من المسئول عمَّن قدَّ قميص العالم من دبر؟
لا أكتب ليفهمني كل الناس. أكتب فهمي للعالم.
***
لا شأن لي بالساسة. لا أعوِّل على متعهدي الجنائز. أعوِّل على متعهدي الفرح؛ من الذين يذهبون إلى عنائهم الطويل، إلى أرملة تقبِّل كسرة خبز في طريقها للمشاركة في عرس.
***
كل دولة تعمل على تغييب مواطنيها هي دولة فاشلة. ذلك التغييب يجر وراءه انهيارات على مستويات عدة.
***
كلما تقدم العلماء في السن لا يخشون الأفكار الجديدة. يخشون ألا تكون هناك أفكار أساساً.
***
أعرف ضابطاً يحب الشعر. لا يتردد في قراءة نص في الوقت الذي يصدر أوامره بتكثيف تعذيب أحد رهائنه. أي شعر ذلك الذي قرأ؟
***
يموت الكبار «جسماً» لتمتد روح الحياة. يحيا الصغار والسفلة لتحتضر الحياة وكثيراً ما تموت.
***
أعيد تجربة خبرتها في منفى «اختيجباري» (اختياري – إجباري) قراءة النصوص الرديئة. خرجت منها بمحصِّلة مفادها: التفاهة جزء من موزاييك وعي العالم المتعدد. أعيد التجربة لأصل إلى محصِّلات ذلك الوعي. النصوص الرديئة تحصِّننا من الرداءة وقت نشرع في استجواب الخلل في هذا العالم. هكذا أظن.
***
أعيد صوغ كلام لأمي: «كلما رأيتَ البلاء مستحكماً ثق أنك قادر على السخرية منه يوماً». هل سنتمكن من ذلك؟ لم أشك يوماً في رؤية وفراسة هذه المرأة التي لم تعرف في تاريخها إلا البلاء. تحفظه عن بطن قلب.
***
ما لم يسقط طاغية في العام 2012 سأشطبه من تاريخي وتاريخ أبنائي وتاريخ من أحب.
***
سيموت العام الجديد (2012) كمداً حين لا يسقط فيه طاغية. العام الماضي (2011) لم يدع مجالاً للمزاح.
***
في مطلع السبعينيات وفي «فرشة» الفاكهة التي يملكها والدي في السوق القديمة بالمنامة، كانت تتردَّد على السوق امرأة من إحدى القرى النائية. رأى البعض أنها مجنونة. قليل منهم رأى أنها مجنونة ومعدمة. حين تدخل السوق تحدث انتباهة جماعية لأصحاب «الفرشات». كنت أحل محل أبي حين يذهب للإفطار في المقهى القريب. أتذكر أنني كنت أصطنع الغفلة كي تأخذ ما تيسَّر من فاكهة. ينبهني أصحاب الفرشات فأصطنع الطرش.
***
برفقة المحروس حسين في «كوستا»، قلت: الجنون بحاجة إلى تفرغ.
المحروس: الجنون: تفرغ.
***
يا صديقي المحروس: في البيت يأتيك المقهى. في المقهى ينتظرك البيت. بعد أن كتب لي، يا صديقي: القهوة في البيت سرير، وفي المقهى كلام.
***
يمكنني التصرف أمام «احتلال» لكنني لا أضمن إمكاناتي في مواجهة «اختلال».
***
قميص لغدر عائلي
قميص لبراءة ملكية
قميص لشفاء
ماذا عن العالم؟
من المسئول عمن قد قميصه من دبر؟
***
الأصدقاء الذين تحب ويئست من حضورهم يباغتونك مثل الأجل.
***
أيها الحديد، ثمة قلوب تشبهك.
***
أهجو هذا العالم لأستفز إقامته في المديح
جعفر الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3411 - الإثنين 09 يناير 2012م الموافق 15 صفر 1433هـ