاتخاذ اللازم حيالهم، وذلك تمهيداً لإحالتهم للجنة التأديبية. واعتبرت رئيسة جمعية المحامين جميلة علي سلمان إحالة المحامين إلى مجلس تأديبي «سابقة خطيرة لم تحدث من قبل في تاريخ المحاماة في البحرين، وان جمعية المحامين تتضامن مع منتسبيها».
ويأتي قرار المحكمة بعد أن أعلن المحامون للهيئة انسحابهم من القضية، وطلبوا من المحكمة لقاء وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة لشرح أسباب انسحابهم من تمثيل المتهمين الذين أبدوا عدم رغبتهم في دفاع وتوكيل الهيئة المنتدبة عنهم، ما يعني عدم تمكنهم من ممارسة الدفاع نيابة عن موكلين لا يرتضونهم.
ومن جانب آخر طرح المحامي فرج فودة وجهة نظر مختلفة عن باقي المحامين، إذ قال ان المتهمين «تعسفوا» في استخدام حقهم الدستوري (المادة 20 من الدستور) التي تشترط موافقتهم على المحامي، وبالتالي فإن هذا الحق يسقط عنهم.
--------------------------------------------------------------------------------
ثلاثة آراء للمحامين
وفي بداية الجلسة القضائية، مثلت هيئة الدفاع المنتدبة الجديدة أمام المنصة القضائية، ونادى القاضي بأسماء المتهمين الخمسة والعشرين (اثنان منهم يوجدان في الخارج حالياً)، في الوقت ذاته اعترض المتهمون على الهيئة المنتدبة الثانية وطلبوا الحديث من قاضي المحكمة، الذي أمرهم بالانتظار واعداً إياهم بمنحهم فرصة التحدث لاحقاً.
ومن ثم طلب القاضي إبراهيم الزايد من المحامين المنتدبين تقديم طلباتهم للمحكمة، وهنا انقسم المحامون لثلاثة آراء؛ رأي طرحه المحامي عبد الرحمن غنيم، بضرورة إحالة موضوع انتدابهم للمحكمة الدستورية أولا لحسم الخلاف القانوني، وأيد هذا الرأي غالبية المحامين.
والرأي الثاني كان لخمسة محامين، تصدرهم المحامي علي العريبي الذي طلب لقاء وزير العدل لشرح له عدم إمكانية تمثليهم لمتهمين يرفضونهم، بل ويحملونهم مسئولية ما يحدث لهم.
أما الرأي الثالث فتبناه بصورة صريحة محام واحد، وهو المحامي عوض فودة، الذي قال ان الحق الدستوري بوجوب موافقتهم على المحامين سقط عنهم لأنهم «تعسفوا» في استخدام هذا الحق.
--------------------------------------------------------------------------------
طلب الإحالة للمحكمة الدستورية
وطالب المحامي عبدالرحمن غنيم بإحالة موضوع تعيين هيئة الدفاع الجديدة إلى المحكمة الدستورية، موضحاً أن «تعيين المحامين المنتدبين بحسب المادة 216 من قانون الإجراءات يتعارض مع المادة 20 من الدستور، إذ إن النص الدستوري يعلو النص القانوني، وبالتالي فإن هناك معضلة دستورية تتطلب تدخل المحكمة الدستورية».
وقدم غنيم مذكرة قانونية إلى المحكمة قال فيها: «إن المادة (20 فقرة هـ) من الدستور نصت على أنه (يجب أن يكون لكل متهم في جناية محامٍ يدافع عنه بموافقته) ومفاد هذه المادة من الدستور أنها أوجبت أن يكون لكل متهم في جناية محامٍ يدافع عنه، وكان من القواعد الأساسية التي أوجبها القانون أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية، أحيل لنظر دعوته أمام محكمة الجنايات حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي، تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره، ولا تتأتى ثمرة هذا الضمان إلا بحضور المحامي إجراءات المحاكمة من أولها إلى نهايتها ليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه».
