أليس من حق البحرين تطبيـــــق الإعـــدام؟!
فيصل الشيخ
صحيفة الوطن - العدد 1989 الأحد 22 مايو 2011
أطراف عديدة، من الخارج قبل الداخل تتداعى اليوم لتمارس ''تنظيراً'' صفيقاً على البحرين، تحدد فيه ما على مملكتنا فعله وعدم فعله، تحذر تارة وتناشد تارة وتعرب عن قلقها بعدها، ولا ندري إلى متى ستطول مسرحيات الادعاء بـ''تقطع'' القلوب ''الغربية'' على مسائل حقوق الإنسان البحريني، في حين لم ينطقوا بحرف ضد الإرهاب الصريح والقتل الموثق الذي حصل هنا خلال الشهر الأسود. منظمة العفو الدولية تناشد قبل أيام حكومة البحرين وقف تنفيذ حكم الإعدام على أربعة قاموا بقتل شرطيين دهساً باستخدام السيارات، بل مضت في بيانها بالقول وبصريح العبارة: ''ويتعين ألا تصدر ضدهم أحكام بالإعدام تحت أي ظرف من الظروف''! طيب، إن سلمنا بما تطلبه منظمة العفو الدولية، فهل يمكنها في المقابل أن تخبرنا وأن ''تنورنا'' بالكيفية التي سترد فيها الشرطيين الشهداء ''أحياء'' إلى أهاليهم؟! وكيف يمكنها أن تأخذ الحق و''العدالة'' ممن قتلوهم؟! وما هي العقوبة التي تراها ''حضرتها'' مناسبة لاتخاذها بحق ممارسي القتل؟! أم أن منظمة العفو الدولية تريد دائماً أن تطبق ''اسمها'' على كل حالة أمامها، باعتبار أن ''العفو'' يجب أن يطال الجميع، حتى من يرهب ويقتل ويستهدف الناس؟! فقط نريد أن نعرف من قبل ''أعضاء'' المنظمة الذين أصدروا بيان ''المناشدة'' لمملكة البحرين بعدم تطبيق الإعدام، تريد أن نعرف موقفهم لو تم ''قتل'' قريب لكل واحد منهم دهساً بالسيارات وبدم بارد، هل سيطالبون بعدم محاكمة قاتليهم، بل هل سيقبلون بعدم تطبيق الإعدام بحقهم؟! اتركوا هذه المنظمة واذهبوا لتلك الأخرى، وأعني ''هيومن رايتس ووتش'' ونائب رئيسها التنفيذي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جو ستورك، هذا الشخص الذي كان من زوار خيام المعارضين أيام الانتخابات، والذي بات يتحدث بلغة فيها مفردات مماثلة لمفردات صديقه العزيز نبيل رجب وعبدالهادي الخواجة. ستورك يريد عدم تطبيق الإعدام، ويقول بأن المحاكمات غير عادلة، بل يجزم بعدم شرعيتها. ولا ندري من هو حتى يتحدث ويقرر ويبصم ويجزم بشأن البحرين؟! هذا حاله حال اللورد البريطاني المشبوه إيفبوري الداعم الأول في بريطانيا لحركة ''أشرار البحرين''، أناس داخلة في ''تربيطات'' مشبوهة مع الزمرة المجرمة، مستعدة لخدمتهم بعيونها ولا ندري ما الثمن المجزي لذلك! جو ستورك، بدلاً من أن يعلق بحرف واحد على حوادث الإرهاب في البحرين وقتل الشرطة وترويع الناس، واحتلال المستشفى وحوادث المدارس، ضرب حقوق الإنسان بعرض الحائط، بات وهو الحقوقي الخطير يتحدث بلسان الفئة المحرضة، وباتت بياناته تخدم أصدقاءه الذين يستضيفونه ويضيفونه حينما يزور البحرين. عموماً، لا تبحث عن الإنصاف عند من ينظر بعين ''عوراء'' أو من تحركه أجندة مغرضة وأهداف تعتمل بداخله، لكن المعيب هنا أننا نتحدث عن أناس يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان، وهم يثبتون يوماً إثر يوم بأنهم أكثر منتهكي حقوق الإنسان، حينما يرخصون بحقوق الآخرين، وحينما تتحول دماء الآخرين -غير المحسوبين عليهم- إلى دماء يرتشفونها بدم بارد. للبحرين سيادتها المطلقة، ولديها قانونها الواضح والصريح، وللشعب الذي اكتوى بنار هذه الأزمة وتصرفات المحرضين الحق بأن يطالب بالإنصاف والعدالة بناء على ما يفرضه القانون، وحال البحرين هنا كحال أي دولة أخرى تدخل في نفس النفق المظلم، وتتعرض لمحاولة انقلاب تغذيها عمليات عنف وتخريب تصل إلى مستوى القتل. ما تفعله تلك المنظمات المشبوهة، أو