على قائمة الانتظار!
انتظر... لا يقولها إلا اثنان، أولهما من ليس لديه إحساس إذ لا يعيش الهم ذاته، وثانيهما من ليس لديه حيلة إذ لا يمتلك السلطة والقرار، لكن المعني بالأمر وهو المخاطب هو من يقاسي الأمرين إذ وجد نفسه من ضمن قائمة تنتظر، وعليه أن يعيش في حالة انتظار إلى أن يأتيه الفرج، عندها يتساءل إلى متى ونحن في قائمة الانتظار؟
هل صحيح أن الفقراء هم دوما على قائمة الانتظار؟ في العاصمة الارجنتينية «بوينوس إيريس»، هناك قوائم انتظار من نوع آخر، نوع أكثر إيلاما، وأكثر امتهانا لكرامة البشر، إذ اكتظت المطاعم الخيرية التي تقدم الطعام للفقراء بالعديد من الأطفال الذين ينتظرون على أبواب المطعم كل مساء، دون أن يسمح لهم بالدخول لعدم توافر الطعام.
تقول إستيلا إيسكيفيل - وهي عاملة في أحد المطاعم الخيرية هناك - «قلبي يتمزق حزنا أمام أولئك الأطفال الجوعى، لكننا لا نستطيع إطعام المزيد من الناس»، هذا الأمر دفع بالمطعم لان يقوم بعمل قائمة انتظار للأطفال مع أمهاتهم، إذ يقدم وجبة عشاء كل يوم لـ 160 طفلا وطفلة مع أمهاتهم، فكم يبقى من الأطفال دون طعام وهم ينتظرون إلى مساء الغد أو بعده ليأكلوا وجبتهم الوحيدة؟
كثيرون هم من يعيشون في قائمة الانتظار التي تطول وتقصر، سنوات تضيع من أعمارهم وهم قابعون على قائمة الانتظار، بعضهم يرحل وهو لايزال على القائمة فيورثها لأبنائه، بل أصبح من لا يعيش في قائمة انتظار خدمة في عالمنا اليوم هو شيء يوازي الإعجاز، في بلدنا الصغير أصبحت قوائم الانتظار كثيرة وهي طويلة الأمد والعدد، وإن كنا نأمل أن يقل عددها ويقصر أمدها، لكننا نفاجأ أنها في ازدياد وكأنها تنادي كل يوم «هل من مزيد»؟
أكثر قوائم البحرين شهرة هي قائمتا العاطلين والإسكان، لذا يتهرب المسئولون في تحديد عددها ونهايتها، فعدد من هم في قائمة العاطلين لم يعلن بعد، والتصريحات لا تأتي إلا في تحديد عدد العاطلين الجامعيين الذين يبلغون 5650 عاطلاً جامعياً، وهم المسجلون في وزارة العمل، لذا فان بعض التقارير تشير إلى أن عدد العاطلين في البحرين ربما يصل إلى 14480 عاطلاً، كذلك قوائم الإسكان لا تعرف بالتحديد ففي العاصمة هناك أكثر من خمسة آلاف طلب نسبة إلى تصريح الممثل البلدي للعاصمة ولا يوجد تقرير رسمي حول ذلك لكن القائمة كبيرة العدد، وهي من اعقد المشاكل في البحرين وخاصة مع تعطيل المشاريع الإسكانية، إذ يشار إلى أن البحرين بلا مشاريع إسكانية جديدة منذ 16 شهراً، إذا لم تقم وزارة المالية بتقديم القروض التي طلبتها وزارة الإسكان والتي تقدر بنحو500 مليون دينار لإنشاء المشاريع الإسكانية التي اعتمدتها الإسكان، وخاصة أن هناك 26 مشروعاً إسكانياً، تنتظر إشارة البدء، كما أن هناك مشاريع جمدت بسبب ارتفاع كلفة استملاك الأراضي، ومعها تطول القائمة.
وفي ظل تكدّس الطلبات الإسكانية، ومع تزايد شكاوى أصحابها في ظل ما يعانونه من مرارة العيش في بيوت متهاوية أو بيوت ضيقة ضاقت بمن فيها من البشر، وضاقوا هم ذرعا من طول الانتظار، دفع البعض للتندر على غرار شر البلية ما يضحك إذ نُشر أن شخصا سأل عالم دين قائلا: «شيخنا هل من يموت قهرا من انتظار بيت إسكان حكومي يعتبر شهيدا؟» حتى المرضى عندنا أصبحوا على قائمة الانتظار إذ تصل قائمة الانتظار في قسم الحوادث والطوارئ بمجمع السلمانية الطبي في بعض الأحيان إلى 71 مريضاً، وتعتبر وزارة الصحة أن تخفيف العدد في القائمة إلى45 مريضاً إنجاز، وإذا كان ذلك إنجازاً، فماذا يعني لهم تصفير القائمة؟
أن تنتظر يعني أن تتوقف حياتك، تتأجل أحلامك، تعيش في كبد، أمورك كلها تنتظر، وتجعل من حولك يعيشون في انتظار مثلك، تخلق لنفسك قائمة انتظار أخرى تملؤها عبر سنوات الانتظار، قد تحتوي هذه القائمة على أمور صغيرة وربما تزاحم الأمور الصغيرة أمور كبيرة، نعم أجلناها لأنها غير قابلة للتحقيق وهي تعتمد في تحقيقها على ما ننتظر من اجله، ربما نكون على حق، لكن إذا ما توقفنا قليلا، لنرى كم من الأشياء لدينا مؤجلة، كم من الأحلام والأمنيات هي الأخرى في قائمة الانتظار لم تجد لها طريقا للانطلاق، كم من الأيام سنحتاج لو فكرنا في إعادة الحسابات، لنكتشف انه قد فاتنا أوان التحقيق، فالى متى ونحن في قائمة الانتظار، وبالأحرى لم نحبس أنفسنا في قائمة انتظار؟
رملة عبد الحميد
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2960 - الخميس 14 أكتوبر 2010م الموافق 06 ذي القعدة 1431هـ