مشاكلنا وحلولنا «صناعة بحرينية»
مشاكلنا الجمة التي تزداد يومياً نابعة من قضايا محلية بحتة، والحلول يجب أن تكون أيضاً نابعة من البحرين. وحالياً، فإن البحرين بحاجة إلى أن تتضامن مع بعضها البعض لمنع انقسام المجتمع نفسياً وفعلياً، وإذا حدث الانقسام فلن ينفعنا التضامن الخليجي في المجال العسكري أو الاقتصادي. نعم، التضامن الخليجي قد يحمي الأمن الخارجي للبلاد، وسيساعدنا اقتصادياً بصورة مباشرة وواضحة، ولكن يبقى أن قضيتنا إنما هي سياسية بامتياز، والمعالجة الأمنية إذا كانت خارج سياق الحل السياسي فإنها لن تستطيع أن تقدم حلاً للأزمة الحالية.
نرى حالياً أن هناك تصعيداً للجانب الإقليمي فيما يتعلق بالبحرين، كما نرى أن الاتهامات الخطيرة بدأت تنطلق لتبرير المعالجة الأمنية الحالية، ولكن هذا التصعيد إنما يُعقّد الوضع أكثر. ففي نهاية الأمر فإن جوهر الحل يتطلب استعادة مجتمع البحرين عافيته، واستعادة اقتصاد البحرين عافيته، وهذا يتطلب - كما أشار أصدقاء البحرين جميعهم - حلاً سياسياً يعتمد الحوار، وأنا من المؤيدين لأن يكون الحوار من دون شروط تعقيدي، وعلى أساس المبادئ التي طرحتها مبادرة ولي العهد.
ولو نظرنا إلى مناشدة مجلس جامعة الدول العربية (على مستوى المندوبين الدائمين) التي صدرت أمس ووجهت إلى جميع الأطراف المعنية في البحرين، فإنها طالبت الجميع بـ «التوجه نحو الحوار الوطني الجاد والبنّاء الذي دعا إليه ولي عهد مملكة البحرين بدون شروط مسبقة». وقال مجلس الجامعة العربية في ختام اجتماعه غير العادي أمس إن الحوار «يهدف إلى إعادة الاستقرار للمملكة والعمل على إنجاز الإصلاحات المطلوبة وتحقيق الآمال والتطلعات التي يصبو إليها الشعب البحريني». كما أعرب المجلس عن أسفه لسقوط الضحايا من أبناء الشعب البحريني، مؤكداً حرصه على ضرورة تضافر الجهود للحفاظ على الوحدة الوطنية وتحقيق الوفاق الوطني بين مختلف مكونات الشعب البحريني، وأكد مجلس الجامعة على «الرفض التام لأيّ تدخل أجنبي في الشئون الداخلية للبحرين وعلى التمسك بالهوية العربية الإسلامية للشعب البحريني»، منوهاً بشرعية دخول قوات درع الجزيرة إلى مملكة البحرين وذلك انطلاقاً من الاتفاقيات الأمنية والدفاعية الموقعة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لحماية المنشآت الحيوية في البحرين.
ويوم أمس أيضاً نقلت وكالات الأنباء أن وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو «ننصح البحرين بإجراء إصلاحات ديمقراطية بأقصى سرعة»، كما أن رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان قال في خطاب له: «نحن متخوفون من أحداث البحرين في أن تتحول إلى أحداث مذهبية، التغيير مطلوب، ولكن أن يتحول التغيير إلى صراع مذهبي فإننا نخشى من نتائج سلبية».
وأعتقد أن علينا أن نستفيد من كل المساندات التي نحصل عليها من أصدقاء البحرين لمنع التشطير المجتمعي، وللبحث عن وسائل سياسية لحل الأزمة، ولاسيما أن البيئة البحرينية تعودت على الحلول الأمنية والتحشيدية والتشهيرية، ولكن جميعها فشلت، ونحن نرى كيف أدت هذه الحلول غير الواعية إلى أن تصل البحرين إلى ما وصلت إليه. إن علينا أن نستفيد من تجارب الماضي، ونستفيد من مساندة الأصدقاء للخروج بحلول سياسية بحرينية، بعيدة عن التهويل والهرج والمرج
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3120 - الأربعاء 23 مارس 2011م الموافق 18 ربيع الثاني 1432هـ