تجاوز الصعاب
إن المواطن البحريني ماضٍ نحو حقبة طويلة من الانشغال بإعادة ترتيب أموره السياسية والاجتماعية والاقتصادية، باختياره للشكل الأنسب الذي يمكنه من بلوغ تلك الأهداف مما يستدعي حتماً تأجيل البحث في أولويات سياسية على حساب الفرد. ولنعمل معاً على تجاوز الصعاب ومواجهة التحديات والمضي نحو كل ما يؤدي إلى خير وتقدم وطننا.
هذا بكل تأكيد يحتاج إلى وعي يستوعب مجمل معطيات التحولات الداخلية والخارجية برؤية تستلهم المصلحة الوطنية المعني بها جميع المواطنين والقوى السياسية والنخب الثقافية ومنضمات المجتمع المدني.
قبل أيام احتفلنا بيوم ميثاق العمل الوطني الذي ارتضاه الشعب البحريني كخريطة طريق, والذي أطلق مسيرة العمل الديمقراطي والسياسي علي أساس توافقي نقطف ثماره اليوم بعيون تتطلع لما هو أفضل.
لقد ثمن المواطن البحريني عالياً اللفتة الكريمة لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المفدى، تجاه أبنائه المواطنين ابتداء بمكرمة الألف دينار لكل أسرة بحرينية وتأهيل المتهمين المحكومين من الشباب والصغار، واستئناف صرف مبالغ دعم الأسرة محدودي الدخل للمستحقين، وإنشاء مجمع طلابي في جامعة البحرين وإضافة ألف طالب جديد إلى قائمة المشمولين بالإعفاء الكامل من الرسوم الدراسية التي يتحملها صندوق الطالب بالجامعة، وأوامر جلالته بالبدء الفوري في إنشاء مدينتين سكنيتين جديدتين بشرق سترة وشرق الحد وتنفيذ المشاريع الإسكانية في مختلف مناطق البحرين التي تتسع لـ 20 ألف أسرة، مما يشير بإشارة واضحة وقاطعة الاستمرار في نهج الإصلاحات وحقوق الإنسان بمملكة البحرين.
إننا كمواطنين وبعد مرور عشر سنوات مضيئة بميثاق العمل الوطني الذي تلاه أطلاق البرلمان, والمعول عليه بأن يقوم بالدور المرجو منه, وذلك بالبناء على الأسس المنبثقة من الميثاق لإتمام ما وصلت إليه البحرين الحديثة، وإعادة إنتاج البرلمان بنوايا الأفكار الحسنة والحيوية، التي تعتمد على معايير فكرية وسياسية عالمية معاصرة لا لبس فيها بعيدة عن التحزب والتمترس.
لذلك على الساسة أن يعلموا ليس بالذم الكثير أو بالمدح الكثير تبنى الأوطان، فالأوطان تبنى بتعميق روح المحبة ونشر التآخي وإشاعة التسامح والاحتكام لمبدأ الحوار والعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن، وبالإخلاص في العمل كلا في موقعه، كما عليهم الاضطلاع بمسئولياتهم سواء كانوا في السلطة أو المعارضة لأن الجميع شركاء في هذا الوطن, والاعتقاد بأن إلحاق الأذى والضرر سيمس البعض وسيصب في مصلحة البعض فإنه اعتقاد خاطئ، إذ يمثل هذا الاعتقاد وهم في ذهن من يقدمون حساباتهم الصغيرة على حسابات الخيارات الاستراتيجية الكبرى التي لا تتحقق إلا بالأمن والاستقرار المبني على استشعار المسئوليات التي ينبغي على كل طرف الإيفاء بها، والتعاطي مع القضايا والمشاكل والهموم بنظرة واسعة تستشرف ما وراء المظاهر السياسية المجيرة لفهم أية ممارسة تدفع نحو زعزعة السكينة العامة وتهدد السلم الاجتماعي لا تصب في مصلحة الوطن.
فها نحن نحتفل بذكرى يوم الميثاق, إلا من الممكن أن تمر سنوات قبل أن تتضح التجربة البهية لهذا الميثاق، أو يتم إدراك النقلة التي تشهدها البحرين بعد ما تحقق من ميثاق العمل الوطني وتلاه، ويمكن أن يتخللها الكثير من التناقضات المضادة والخيبات المواكبة، لكن هذا العهد «الميثاق» سيظل علامة فارقة في تاريخ البحرين الحديثة، ومنارة مضيئة للمواطن البحريني، فلا يخفى على أحد بأننا كمواطنين نترقب كل مناسبة وطنية لتقييمها للبناء على نتائجها.
فلله الحمد والمنة أن المناسبات الوطنية لا تخلو من اللفتة الإنسانية المتعلقة بقيمة الإنسان. لذلك وجب القول إن العمل نحو مستقبل أفضل بديمقراطية حديثة يتطلب العمل ثم العمل وإن نعلم بأننا ما زلنا في بداية طريق طويل، ممكن اختصاره شريطة صدق النوايا والعمل الجامع، الذي سيؤدي بما لا يدع مجال للشك بلوغ الأهداف المرجوة.
حفظ الله البحرين.
سلمان ناصر
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3085 - الأربعاء 16 فبراير 2011م الموافق 13 ربيع الاول 1432هـ