أيها الوفاقيون... عودوا إلى البرلمان
نعم، قد يندهش الزملاء في جمعية الوفاق من هذا العنوان، لأنني لم أتحدث معهم عنه قبل كتابة هذا المقال... ولكن أعتقد أنه آن الأوان لنواب الوفاق (وكذلك أعضاء المجالس البلدية) أن يراجعوا خطوة الانسحاب والاستقالة من مناصبهم التي وصلوا إليها بالانتخاب، فالظروف الآن تتطلب العودة إلى السلطة التشريعية نظراً إلى دورها الخاص في هذه المرحلة الصعبة جداً.
أطلب منهم أن يعودوا ليلعبوا دورهم الإيجابي في حماية بلادنا من مخاطر التمزق، إذ لا فائدة من مكتسبات سياسية إذا كان المجتمع سينشطر وسيتفرق. نعم لقد اضطررتم إلى مقاطعة مجلس النواب في فترة حالكة مرت على البحرين، وهذه الفترة أصبحت لها تبعات مأساوية... ولكن وضعكم يختلف عن المناصب الأخرى التي تأتي بالتعيين. فالنائب منتخب من قبل الشعب، وهذا التكليف الشعبي يستمر حتى انتهاء الفترة التي انتخبكم من أجلها الشعب، وعدم تواجدكم في مجلس النواب فتح الأبواب إلى مزيد من دعوات التمزيق أكثر مما فتح المجال لتحقيق أي مطلب مشروع آخر.
إن وجودكم في البرلمان أفوَد لبلادكم ولشعبكم (بكل فئاته) من وجودكم خارج البرلمان، وأفضل للمستقبل الذي نسعى جميعاً من أجل تحسينه... أما بقاؤكم خارج المجلس فإنه يخلق فراغاً لا يبدو أن بالإمكان ملؤه ببساطة، هذا في الوقت الذي تمر فيه البلاد بحالة طوارئ لم تعرفها البحرين منذ الاستقلال.
ومن جانب آخر، فإن وجودكم داخل المؤسسة التشريعية يفسح المجال لكم لكي تنفتحوا على خيارات الحوار والتهدئة ومنع الوضع من الانزلاق أكثر إلى مصائب يصعب التنبؤ بما ستؤول إليه في النهاية.
البحرين أمانة في رقابنا جميعاً، وعلينا جميعاً أن نعي خطورة ما حدث، وخطورة استمرار الوضع المتأزم... فالبحرين جزء لا يتجزأ من مجلس التعاون الخليجي، وفي الوقت الذي لا يوجد خطر داهم على استقرار النظام السياسي، كما لا يوجد تهديد على المديين المتوسط والبعيد بالنسبة إلى الاستقرار الاقتصادي (وذلك بسبب الدعم الخليجي المستمر لاقتصادنا)، ولكن الخطر الحقيقي يكمن في التمزق المجتمعي. والأخطر من ذلك هو أن ما يحدث في البحرين من فتنة طائفية قد تنتقل بسرعة إلى باقي دول المنطقة إذا لم نستطع معالجة الأزمة. ولذا، فإن من مصلحة جميع دول التعاون أن تعالج الأزمة البحرينية في شقها الاجتماعي، ويجب أن نمد أيدينا لكل المساعي الخليجية الخيرة لإخراج البحرين من مأزقها الحالي... ومن أجل كل ذلك، أوجّه لكم دعوة قلبية بأن تعودوا إلى المجلس المنتخب، لأن صلاحياته مستمدة من الشعب مباشرة، وأن تمارسوا دوركم في هذه الفترة الحالكة، والتاريخ سيحكم لصالح مواقفكم الشريفة التي لا يمكن المزايدة عليها
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3125 - الإثنين 28 مارس 2011م الموافق 23 ربيع الثاني 1432هـ