<h1>رسالة من دوار اللؤلؤة إلى فضيلة الشيخ المحمود
</h1>
<div class="art_info">
الوفاق - الكاتب عباس المرشد - 24/02/2011م - 1:51 ص | عدد القراء: 5819</div>
<div class="news_pic">
</div> <div class="art_body">
"
إن دمنا يا فضيلة الشيخ ودم كل مواطن وكل إنسان في رقبة فتواك وفتوى علماء
أهل السنة، ويدنا مفتوحة لكم إذا ما وجدنا أنكم تنظرون لدمنا وشهدائنا
كشهداء لا قتلى أو ضحايا وقع الاشتباه بهم أو بتعبير وزير الخارجية أن
سقوط ضحايا في اي مظاهرة أمر طبيعي فبادر وأكمل رسالتك إلى الأجهزة
الأمنية وإلى وزير الخارجية أن لا يسترخص دمنا ودم أبناء الوطن"
لم يكن هناك ما
يثير القلق في اجتماع جماعة الفاتح والدعم الرسمي والعلني لتغطية هذا
الاجتماع من حيث التحشيد له ومن حيث الدعم الرسمي والنقل المباشر لفعاليته
قبل أن يبدأ. المسألة أبعد من أن تكون لحظة اجتماع وطني يمد يده لأبناء
الوطن، المسألة التي أثيرها الآن لماذا تصطف الدولة بكل أركانها مع دعوة
جماعة أكن لهم احتراما كأبناء وطن واحد واختلف معهم تماما في الاستمرار
بوضع لمسات ديكورية على أوضاع متخشبة يجب قلعها لا التهادن معها. ولا توفر
نصف تلك الإمكانيات لتغطية ونقل فعاليات أجمع العالم على سلميتها وحقها في
مطالبها ؟
فهل الذين في الدوار مجموعة من الخارجين
والمارقين وسراق الوطن؟ هل ورد في حق أحدهم فسادا في أموال الدولة لتعطي
وزير الثقافة ردا سخيفا على صرفها ثلاثة ملايين دينار لحفل العيد الوطني
أن ذلك معجزة وأن ذلك الصرف تم بمعرفة الديوان الملكي وأمره؟
نعم هناك في أي انتقال ديمقراطي جزء من
القديم وشيء كثير من الديمقراطية يجب أن تحتويهما خلطة التغيير، إلا أن
إفشال المطالب الديمقراطية وحصرها في حدود ضيقية تكاد لا ترى وتهويل
الفتنة الطائفية هو ما يجعل من دعم الدولة لهكذا خطاب مسألة جديرة
بالمناقشة اعتقد أن الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود يعرفها جيدا. وليسمح
لي فضيلة الشيخ أن أعلق على خطابه بما سنحت لي الفرصة.
فضيلة الشيخ كان لك مواقف وطنية وإن
اختلفنا في تفاصيل بعضها وكان منشور الدعوة للإفراج عنك في اعتقالك على
إثر محاضرتك في الكويت سنة 1992 ودعوتك للإصلاح السياسي من أوال المنشورات
التي كنت أنا شخصيا أوزعها وحتى كاسيت تلميذك الشيخ عادل المعاودة الذي
طالب فيه بمحاكمة وزير الإعلام بدلا من محاكمتك واعتقالك كنت استمع له
وانشره ونحن نعرف قبضة أمن الدولة آنذاك. كانت يدنا نحن الممدودة وكانت يد
العلامة القائد الشيخ عبدالأمير الجمري مفتوحة وفي أكثر من مرة حثنا على
زيارة مجالس أهل المحرق والحديث مع أخواننا أهل السنة فيها، ولا تزال يد
المعتصمين في دوار اللؤلؤة مفتوحة وداعية لبناء دولة الجميع فعند ذكر أهل
السنة في دوار اللؤلؤة تعلو شعارات الوحدة الوطنية وترجف الأيدي من حرارة
التصفيق أما الذي حدث الليلة فعلامة الاستياء كانت بداية على ملامح وجهك
وكأن بعض الحاضرين خيبوا أملك ووضعوط في موقف محرج ذكرني بمواقف 14 آذار
عند ذكر أسم المقاومة. فحتى شعار لا سنية لا شيعية وحدة وطنية أقمع وأسكت
ولم نسمع من عريف الحفل وشريكه دعوة لتكراره فكان حريا بالشيخ المعاودة أن
يبح صوته في تكراره بدلا من تكرار سمعا وطاعة شيخنا !
