الانتخابات ليست فيلماً للرعب
في 8 أغسطس/ آب 2010، أعلنت الحكومة أن 23 أكتوبر/ تشرين الأول سيكون موعدنا مع الانتخابات النيابية والبلدية. ومباشرة بعد ذلك، في 13 أغسطس، اعتمدت الدولة استراتيجية «القبضة الحديدية» لمواجهة جماعات المعارضة التي تعمل خارج إطار العملية السياسية، كما فهم ذلك من تصريحات المسئولين المختلفة. وتزامن كل ذلك مع بدء شهر رمضان الذي امتلأت فيه الشوارع (لمدة أسبوع تقريباً) بإعلانات ولافتات مرعبة، ودخل تلفزيون البحرين عهداً جديداً من خلال بث تقارير مصورة عن أحداث أمنية كانت تحدث هنا وهناك وبثها بشكل مرعب. وبالإضافة إلى ذلك شنت عدة جهات حملات إعلامية موجهة تصور المشهد البحريني وكأنه «فيلم رعب» لا ينافس ما يحدث في أفغانستان والصومال فقط، وإنما أيضاً ينافس أفلام المخرج الراحل ألفرد هيتشكوك.
أفلام الرعب – بحسب التعريف الرسمي لها – هي أفلام تسعى لانتزاع مشاعر الاشمئزاز والخوف والرعب من المشاهدين، وإحدى سمات أفلام الرعب هي إحداث الفزعة والقفزة والهلع المفاجئ لدى المشاهدين، بحيث تبقى الدهشة المروعة في خيال المشاهد لفترات طويلة، والذين لا يحبون أفلام الرعب ولكنهم يتورطون بمشاهدة أحدها، فإنهم يصابون برعب الكوابيس في النوم، وتؤثر عليهم في تعاملاتهم اليومية؛ لأن عقلهم الباطن لا يتحمل المخاوف الخفية التي تبعث على الاشمئزاز والرعب من المجهول.
انتخابات العام 2010 يمكن تشبيهها بإدخال شعب البحرين بأكمله إلى قاعة سينما كبيرة، وإرغامه على مشاهدة فيلم رعب بعد خمسة أيام فقط من الإعلان عن موعد الانتخابات. ولست هنا لكي أنتقد أو أؤيد، فلعل البعض اعتقد أن التخلص من الإزعاج المنطلق من الجماعات التي تعمل خارج العملية السياسية لا يتم إلا من خلال هذا الأسلوب. ولكن ربما يتفق معي الكثير – من مؤيدي أو معارضي القبضة الحديدية – أن إدخال البحرين في أجواء أفلام الرعب لا يخدم سمعة البحرين على المديين المتوسط والبعيد (هذا إذا خدمها على المستوى القريب والمباشر).
إن بعض المشاهد المرعبة تصلح لأن تسجل رسمياً بهدف حفظ «حقوق الملكية الفكرية»، ويمكن عرضها للمنافسة في مهرجانات أفلام الرعب؛ لأنها – حتى لو كانت صحيحة – خلقت حالة من الهلع لدى من يعيشون خارج البحرين أكثر من الذين يعيشون بداخلها. وبما أننا نشهد حالياً انخفاضاً في وتيرة الأوضاع الأمنية، فإن من حقنا أن نطرح تساؤلات تنطلق من حرصنا وحبنا لبلدنا، وتنطلق من استشعارنا بالمسئولية التي لولاها لكان من الأفضل غلق الأعين والآذان، وترك الأمور تسير كما تشاء من أي جانب. إننا جميعاً مسئولون عن أمن واستقرار البحرين، ومسئولون عن الالتزام بحكم القانون والمؤسسات، ومسئولون عن حماية الحريات العامة والحقوق الأساسية، ومسئولون عن ترويج سمعة البحرين السياسية والاقتصادية بصورة إيجابية وعقلانية.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2951 - الثلثاء 05 أكتوبر 2010م الموافق 26 شوال 1431هـ