وفيات مرضى السكلر يقابلها برود في الصحة!
في أية نقطة من بقاع الأرض عندما يتوفى شخص ما فإنها تتأثر بذلك، خصوصاً إذا كان ذلك الشخص شاباً. كما أن أموراً أقل من ذلك بكثير وقد لا تقارن بحياة إنسان من شأنها أن تطيح بمسئولين كبار في أية مؤسسة حكومية.
الجميع اطلع على أخبار مسئولين في دول أخرى قدموا استقالاتهم بسبب شبهة أنه تصرف في أموال في غير محلها، إلا أن ذلك بعيد كل البعد عن دولتنا الحبيبة، فالشرطة عندنا مثلاً قادرة على القبض على كل سارق أو قاتل لكنها تعجز عن التحرك باتجاه أشخاص يسرقون أراضي تبلغ قيمتها الملايين. كما أن الموازنات تخصص لفعاليات ثانوية لكن لا يمكن أن تكون هناك موازنات كافية للتعليم والصحة والإسكان. الأزمة الإسكانية تتفاقم ولكن لا أحد مقصر ولا يوجد شخص يحاسب لأن «كل شيء تمام».
وفي بلدنا بلد العجائب والغرائب خرج علينا مسئولون في وزارة الصحة بعد الإعلان عن وفاة أربعة من مرضى السكلر في أقل من 24 ساعة وجميعهم من صغار السن - إذ لم يتعدَّ عمر أكبرهم 40 سنة - ببيانات أقل ما يقال عنها أنها «باردة» وينطبق عليها المثل القائل «صمت دهراً ونطق كفراً».
فبينما انشغلت البحرين في الثالث من أغسطس/ آب الماضي بخبر وفاة ثلاثة أشخاص، لم تكلف نفسها وزارة الصحة عناء إصدار بيان، ليعلن عن وفاة الشخص الرابع في أقل من أربع وعشرين ساعة. وبينما كان خبر وفاة الشخص الرابع يتداول بين الناس، صدر بيان من وزارة الصحة وعُمِّم على الصحافة المحلية في العاشرة والربع مساء، ويتحدث البيان عن وفاة ثلاثة مرضى فقط! وقال إن هناك تكليف صدر للأطباء بمراجعة ملفات المرضى والوثائق، ولكن البيان رجع وقال «ليتم التأكد من كافة الإجراءات».
وبذلك نسف ذلك البيان نفسه بنفسه عندما أكد أن «المرضى الذين توفوا قد خضعوا للعناية الشاملة خلال مكوثهم بالمستشفى وحصلوا على رعاية طبية فائقة»، فما معنى التحقيق ومراجعة الإجراءات مادام الحكم قد صدر بأنه لا قصور ولا تقصير وأن المرضى خضعوا للعناية الشاملة ورعاية طبية فائقة.
وأمام كل هذا؛ أي أربع وفيات في أقل من أربع وعشرين ساعة لشباب من مرضى السكلر، لا نرى أي إعلان من الحكومة بأية إجراءات سوى أن مسئولاً كبيراً في وزارة الصحة يصرح بعد ثلاثة أيام ويعبر عن تعازيه! ويقول إن الوزارة مستمرة في إنشاء مركز الدم الوراثي، ولم يكلف نفسه حتى عناء قطع سفرته، لأن المتوفين ليسوا سوى أربعة فقط، وجميعهم من مرضى السكلر.
مالك عبدالله
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2894 - الإثنين 09 أغسطس 2010م الموافق 28 شعبان 1431هـ