تهويد القدس العربية يتواصل
الجمعة أبريل 22 2011 - حديث القدس
تستمر، في غياب الاهتمام العربي والدولي، عملية التهويد الممنهجة في القدس الشرقية. ولا يتوقف المستوطنون عن تنفيذ مخططاتهم بالاستيلاء على المزيد من البيوت والعقارات الفلسطينية في المدينة المقدسة. كل ذلك تحت سمع وبصر الحكومة الاسرائيلية، التي تبارك وترعى حركة الاستيطان المتصاعدة، وتشارك فيها بفعالية.
فبعد المصادقة على إقامة المئات من الوحدات السكنية الاستيطانية في القدس، شرع المستوطنون في حملة هدفها الاستيلاء على ٢٧ منزلا يقيم فيها فلسطينيون في حي الشيخ جراح، وستؤدي هذه الحملة، إن نجحت، إلى طرد وتشريد عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها، في الحي الذي يقيمون فيه منذ أكثر من ثلاثة وستين عاما.
وفي الوقت الذي تفتش فيه الحكومة الاسرائيلية دفاترها القديمة، المشكوك في صحة محتوياتها وصدقيتها، من أجل اصطناع ذريعة لسرقة هذه المنازل الفلسطينية، فهي ترفض التعامل مع طلبات المئات، إن لم يكن الآلاف من المقدسيين، الذين يملكون بيوتا وعقارات في القدس الغربية، ويحملون مفاتيحها في جيوبهم، لاستعادة تلك البيوت والعقارات، مع أن وثائق ملكيتها كتبت زمن الانتداب البريطاني، وبالتالي فهي موثوقة أكثر بكثير من الأوراق التي يتقدم بها المستوطنون لادعاء ملكية البيوت المهددة في الشيخ جراح.
وليس من العدل أو الإنسانية طرد العائلات الفلسطينية التي تقيم في هذه المنازل، والتي نشأ أبناؤها وبناتها فيها، وتزوجوا فيها وأنجبوا أولادا وأحفادا هناك، وارتبطوا بهذه البيوت نفسيا واجتماعيا، ليس من العدل أن يُطردوا منها بين عشية وضحاها، ليسكنها أناس وافدون لا تربطهم بهذا الحي أي صلة، وهناك حكومة اسرائيلية قادرة على توفير السكن لهم- إن كانوا أصلا بحاجة لسكن، بدلا من التنغيص والتنكيد على المواطنين الفلسطينيين بهذه الطريقة الاستفزازية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يُستهدف فيها حي الشيخ جراح بهذه الهجمة الاستيطانية، فقد سبق أن أخليت منازل عدة في هذا الحي من سكانها الشرعيين الفلسطينيين، ليحل محلهم مستوطنون تتوسع دائرة وجودهم بشكل مطرد، ليشكل هذا الوجود خطوط اتصال بين منطقة الجامعة العبرية والقدس الغربية، وهو ما تحدثت عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية منذ أعوام.
كما أن هناك أحياء أخرى في القدس الشرقية تتعرض للتهويد، منها راس العامود وسلوان فضلا عن البلدة القديمة من القدس العربية.
ومن الملاحظ أن الحكومة الاسرائيلية تستغل تسليط الأضواء الإعلامية الدولية على أحداث ما يسمى بالربيع العربي، من أجل تسريع هجمات المستوطنين داخل الأراضي الفلسطينية عامة وفي القدس على وجه الخصوص. وهذا ما يتطلب من السلطة الفلسطينية التحرك دون توقف لإبقاء القضية الفلسطينية، وما تتعرض له من تهديد من خلال التوسع الاستيطاني الزاحف باستمرار، في صدارة الاهتمامات العربية والدولية.
ومن واجب ومسؤولية المجتمع الدولي أن لا ينشغل بأحداث المنطقة، على أهميتها، عن معاناة الشعب الفلسطيني التي سجلت رقما قياسيا في طول مدتها، وشدة وطأتها. فالتهويد في القدس الشرقية مستمر منذ أربعة وأربعين عاما، وهو يتصاعد خلال الأعوام الأخيرة بشكل غير مسبوق. والسؤال هو :إذا تخلت الأسرة الدولية عن مسؤولياتها في إنهاء الاحتلال والاستيطان، فلمن يتجه الفلسطينيون، ولمن في هذا العالم، المنحاز لاسرائيل، يشتكون؟