طفلا الدير في السجون... كيف ترضى السلطة بذلك؟
سوف يقضي طفلا الدير أيمن جعفر البالغ من العمر 11 عاماً ومحمد علي البالغ من العمر 10 سنوات، 6 أشهر في السجن بتهمة المشاركة في أعمال احتجاجية، لحظات رعب قاسية عاشاها الطفلان في أروقة المحكمة، وغربة وألم يكابداها في السجن منذ اعتقالهما في أغسطس/ أب الماضي، بينما هم في أمس الحاجة إلى العيش في أحضان الوالدين والأهل والحي والمدرسة. من هم في مثل سنهما تراهم يلعبون ويضحكون ويشاهدون التلفاز، لكن أيمن ومحمد كتب عليهما ان يمضيا جزءاً من حياتهما في السجن.
تحتجز السلطات الأمنية البحرينية أطفالاً في السجون - أصغرهم طفلا الدير - ولو أخذنا بسن الـ18 وهو السن الذي تعتبره الأعراف الدولية سن الطفولة، فإن احتجاز عدد غير قليل من ابناء البحرين الصغار يعتبر تعدياً على الطفولة، وانتهاكات واضحة لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل الصادرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1989م، إذ وقعت البحرين على هذه الاتفاقية، وصدر مرسوم أميري رقم (6) في العام 1991م، بالمصادقة عليها، وبذلك أصبحت البحرين طرفاً في هذه الاتفاقية وأصبح لهذه الاتفاقية قوة قانونية تلزم الدولة بتطبيقها والعمل بما تنص عليه من أحكام.
من يتصفح مواد هذه الاتفاقية الدولية يرى أنها تكفل حماية الطفل والاهتمام به، بل تعلق الآمال على الدولة بمراقبة تطبيق هذه المواد وتتولى أخذ التدابير من أجل حمايته من سوء المعاملة حتى من والديه ومعلميه، فكيف بالحال بمؤسسة القضاء التي يعلق عليها هذه الحماية وليس انتهاكها، فالمادة (19) تشير الى الدول تتخذ جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من جميع أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو الإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال
كما تشير المادة (40): «ان الدول الموقعة على الاتفاقية تعترف بحق كل طفل يدعى أنه انتهك قانون العقوبات أو يتهم بذلك أو يثبت عليه ذلك في أن يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة إحساس الطفل بكرامته وقدره».
إن معاناة الأطفال المحكوم عليهم بالسجن لا تقتصر على الظروف القاسية فترة وجودهم في السجن، بل تتعدَّاها إلى مرحلة ما بعد السجن؛ حيث إن هؤلاء الأطفال عند خروجهم من السجن سيكونون في حالة نفسية مضطربة وغير سوية نتيجة الخوف الذي سيرافقهم فترة طويلة من عمرهم، ومن الصعب إدماجهم في المجتمع والعودة إلى الحياة الطبيعة كما كانوا عليه قبل اعتقالهم، لأنهم حرموا من حياة الطفولة، بل اقبعوا في أربعة جدران، منعزلين عن أقرانهم مما يؤثر سلباً على انفعالاتهم ودرجة تركيزهم. فليس من العدل معالجة الأمور بمزيد من التعقيد، فالأطفال لا يتم جرهم إلى المحاكم، وليس من الحكمة سجنهم وترويعهم، وإذ كان يراد إصلاحهم، فليكن بطرق أكثر حضارية وأجدى تربوياً وتعليمياً.
إن إدارة الشأن العام نحو الإصلاح لا تتم عبر فتح السجون للصغار، إذ نحن بحاجة الى سلطة وحماية ورحمة وبعد نظر غير مسيس، فالأطفال ليس لديهم الأهلية لانتهاك قانون، فكيف بالأمن، فإن صح الاتهام ربما تكون شقاوة صغار لكنها لا ترقى لان تكون محل اتهام وعذاب.
رملة عبد الحميد
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3051 - الخميس 13 يناير 2011م الموافق 08 صفر 1432هـ