تلك الانتقائية في التعاطي، كله يصب في خانة التدخل في شؤون البحرين بما يعارض استتباب الأمن فيها وإنصاف الناس، وإحقاق العدالة، وتطبيق القانون على من انتهك الحرمات. هذه المنظمات خاصة المنظمات الصديقة لنبيل رجب والخواجة وجماعة الوفاق ومشيمع، لو تملك تلك المنظمات ''ذرة'' من الحيادية والمصداقية، لكنا رأينا لها بيانات يومية مدوية تتحدث عما يحصل في إيران على سبيل المثال. لماذا صمتكم وسكوتكم؟! هل إيران حالة خاصة؟! هل ما يحصل هناك لا يدخل في إطار انتهاك حقوق الإنسان؟! ألا تتعارض عمليات الإعدام شنقاً في الميادين العامة دون محاكمات مع مبادئكم؟! يتحدث ستورك ومنظمة العفو وبعض أعضاء الاتحاد الأوروبي عن تركيبة المحاكم في البحرين في ظل تطبيق السلامة الوطنية، ويمضون في خطابهم رغم إدراكهم لماهيتها، وكأنهم أناس لا يستوعبون ما يتم توضيحه، لا لأنهم لا يستوعبون، بل لأنهم لا يريدون القبول إلا بالقناعات في رؤوسهم أو بما يخدم أصدقاءهم أصحاب مخطط الانقلاب في البحرين. ما الصعوبة هنا؟! محاكم السلامة الوطنية في البحرين، تتكون من قاضٍ عسكري واثنين مدنيين، وهي المحاكم الوحيدة في العالم -في ظل حالة السلامة الوطنية- التي تمنح حق الاستئناف لضمان حقوق المتهمين. طبعاً هذه المعلومة ''تؤلم'' ستورك وزملاءه، بالتالي يغيبونها عمداً، في وقت لا يسمع لهم صوت بشأن ما يحصل في إيران، وبشأن قتل الشوارع دون محاكمات. الولايات المتحدة نفسها، القوى العالمية العظمى والتي صدرت من بعض شخصياتها أيضاً للأسف بعض البيانات بشأن أحكام الإعدام في البحرين، هي نفسها لا تقبل بأن تتحكم فيها ''فلسفات'' بعض ''دكاكين'' حقوق الإنسان، وحتى المؤسسات الدولية الحقوقية رفيعة المستوى، حينما تصل المسألة لما يمس الأمن القومي للولايات المتحدة وسلامة مواطنيها. منظمة العفو نفسها قالت في بيان لها قبل عشرة أيام بالضبط إن الولايات المتحدة أعدمت 46 سجيناً في عام 2010 مع العلم أنه كانت هناك شكوك حول مسألة الدفاع عن الكثير منهم أو الاتهامات الموجهة إليهم وأيضاً وضعهم العقلي. وتمضي منظمة العفو الدولية لتقول إنه في نهاية 2010 كان لايزال في سجن جوانتانامو 174 معتقلاً (172 حالياً) من بينهم ثلاثة أشخاص مثلوا أمام محكمة عسكرية لا تحترم المعايير الدولية في مجال المحاكمات. أؤمن بأن المعلومات أعلاه يعرفها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والذي صدمنا كبحرينيين بخصوص جزئيات في خطابه الأخير، بينت حقيقة كون الإدارة الأمريكية ''انتقائية'' تماماً في بعض القضايا، التي تحاول فيها مسك العصا من المنتصف وإرضاء جميع الأطراف، في حين لو كان الوضع معنياً بها لوصلت حتى المجرات الفضائية الأخرى لتعلن الحرب على الإرهاب لأنه يستهدف سلامة وأمن المجتمع الأمريكي. بين كل ما أوردناه، نريد بيان مسألة واحدة، هي تمثل المطلب الأكبر لشعب البحرين المخلص، الذي رفض بيع أرضه وخيانة قيادته، بأننا كدولة لدينا قضية عادلة في شأن ما حصل، ولدينا قضاؤنا العادل، ولدينا قوانيننا، وفوق كل ذلك لدينا شرع الله الذي يقول بصراحة واضحة لا تقبل الجدل إن ''القاتل يقتل''، لدينا وقائع موثقة، واعترافات مسجلة؛ بالتالي كلام ربنا هو الذي نأخذ به، وهو الذي يسود في مسألة إيقاع العقوبات مع المثبت جرمهم. أما من يريد ممارسة ''الفلسفة'' على البحرين ويطالب ويناشد ويقرر ويجزم، فنتمنى أن يأتي يوم نراه فيه يشرب من ذات الكأس، بعدها لنرَ موقفه الحقيقي، إذ من السهل أن ''تنظر'' و''تتفيقه'' و''تتفلسف'' ويدك في الماء وأنت في منأى عن الضرر، لكن المحك حين تكون في الموقف نفسه.