القصة الكاملة لهروب عناصر حماس وحزب الله من سجن المرج بمصر
إطلاق نار كثيف.. تتساقط الرصاصات في بهو السجن الواسع.. التصق هو ورفيقاه في الحجرة الضيقة بالحائط خوفا من رصاصة طائشة تخترق النافذة وتسكن جسد أحدهم، تبادل ثلاثتهم النظرات، انسل من بينهم شيخ ستيني بدا أكثرهم جرأة يدعى حسن المناخلي، لجأ إلى ركن مظلم وراح يفكك سخان ماء كهربيا يصنعون فيه الشاي واستخرج من قاعدته هاتفا محمولا أعيا ضباط السجن الوصول إليه، وبعد مكالمة قصيرة، أومأ المناخلي (المتهم المصري الثامن في قضية حزب الله) برأسه في إشارة ذات مغزى إلى رفيقيه أيمن إبراهيم وسلمان كامل، وعلى الفور شرع ثلاثتهم في تحطيم باب الزنزانة مستغلين طفايات الحريق وقوائم الأسرة، تفهم بقية المساجين ما يحدث وفي غضون دقائق كان جميع نزلاء عنبر «التجربة» في سجن المرج العمومي قد وصلوا إلى البهو الرئيسي مرددين بصوت عال «الله أكبر.. الله أكبر»، ظن المساجين في العنابر المجاورة أنه احتفال بالحرية الوشيكة إلا أن أعضاء هذا العنبر فقط كانوا يعرفون مغزى هذا الهتاف.. إنه كلمة السر المتفق عليها.
هروب 504 سجناء يوم الأحد 30 يناير، من سجن المرج، وفق مدير العلاقات العامة لمصلحة السجون، ظل لغزا عصيا على الفهم فيما كان تدبيرا محكما لتهريب المساجين، لاسيما السياسيين منهم حسب النتائج التي توصل إليها هذا التحقيق الذي دام ستة أسابيع.
إذ استغل أهالي المسجونين انشغال الأمن المصري بأحداث الثورة وهاجموا السجن لإطلاق سراح ذويهم، واستغل المسجونون السياسيون الفرصة ذاتها للاتصال بمنظماتهم لتدبير الهروب ليس فقط من السجن بل من مصر كلها، وهذا هو مربط الفرس الذي أثار لغطا طويلا وسط اتهامات للشرطة بفتح السجون لإثارة الذعر بين المواطنين لإحباط الثورة واتهامات لحركتي حماس وحزب الله بانتهاز الفرصة لإطلاق سراح أعضائهما المدانين بأحكام قضائية ويقضون عقوباتهم في السجون المصرية.
كما كشف التحقيق أن تأخر وصول الإمدادات من قبل وزارة الداخلية والجيش، وانعدام الخبرة لدى جنود الحراسة، أديا إلى تسهيل المهمة. ضم سجن المرج خلف أبوابه مجموعة من أهم المساجين السياسيين على رأسهم محمد يوسف منصور الملقب بـ «سامي شهاب» المتهم الأول في القضية التي عرفت إعلاميا بخلية حزب الله الإرهابية، بالإضافة إلى 25 متهما منهم حسن المناخلي وبينهم 4 هاربين.
وكانت محكمة أمن الدولة العليا قد أصدرت بشأنهم أحكاما في أبريل 2010 بالسجن المؤبد والمشدد. إلا أن المثير هو تمكن شهاب من الوصول إلى بيروت في غضون 4 أيام من هروبه.
كما ضم السجن أيمن نوفل القيادي بكتائب عز الدين القسام «الجناح العسكري لحركة حماس» الذي أدلى بحديث إعلامي من غزة عقب هروبه من سجن المرج بأربع ساعات تقريبا، مما يشير إلى أن الجاهزية العالية لحماس وحزب الله مكنتهما ـ دون اتفاق مشترك ـ من الاستعانة بأفراد مسلحين تسليحا جيدا داخل مصر لإطلاق سراحهم ونقل كل منهم إلى بلده.