فضيلة الشيخ المحمود كنت تنوي اجتماعا
وطنيا وحدث لك تجمع لا مثيل له في تاريخ أهل السنة في البحرين لا في تاريخ
الوطن ففي 1954 كان اجتماع مسجد مؤمن واجتماعات المنامة اجتماعات وطنية
بامتياز، التجمع الذي حدث الليلة اختزل وظهر على أنه تجمع لفرد أيا كان
أسمه ملك البحرين أو رئيس حكومة البحرين أو إن توسع شمل العائلة المالكة
بأكملها وكنت تعرف أو لا تعرف فقد كان تلفزيون البحرين الراعي الرسمي في
النقل المباشر يضع شريطا أسفل الشاشة عنوان " 300 ألف يجددون البيعة
والولاء لملك البلاد" فعن أي اجتماع وطني نتحدث أو كنتم تتحدثون.
لنتفق الآن يا شيخنا على وجود أزمة
حقيقية لا تعالج بخطاب هنا أو هناك ولنتفق على أرضية الحل لها كما يفرضها
العقلاء وأهل الحل والعقد المخلصين. الأزمة هي أزمة الشرعية ولن يرف لنا
جفن حتى نبني شرعية حقيقية تستوعب كل أبناء الوطن فالشرعية القائمة لا
تستوعب إلا جزءا أو قسما أو صنفا أو جماعة من أجزاء وأقسام وأصناف وجماعات
الوطن. الشرعية القائمة ممثلة في دستور 2002 شرعية باطلة مبنية على
الانفراد والاستعلاء على إرادة الشعب ونحن نريدها إرادة شعبية خالصة يكون
الحاكم فيها فردا من أفراد الشعب دمه أحمر كدمنا وذاته محترمة كذاتنا
يحمينا جمعيا قانون واحد. الشرعية التي ننشدها وبذل شبابنا في سبيلها الدم
الغالي والعرض الشريف وكل ما يملك هي شرعية الوطن لا شرعية الرعايا.
فضيلة الشيخ إن طاعة ولي الأمر في
الفقه والسنة واجبة لكنها تصبح حراما في مواضع معصية الخالق وعند تعارضها
مع إردة الأمة. ولتكون يا فضيلة الشيخ المحمود والشيخ المعاودة الذي كان
على اليسار والدكتور عبداللطيف الشيخ الذي كان على اليمين واضحين في هذه
النقطة وليطلع أخواننا أهل السنة وبالتحديد الأخوة العاملين في الأجهزة
الأمنية على أن إطلاق النار والرصاص الانشطاري والرصاص الحي على أفراد
الشعب وعلى المسيرات السلمية وعلى المحتجين أيا كانت توجهاتهم هي معصية
للخالق ولا طاعة لولي الأمر فيها وأن الضابط والقائد الركن أو المشير لا
طاعة لهم في هكذا حالات. اما رفض العنف وانتم خلاصة علماء أهل السنة
ومحاولة بعض من يقف على يمنيك ويسارك بمساواة الضحية والجلاد فلا أعتقد أن
يكون ذلك علامة على جدية فتح اليد ومدها وهذه دمائنا لم تجف وجثمان شهيدنا
غير مشيع واصحاب السيارات الفارهة يطلقون الأغاني وصيحات الفرح بعد خروجهم
من ساحة جامع الفاتح، أترى يا شيخنا عمق القضية وأنها لا تحل بخطاب.
