عائلة على طاولة الغداء
قرر أحد الإخوة أن يخرج يوم إجازة مع زوجته وأولاده الثلاثة لأحد المجمعات للتسوق ولتناول وجبة الغداء وذلك لخلق جو عائلي ومن أجل أن يتجمع الجميع على مائدة واحدة وخاصة أن ظروفهم اليومية لا تسمح لهم بالتجمع على مائدة واحدة نتيجة العمل والدراسة. واحتاج الأب وقتاً طويلاً ليقنعهم بضرورة الخروج. وفي وقت قريب للظهر وتحجج الأولاد بأنهم لم يناموا إلا قريب الفجر وهذا هو ديدن الجيل الحالي.
وعندما حان وقت الانطلاق بدأ الأب بسرد القصص التي تحكى على الأيام القديمة وكيف كان الناس، وكيف أصبحوا حالياً، وهنا ردوا عليه أولاده بأن هذه أسطوانة نسمعها أغلب الأحيان منك ومن الماما ومن الجد والجدة، ونحن نعرف أن جيلنا يختلف عن جيلكم وجيل الأجداد... وصل الجميع للمجمع وكل فريق اتخذ له طريقاً وذلك بحسب اهتمامه وبحسب احتياجه أصلاً من هذا التسوق، فالأولاد ذهبوا إلى متاجر الهواتف والألعاب والإلكترونيات، أما الزوجان فإنهما ذهبا إلى محلات الملابس والسوبرماركت، وقبل أن يفترقوا اتفقوا أن يجتمعوا في وقت محدد عند ساحة المطاعم، وبعد ساعتين تقريباً التقى الجميع وكل فريق قد حمل من الأغراض ما حمل، تنفس الوالدان الصعداء وقالا أخيراً سيتحقق الهدف الذي تم رسمه بأن يجتمع الجميع على مائدة واحدة وبالتالي فرصة للحديث الجماعي ويستمع الجميع لبعضهم بعضاً اختار الأب طاولة بعيدة نوعاً ما عن الزحمة، وبعد اختيارهم لنوعية الأكل، بدأ الأب بالحديث عن أن الأسرة لابد أن تجتمع وتتحاور وأن يستمع كل طرف للآخر سواء الوالدين أو الأبناء لكن مع الأسف. اخرج كل واحد من الأبناء هاتفه النقال من أجل أن يتواصل مع أصدقاء وتحولت الجلسة إلى جلسة صمت لا تكاد أن تسمع إلا صوت رنة الهواتف، أما الزوجان فكانا يتبادلان حديثاً جانبياً وهما غير مصدقين أن عقارب ساعة التطور حولت الأسر إلى عوائل صامتة لا يستطيع المرء أن يتبادل الحديث إلا عبر هاتف نقال أو بريد إلكتروني.
مجدي النشيط