البحرين تغرق... من المسئول؟
قبل الخوض في موضوع تساقط المطر أمس وأمس الأول وآثاره على البحرين، نفيد بأنه قد قمنا بالتحذير من سقوط الأمطار الموسمية قبل اقل من شهر، وطالبنا بالاستعدادات اللازمة وحذرنا من الفيضانات مرات عديدة، وكثير من التحذيرات ملأت بها الصحف من عدد من الكتاب، وجفت الأقلام من الصراخ، حتى وصلت إلى دق ناقوس الخطر، وأفصحنا بأن شفط المياه بالصهاريج لن يحل المشكلة بشكل جذري، ووضعنا الحلول الحقيقية لحل مشكلة الأمطار، لكن للأسف يبدو أن لا أحد من المعنيين يستمع لشكاوى الناس، والمسئولون في سبات عميق، ولا تعير أدنى اهتمام والسبب معروف، حيث إنه لا توجد محاسبة جدية والأسئلة والانتقاد عادة ما تكون خجولة من قبل النواب والاستجوابات لا توصلك بطرح الثقة عن الوزير.
بعد نزول زخات من المطر، انغمرت شوارعنا وطرقاتنا في القرى والمدن، حيث بدأت الطرقات الصغيرة مغمورة بين القرى، والشوارع الكبيرة في المدن، ولاسيما بين المباني الحكومية التي تحولت مواقفها إلى برك سباحة مما حدا ببعض المراجعين والموظفين إلى الوقوف فوق الأرصفة او على جوانب المواقف، وقام رجال المرور بتحرير المخالفات على قدم وساق، بدلاً من التسهيل عليهم ومراعاتهم في هذه الظروف الاستثنائية، وهذا ليس ذنبهم، فلا اعرف كيف يفكرون؟.
كذلك تعطلت حركة السير وأصبح مستوى الماء أرفع من مستوى الشوارع مما غطى الأرصفة الجانبية، وذلك بسبب ضعف في شبكة التصريف. وظهرت فضائح البنية التحتية المتهالكة، وخاصة الشوارع القديمة المترهلة التي طالبنا عدة مرات بإعادة هيكلتها، والتي تتميز بالانحناءات والتضاريس والثقوب والحفر، مما يسهل تجميع الماء في أواسطها، وكذلك ليست مصممة بشكل هندسي بحيث يتم تصريف الأمطار إلى شبكات التصريف التي هي بحاجة إلى تغيير أيضا، ومما أثار استغرابنا بأن الشوارع الجديدة لم تستثنَ من تجمع المياه في وسطها. فأنا لا اعرف كيف يتم هندسة وتخطيط الشوارع في هذا البلد، مقارنة بالبلدان الأخرى، فعلى سبيل المثال، الهند وتايلند تتساقط الأمطار فيهما بغزارة وبعد دقائق معدودة لا ترى أي أمطار بالشوارع، بالمقابل نرى الفيضانات والمستنقعات تتجمع لأشهر في طرقاتنا المسفلتة وغير المسفلتة بعد سقوط زخات من المطر.
مع أنني لست متخصصاً في هندسة الطرق او شبكات تصريف المياه، ولكنني أفقه نوعاً بسيطاً من أمور الهندسة ونظرياتها، وخاصة فيما يتعلق بأمور تصريف الإمطار، فمن أجل تصريف المياه تتم عملية ميلان للشارع من الوسط إلى الجوانب من الجهتين ولا تحتاج إلى هندسة معقدة ولا للوغاريتمات لفك رموزها.
بالرغم من أن الأمطار عندنا نادرة وموسمية، ولكن ما يثير مخاوفنا، ماذا سنعمل لو تتساقط أمطار غزيرة، في ظل عدم استعداداتنا من جميع النواحي، أي لا توجد شبكة تصريف مياه جيدة ولا شوارع متطورة ولا طرقات حديثة. ومتى سوف نتهيأ لهذه المواسم الممطرة أو نتعلم من أخطائنا المتكررة. وهل سيبقى المواطن يصرخ والكاتب والصحافي يحذر والناس تستغيث إلى حيث يبعثون.
ما نود ان نعرفه هل أنتم جادون في وضع حلول لمشكلات الشوارع والبنية التحتية، ومتى سوف يتم إصلاح الشوارع وإعادة هيكلتها في القرى، وهل تطمحون لبيئة متطورة وأفضل في هذا البلد؟
استطيع القول بل متيقن بأن الوزارات المختصة لوحدها، لن تستطيع أن تقوم بإصلاح دولة شاخت وأصابها الهرم، وشوارع انتهى عمرها الافتراضي وطرقات لم يصلها الترميم منذ أكثر من نصف قرن، وشبكات مياه غزاها الصدأ من عوامل تعرية الجو، وتسددت ثقوبها وتكدست بها أنواع كثيرة من القمامة ولا أعرف ماذا كانت تعمل الحكومة طيلة العقود السابقة.
لذا يجب أن تتضافر الجهود من جميع الأطراف بالتعاون مع المجالس البلدية بإعطاء الصلاحيات وتوفير الموازنات المخصصة لإصلاح الشوارع وإصلاح أسقف البيوت الآيلة للسقوط لكل مجلس بلدي بالتنسيق مع وزارة الأشغال المختصة بإصلاح البنية التحتية بموجب خطة مرسومة لفترة زمنية معينة ان كنا نمتلك الجدية.
أسرد بعض التعليقات التي وصلتني، والتي أفصح بها بعض المواطنين، فقال احدهم بأن الأمطار كشفت الفساد الإداري والمالي وانه ليس هناك إصلاح وإنما هي دعاوى كاذبة ووعود مزيفة، وثانِ صب جام غضبه على المجالس البلدية الذي تضرر سقف بيته وسأل عن مشروع العوازل، وثالث علق بأننا نعيش في العصر الحجري، متسائلا أين موارد النفط، وبعض منهم يسأل لماذا توقف مشروع البيوت الآيلة للسقوط، وآخر يعلق بقلب محترق لولا مخافة الله لقمت بإشعال النار في جسدي، ناهيك عن بعض الشكاوى الكثيرة والتعليقات التي وصلت لصحيفة «الوسط».
أحمد العنيسي
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3058 - الخميس 20 يناير 2011م الموافق 15 صفر 1432هـ