وأضاف غنيم أن «للمتهم طبقاً للنص سالف الذكر مطلق الحرية في اختيار المحامي الذي يتولى الدفاع عنه، وهو حق أصيل ومن القواعد الأساسية في الدستور، لأن حقه في اختيار محاميه قائم على ثقة المتهم فيمن اختاره للدفاع عنه، وهذا الحق الأصيل في الدستور مقدم على حق التقاضي في تعيين محامٍ له، فان انسحب المحامي المختار من قبل المتهم لسبب من الأسباب ولم يحل محله محامٍ آخر مختار منه، وجب على المحكمة طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر على أنه (يجب أن يحضر محام مع كل متهم في جناية وعلى المحامي الموكل أن يخطر المحكمة باسمه قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بأربعة أيام على الأقل. فإذا تبينت المحكمة أن المتهم في جناية لم يوكل عنه من يدافع عنه من المحامين ندبت له محاميا)».
وتابع أن «النص المذكور لم يخرج عن مضمون ما اتجهت إليه إرادة المشرع الدستوري من وضع ضمانة للمتهم الذي يحاكم في جناية بضرورة أن يكون له محاميا يدافع عنه سواء كان مختارا منه شخصيا أو كان منتدبا من المحكمة الناظرة للموضوع، إلا أن النص الدستوري قد استوجب أن يكون المحامي المدافع عن المتهم لابد وان يكون «بموافقة» المتهم، وهذه الموافقة التي استوجبها المشرع الدستوري في اختيار المتهم لمحاميه مقدمة على ما جاء بنص المادة (216) من قانون الإجراءات الجنائية الفقرة الثانية التي لم تتضمن كلمة (بموافقته) الواردة بنص (الفقرة من المادة 20) من الدستور».
وأشار غنيم إلى أن «نص المادة (216) الفقرة الثانية قد خلى من عبارة «بموافقته» فان المشرع يكون قد افتأت على النص الدستوري وأهدر حقا من الحقوق والضمانات الشخصية المقررة في الدستور للمتهم في جناية».
وانتهى المحامي عبدالرحمن غنيم في مذكرته إلى القول: «إن حال الدعوى الماثلة هي أن المتهمين فيها لم يبدوا موافقتهم على المحامين المنتدبين من قبل المحكمة طبقا لحقهم الدستوري، في الوقت الذي تعطي فيه المادة (216) لمحكمة الموضوع الاكتفاء بانتداب محام للترافع عن المتهم وحقها في السير في إجراءات التقاضي حتى لا يعرقل السير والفصل في الدعاوى الجنائية دون اعتبار لهذه الموافقة، وهو ما يمثل تناقض تشريعي بين نص الدستور ونص القانون المطبق، الأمر الذي يستوجب التدخل من المحكمة الدستورية لتقول كلمتها في مدى دستورية نص المادة (216)».
--------------------------------------------------------------------------------
طلب الالتقاء بوزير العدل
المحامي علي العريبي تحدث عن ضرورة الالتقاء بوزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة لشرح موقفه ومن يأخذ برأيه، بأنه لا يستطيع الدفاع عن متهم يرفض توكيله، وان المحامين الذين يتبنون هذا الرأي لا يرفضون الانتداب، ولكن الانتداب غير قابل للتفعيل، وبالتالي فإن هناك ضرورة لإعادة النظر في تعيينهم.
--------------------------------------------------------------------------------
طلب تجاهل موافقة المتهم
من جانبه اعترض المحامي عوض فوده قائلاً انه «لا يمكن أن تترك عملية سير القضاء بيد المتهم، وان المادة الدستورية في هذه الحال تكون غير ملزمة للقضاء، بسبب التعسف في استخدام هذا الحق الدستوري».
وقرر فوده المضي في الدعوى دون موافقة المتهمين، وطلب الإفراج عن المتهمين دون أية ضمانات، بالإضافة إلى عرضهم على اللجنة الطبية لتبيان ما تعرضوا إليه من آثار تعذيب أثناء التحقيق، الأمر الذي رفضه المتهمون بسبب أن آثار التعذيب قد اختفت عن أجسادهم.
