دلالات
غسيل الأموال هل هي جريمة ؟
هناء مكي
هناء مكي
كثيرون لا يعرفون عن "غسيل الأموال" سوى اسمها الذي تم تداوله بنطاق واسع بعد اكتشاف أول عملية على هذا المستوى في البحرين.
لم تكن عملية تبييض الأموال أو "غسلها" جريمة يعاقب عليها القانون منذ أن ظهرت كأيدلوجية اقتصادية لدى أرباب السوابق والعصابات، فأول من أجرى عملية غسل أموال قيل انه مصرفي يعمل محاسبا لدى زعيم اكبر عصابة "المافيا"،يدعى "ميرلانسكي"منذ 1930، إذ يقوم هذا الأخير بتحويل النقود التي تجنيها العصابة من عمليات بيع المخدرات أو القمار أو تجارة التهريب أو الأنشطة الإباحية والرقيق، والسرقة والاختلاس والفساد المالي وغيرها من عمليات غير مشروعة ولكنها مربحة جدا ومشكلتها أن مدخولها من الفئات النقدية الصغيرة، فلا يمكن صرفها في أنشطة كبيرة لذا يتحتم صرفها بوسائل أخرى كإعادة إدخالها في البنوك، عبر إبدالها بشيكات "عادية" أو سياحية أو حوالات مالية، ومع التطور التكنولوجي باتت الوسائل في متناول اليد الالكترونية كبطاقات الائتمان مثلا وتداول العملات وحتى الأسهم، وكذلك عبر عمليات المقاصة والتسوية وإدارة الأنشطة الاستثمارية، وتلك تكون المرحة الثانية فلأنها جريمة لابد أن تمحى آثارها، بعملية "غسل" عبر الدخول في مشاريع تجارية، للتمويه و"تطهير" أموالها والتغطية على مصادرها المشبوهة.
المهم أن عملية غسل الأموال أعدت من الجرائم المحرمة والتي يتم مكافحتها بعد أول دعوة قضائية أمام المحاكم الأمريكية عام 1982، وكان الاعتقاد بأنها تقتصر على أموال المخدرات وحسب، ولكنها اتسعت لتجرم عمليات الفساد المالي والإداري لمسئولين ومتنفذين، وأخذت نطاق أوسع بعد قضية ( رئيس الوزراء الأوكراني السابق) لوزارينكو عام 2000 وإدانته بأنشطة غسيل الأموال بقيمة 880 مليون دولار من قبل القضاء السويسري، اثر استغلاله وظيفته كرئيس وزراء، تلقى خلالها مبالغ نقدية ورشاوى لتسهيل عمليات عدد من الإفراد والمؤسسات، وتعد هذه القضية أول قضية وفق قانون غسيل الأموال الأمريكي تستخدم الإجراءات فيها بشأن أنشطة ارتكبت خارج الولايات المتحدة وتتعلق بشخص من خارجها .
محليا ومنذ فترة بعيدة كنت على وشك البدء في تحقيق عن عمليات غسيل أموال تجري في السوق البحرينية بالتحديد بعد الأزمة المالية العظيمة وزاد الأمر رعونة بعد أزمة دبي الأخيرة، ما حدا بالكثير من العصابات الدولية أن تتخذ من البحرين بدل دبي محطة لغسيل أموالها،وتحسب انها في أمان، وجرى الحديث عن مشاريع مختلفة مع شركاء أجانب بالملايين، ولان ليس هناك دلائل فما وصلنا كان يعتمد على أقاويل يتم تناقلها عن ممارسة البعض عبر مشاريع أو شراكات.. الخ من عمليات تجارية.ولأن مثل هذه الجرائم يُساءل عنها القانون ولا يمكننا التحقق فيها، والحديث عنها لن يخرج من نطاق العموميات التي لا طائلة منه، كما ان الحفاظ على سمعة البحرين التي بالطبع نخشى عليها كثيرا، جعلتني أتريث.
ولكن ومع ما حدث من تجليات ندعو أن تكون تلك بداية لتطهير حقيقي فنحن نجزم أن هناك الكثير، وان تخرج العملية من نطاقها الاقتصادي وتأخذ بعدها الأمني ليخشى ممن ينون تبييض أموالهم هنا من العاقبة.