مهنة الطب... والقانون الدولي
صحيفة الوسط - منصور الجمري - 17/09/2011م - 12:06 م | عدد القراء: 1078
تُعتبر مهنة الطب والتمريض والإسعاف من الأسس التي اعتمدت عليها أقدم اتفاقية دولية ملزمة، وهي «اتفاقية جنيف»، والتي تشكل جوهر ما يُطلَق عليه «القانون الدولي الإنساني»، وتُعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر «الحامي والمدافع» عن هذا القانون، وذلك لحاجة الإنسانية إليه.
لقد تأسست «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في العام 1863، وذلك على خلفية معركة «سولفرينو» الدامية في شمال إيطاليا في العام 1859، وذلك من أجل معالجة الجرحى من أي طرف كان. وكانت تلك المعركة «حدثاً حاسماً» وعنها انبثقت «اتفاقية جنيف»، والتي تتكون من «أربع اتفاقيات» دُمجت معاً لتصبح اتفاقية دولية واحدة، وتمت صياغة الأولى منها في 1864 والرابعة في 1949، وهي جميعاً تتناول حماية الإنسان (لاسيما معالجة الجرحى ورعاية الأسرى والمدنيين) في حالة الحرب. ثم تطورت «اتفاقية جنيف» من خلال بروتوكولات أفسحت المجال للصليب الأحمر أن يطرح مبادرات للقيام بالدور ذاته عندما تطرأ أحداث سياسية وأمنية داخل البلدان.
المهن التي تضطلع بها الكوادر الطبية والمستشفيات تدخل ضمن أقدم اتفاقية دولية، وهي أول اتفاقية أطلقت عليها صفة «الدولية»، فهي نشأت قبل «عصبة الأمم» وقبل «الأمم المتحدة»، وعلى هذا الأساس فإن العمل - الذي تضطلع به كل مهنة طبية لها علاقة بإسعاف ومعالجة الجريح، سواء كان من الأعداء أو الأصدقاء - يُعتبر جزءاً أساسياً من القانون الدولي الإنساني. وقد اعتمدت الدول الإسلامية شعار «الهلال الأحمر»، بدلاً من «الصليب الأحمر» بعد موافقتها على تلك الاتفاقية (منذ أيام الدولة العثمانية).
ومن هذا المنطلق يمكن فهم الاهتمام الدولي الكبير جداً لما حدث للطواقم الطبية في البحرين، ولاسيما أن السرد المطروح لمجريات الأمور لم يحدث في التاريخ، والطواقم والمستشفيات وسيارات الإسعاف تحتمي بشعار «الصليب الأحمر» أو «الهلال الأحمر»، ويحصل العاملون في هذه المهن على حماية «الرداء الأبيض» الذي يميزهم.
إن دور الطواقم الطبية معالجة الجرحى بغض النظر عن هوية الجريح وسبب جرحه، وهذا يدخل ضمن «القسم» الملزم لكل الكوادر الطبية. وسواء اقتنع هذا الطرف أو ذاك بما يسرد عن الطواقم الطبية، فمما لا شك فيه أن هذه القضية هي واحدة من أهم وأكبر القضايا التي سلطت الأنظار الدولية على البحرين من كل حدب وصوب... وإذا كان هناك أي توجه لحلحلة الأمور سياسياً، فإن قطاع الصحة يجب أن يتصدر ذلك الحل على أسس يعترف بها القانون الدولي الإنساني