--------------------------------------------------------------------------------
رأي المتهمين
وفي حين تباينت آراء المحامين بخصوص طريقة سير الدعوى، إذ طلب بعضهم عرض المتهمين على الأطباء الشرعيين للكشف عليهم وإخلاء سبيلهم، فيما قالت مجموعة من المحامين إنها بصدد إعداد مذكرة الدفاع عن المتهمين.
وفي ظل هذا الانقسام الذي شهدته ثالث هيئة دفاع عن المتهمين، طلب المحامي علي العريبي من المحكمة مخاطبة المتهمين لسؤالهم عن قبولهم أو رفضهم للمحامين؛ وعليه توجهت هيئة المحكمة إلى المتهمين فردا فردا وسألتهم عما إذا كانوا يرتضون هيئة الدفاع الجديدة، وكان جواب كل متهم من المتهمين بعدم الموافقة على المحامين المنتدبين، والإصرار على عودة هيئة الدفاع الأولى التي انسحبت من القضية، بسبب عدم الفصل في طلباتها.
وتحدث المتهمون إلى المحكمة موضحين أنهم لايزالون أبرياء، وأن محاميهم انسحبوا لعدم الاستجابة إلى طلباتهم الرئيسية المتمثلة في تعرض المتهمين إلى الإكراه على الاعتراف وسوء المعاملة.
وبناءً على إفصاح المتهمين برفض المحامين المنتدبين قرر كل من المحامين: علي العريبي، شهناز علي عبدالله، لؤي عبدالغني قاروني، نبيلة السيدعلوي مجيد، وتيمور عبدالله كريمي، الانسحاب من القضية ومخاطبة وزير العدل لإيضاح أسباب انسحابهم من القضية، كما طلبوا من القاضي تثبيت رفض المتهمين لتمثيل المحامين المنتدبين لهم.
--------------------------------------------------------------------------------
رفع الجلسة
بعد ذلك، رفعت الجلسة القضائية، ثم أعلنت هيئة المحكمة قرارها بتأجيل النظر في القضية حتى 20 يناير/ كانون الثاني 2011، والبدء في تقديم المرافعات الدفاعية، وإحالة المحامين الذي طلبوا الالتقاء بوزير العدل إلى المجلس التأديبي، على أن تشرع الجلسة المقبلة في المرافعات الدفاعية، الأمر الذي يعني رفض جميع طلبات المحامين التي قدمت والتي كان من بينها إحالة الموضوع إلى المحكمة الدستورية أو العودة إلى وزير العدل لإعادة النظر في الموضوع.
--------------------------------------------------------------------------------
رأي جمعية المحامين
من جانبها، عبرت رئيسة جمعية المحامين جميلة علي سلمان بعد انتهاء جلسة المحاكمة عن «عدم رضا الجمعية» بشأن إحالة 19 محاميا من هيئة الدفاع الثانية و5 محامين من هيئة الدفاع الثالثة إلى المجلس التأديبي، معتبرةً ذلك سابقة خطيرة في تاريخ المحاكمة والقضايا في البحرين.
وأضافت «أن قرار المحكمة مستعجل، وينبغي التأني فيه قبل إحالة المحامين إلى وزير العدل، وخصوصا ان المحامين طلبوا من القاضي السماح لهم بتوضيح أسباب انسحابهم إلى وزير العدل، وأنهم غير راغبين في تعطيل سير القضية، وإنما قصدوا التوصل إلى حل بشان التضارب ما بين القانون والنص الدستوري».
وقال المحامي علي العريبي: «طلبنا من القاضي السماح لنا بتوضيح أسباب رفضنا واعتراضنا عن الترافع عن المتهمين لوزير العدل، إلا أن القاضي رفض ذلك الطلب وأمر بإحالتنا إلى اللجنة التأديبية».
وكانت اللجنة الأصلية انسحبت عن قضية المتهمين برئاسة المحامي حسن رضي، تحت ذريعة أن هيئة المحكمة لا تستجيب للمطالب الأساسية التي يمكن لهيئة الدفاع أن تثبت للمحكمة الحقيقة.