إن دمنا يا فضيلة الشيخ ودم كل مواطن وكل
إنسان في رقبة فتواك وفتوى علماء أهل السنة اليوم ويدنا مفتوحة لكم إذا ما
وجدنا أنكم تنظرون لدمنا وشهدائنا كشهداء لا قتلى أو ضحايا وقع الاشتباه
بهم أو بتعبير وزير الخارجية أن سقوط ضحايا في اي مظاهرة أمر طبيعي فبادر
وأكمل رسالتك إلى الأجهزة الأمنية وإلى وزير الخارجية أن لا يسترخص دمنا
ودم أبناء الوطن.
ولتسمح لي فضيلة الشيخ المحمود في
التعليق على نقطة واحدة من نقاط عديدة شملتها رسائل خطابك وهي التدخل
الخارجي الذي ألهب حماسة الحاضرين. نعم لدى قطاع واسع من أهل السنة ومن
أهل الشيعة أيضا أن تكون الأحداث الحالية فرصة لتدخلات خارجية متناقضة
وهناك خشية أشد من خشية من كان يقف على جانبك من أن تكون ثورة 14 من
فبراير بداية لتحويل البحرين إلى عراق آخر على أساس اقناع الناس أن
البحرين خاصرة الخليج العربي وحائط برلين بين السعودية وإيران. كلنا نفهم
هذه المخاوف أما الفارق في التعاطي معها فهو التالي: كان التدخل السعودي
سافرا ومهددا مقابل بعض التدخلات الأخرى التي وإن وجدت فهي غير واضحة وأنا
أنفيها نفيا قاطعا فالذي حدث هو شعور كرامة وشعور عزة وشعور إرادة في وضع
حد نهائي لأزمات بحريننا العزيزة وأنا وكل من يقف معي يرفضها كما رفضنا
التدخل السعودي وتدخل الدول الخليجية الأخرى. أما خطاب جامع الفاتح فكان
مخيبا للأمال فرحب بالتدخل السعودي وبشر به وقدم باقة ورد له وفي المقابل
أوحى للحاضرين أن المعتصمين في دوار اللؤلؤة مربوطين بأجندات خارجية. أقول
أوحى لأكون دقيقا رغم قناعتي بوجود قناعة أخرى لدى من وقف على جانبيك
وتصريحاتهما المتكررة بوجود امتداد خارجي يحرك الثوار في ثورة 14 فبراير.
إذا كانت الشجاعة هي توجيه الاتهام لإيران أو مجموعات في النظام الإيراني
فقد قلناها مرارا وقالها المعتصمون في دوار اللؤلؤة " أننا في خندق واحد
هو خندق الوطن وأن لا أجندة خفية أو جهة خارجية تقف وراء تلك الجموع التي
فاقت وتفوق اجتماعات ومسيرات الولاء. لا داعي لتكرار أيقونة الوحدة
الخليجية والتلاحم الخليجي مع اعتزازي شخصيا بهذه السمة ولكن أن ترفض
الإصلاح السياسي وتقيده وتجعله نشازا عن تطورات المنطقة العربية فهو أمر
يثير علامة استغراب بحجم ساحة جامع الفاتح فالدول العربية جمعيها تحررت من
السلطوية وبقيت دول الخليج عصية على التغيير الديمقراطي فهل يرضى الشيخ
المحمود أن يكون شعب الخليج بوحدته آخر الشعوب العربية وأشدها تخلفا من
ناحية سياسية؟
اعتقد أن اجتماع الليلة كان مهمة ربما
أنجزت وربما كان على القائمين عليها التريث لبعد غدا لحصد نتائج عملية
وهمية على غرار عملية الرد الحاسم التي انتهت بمجرزة ستبقى معلقة في رقبة
اللآمر لها وعقابا صارما على منفذها.
قلناها مرارا وسنعيد تكرارها حوارنا هو
دستور عقدي يكتبه شعب البحرين. أما ازمة الإسكان والخدمات والدعارة والربا
فكلها قرارات سياسية تحل في غضون ساعات ولا تحتاج لحوار.
</div>