وبعد قرار الانسحاب أمرت المحكمة بندب محامين للترافع عن المتهمين الثلاثة والعشرين، في الوقت الذي رفض المتهمون قبول المحامين المنتدبين، الأمر الذي جعل 19 محاميًا ينسحبون، فيما قبل أربعة محامين المضي والترافع من دون موافقة المتهمين.
--------------------------------------------------------------------------------
اللجنة التأديبية
وحددت اللجنة التأديبية المكونة من القضاة (محمد البوعينين، مانع البوفلاسة، خليفة بن جيران، والمحاميين سامي سيادي وعلي العريبي) يوم 25 يناير الجاري لمواجهة المحامين الـ19 لأخذ تبريراتهم وأسباب رفضهم عن الترافع.
واستند قرار وزير العدل بالإحالة على المادة (43) من الفصل السادس لمرسوم بقانون رقم (26) لسنة 1980 (قانون المحاماة)، والتي تنص على أن «كل محام يخالف أحكام هذا القانون أو يخل بواجبات مهنته أو يقوم بعمل ينال من شرف المهنة أو تقاليدها أو يحط من قدرها يجازى بإحدى العقوبات التأديبية الآتية: أولاً: الإنذار، ثانياً: اللوم، ثالثاً: المنع من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على 3 سنوات، رابعاً: محو الاسم نهائيًا من الجدول».
يشار إلى أن الوزارة استندت إلى أن المحامين خالفوا المادة (41) من قانون المحاماة والتي تنص على أنه «يجب أن يقوم المحامي المنتدب بما يكلف به ولا يجوز له أن يتنحى إلا لأسباب تقبلها الجهة التي ندبته وإلا تعرض للمساءلة التأديبية».
--------------------------------------------------------------------------------
أجواء المحاكمة
شوهدت قوات الأمن موجودة بكثافة عند مداخل المنطقة الدبلوماسية، بينما كانت طائرة مروحية تحلق فوق المنطقة، كما تشددت وزارة الداخلية في فحص هويات من حاولوا الدخول إلى المحكمة. وحضر قريب واحد عن كل متهم، وممثلون عن السفارات الأميركية والفرنسية والبريطانية، وعن الصحافة، بالإضافة إلى مراقب من الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وأربعة نواب من «الوفاق». وتحدث النائب سيدهادي الموسوي لعدد من الصحافيين والحقوقيين والمهتمين بعد انتهاء الجلسة، فيما تداول المحامون الآراء التي طرحت داخل المحكمة.
--------------------------------------------------------------------------------
الشملاوي: الدستور يلزم بـ «صراحة» حق المتهم في اختيار محاميه
أم الحصم - وسام السبع
جدد المحامي عبدالله الشملاوي دعوته إلى تفعيل حق المتهم في اختيار محاميه، مؤكداً أن هذا الحق كفله القانون بصراحة لا تأويل فيها. وقال: «المرء لا يجبر على ممارسة حقه، وإلا انقلب إلى زجر له؛ ما ينفي عنه وصف الحق. على أنه يجب عدم الخلط بين حق المتهم في الاستعانة بمحام، وبين حقه في التنازل عن الاستعانة بذلك المحامي، إذ إن حقه الأول مرتبط بحق آخر هو حق الجماعة في أن تكفل لأحد أفرادها محاكمة عادلة، بوصف أن العدل من مقومات كيان تلك الجماعة، فلا يجوز للفرد المساس بذلك المقوم والركن، بأن يتخلى عن حق المجتمع بإرادته هو المنفردة».
جاء ذلك في الندوة التي أقامتها جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) مساء الأربعاء الماضي، كما أعرب محامون عن استيائهم من إجراءات وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة لمحاكمة ما يسمى بـ «المخطط الإرهابي»، بإحالة هيئة الدفاع الثانية عن المتهمين إلى المجلس التأديبي إثر اتهامهم بـ «إعاقة سير العدالة».
وقال الشملاوي: «نهج الدستور البحريني على منوال الدستور المصري، فقضى في مادته العشرين على أنه: لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقاً للقانون، وأنه يجب أن يكون لكل متهم في جناية محام يدافع عنه بموافقته، وأن حق التقاضي مكفول للجميع وأكد ذلك ما ورد في ميثاق العمل الوطني في الفقرة الخامسة من البند ثانيا من الفصل الأول. وقد وردت عبارة المتهم ووكيله في عدد من مواد قانون الإجراءات الجنائية كما في المادة 84 وكذلك المادة 134 التي توجب دعوة محامي المتهم لحضور التحقيق معه في جناية، لكن الفقرة الثانية من ذات النص، جعلت المحامي مجرد صورة؛ لأنه لا يملك الكلام إلا بإذن عضو النيابة، وللأخير ألا يمنح ذلك الإذن، وما عليه سوى إثبات المنع».
وسأل الشملاوي: «هل اختيار المتهم لمحاميه حرية أم حق؟»، وقال: «الحق يتضمن رابطة إلزام قانونية بين شخصين يهيئ أحدهما للآخر مكنة استعماله ويكون ملزما بذلك. أما الحرية فهي ما يستطيع الشخص القيام به دون التزام من أحد بتمكينه من ممارسة حريته، أو هي بعبارة أخرى، مكنة القيام بعمل أو الامتناع عن عمل. فإذا أخذنا القول بأن استعانة المتهم بمحام حق، فيستلزم ذلك القول بقيام واجب على الدولة بتمكين المتهم من ممارسة هذا الحق دون معوقات... إلا أننا لو نظرنا إلى استعانة المتهم بمحام على أنها حرية، فيترتب على ذلك النظر أن يغدو المتهم حرا في أن يستعين بمحام أو لا يستعين، وينبني على ذلك ألا يقع على كاهل الدولة واجب تمكينه من الاستعانة بمحام، بل ان المتهم حر في ذلك».
وأضاف «ولما كان الوصف القانوني لاستعانة المتهم بمحام ينافح عنه على أنه حق، يستتبع التسليم له بالاختيار بين مباشرته أو تركه، بل والتنازل عنه؛ لأن المرء لا يجبر على ممارسة حقه، وإلا انقلب إلى زجر له؛ ما ينفي عنه وصف الحق. على أنه يجب عدم الخلط بين حق المتهم في الاستعانة بمحام، وبين حقه في التنازل عن الاستعانة بذلك المحامي؛ إذ إن حقه الأول مرتبط بحق آخر هو حق الجماعة في أن تكفل لأحد أفرادها محاكمة عادلة؛ بوصف أن العدل من مقومات كيان تلك الجماعة، فلا يجوز للفرد المساس بذلك المقوم والركن، بأن يتخلى عن حق المجتمع بإرادته هو المنفردة، ولكن هذا الحق لا ينفي حق المتهم في أن يستخدم حريته في اختيار المدافع أو المدافعين عنه وفقا لما يراه؛ بوصف أن ذلك من إطلاقاته كما هو المقرر دستوريا. وتأسيسا على ما تقدم ننتهي إلى القول إن الوصف القانوني لاستعانة المتهم بمحاميه إنما هو حق بالمعنى الفني الدقيق لهذا المصطلح وهو ليس حقا له وحده، بل له باعتباره أحد أفراد الجماعة التي تخضع للقانون في جميع جنبات حياتها، ومن ثم فليست رخصة يمكنه مباشرتها أو التخلي عنها متى شاء».
وأشار الشملاوي إلى أنه بالعودة إلى دستور مملكة البحرين لمعرفة نطاق هذا الحق أو مداه، فسنرى المادة العشرين منه تقول: «مادة 20 (أ) لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها. (ب) العقوبة شخصية. (ج) المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمّن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقا للقانون. (د) يحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا. (هـ) يجب أن يكون لكل متهم في جناية محام يدافع عنه بموافقته. (و) حق التقاضي مكفول وفقا للقانون».
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3052 - الجمعة 14 يناير 2011م الموافق 09 صفر 1432هـ