نواب «بسنا صلاحيات»!
في برلمان 2006 اصطدمت الصحافة بكتلةٍ داخل البرلمان كانت تسمّي نفسها «المستقلين».
كانت هذه الكتلة لا موقف لها ولا طعم ولا رائحة، وكنا عندما ننتقد مواقفهم في الصحافة يزعلون كثيراً!
في برلمان 2010، تم تفتيت كتلتي المنبر والأصالة حتى هبطت حصتهما إلى الثلث! ونتيجة هذا التفتيت أصبح المستقلون أكبر كتلة، وصار العذاب معهم أكبر!
هذه الكتلة سبق أن رفضت إجراء أية تعديلات أو زيادة صلاحيات البرلمان التشريعية والرقابية! وهي أول واقعة من نوعها في تاريخ البرلمانات في العالم!
من المفاجآت التي كشفتها الصحافة قبل أسابيع وجود عريضةٍ يجري تداولها سرّاً بين النواب، للمطالبة بزيادة مخصّصاتهم المالية، تطبيقاً لمبدأ «ابدأ بنفسك رحم الله والديك»! وحين فاحت الرائحة تبرأوا من الخبر، وضغطوا على هيئة المكتب لتصدر بياناً ينفي تلقيها مثل هذه العريضة! وممّا تسرّب أن من بين من تبرأوا من العريضة علناً، كانوا قد وقّعوا عليها سراً!
آخر مفاجآت كتلة المستقلين الجدد التي تسيطر على لجنة الشئون التشريعية والقانونية، رفضها مشروع قانونٍ لتشكيل «هيئة لمكافحة الفساد»! وهي أيضاً سابقةٌ يسجّلها البرلمان في نسخته الجديدة على مستوى برلمانات العالم.
اللجنة القانونية مشكّلةٌ من ثمانية أعضاء، نصفهم مستقلون (أحمد الملا، أحمد الساعاتي، جاسم السعيدي وخميس الرميحي)، مع نائبين من الأصالة (غانم البوعينين، وعلي زايد)، ونائب من المنبر (علي أحمد) وآخر من الرابطة (علي حسن). أي أن موقف رفض تشكيل هيئة مستقلة لمكافحة الفساد توزّع بالتساوي بين مختلف الكتل! نصفٌ من الفخر للمستقلين ونصفٌ من المجد للإسلاميين!
هذا الموقف الغريب، دفع الجمعية البحرينية للشفافية إلى إصدار بيانٍ ينتقد هذا الاصطفاف والتعاون الجماعي على غير البر والتقوى. فاللجنة فكّرت وقدّرت واستعرضت وتداولت في حيثيات القضية، وارتأت أن في قوانين البحرين ما يكفي ويزيد، لمكافحة كل أنواع الفساد ومعالجة مختلف أشكاله وتجلياته السيكولوجية والسوسيولوجية والاركيولوجية! وبالتالي لا داعي لمزيدٍ من القوانين والتشريعات واللجان والهيئات.
جمعية الشفافية قالت إن هذا «القرار الغريب يأتي بعكس اتجاه كثير من دول العالم التي لا توجد بها هيئة مستقلة لمكافحة الفساد لتصحيح أوضاعها، كما يأتي مخالفاً لالتزامات البحرين باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد خلافاً لما تدّعيه اللجنة»! كما إن السلطات - التنفيذية والتشريعية - مسئولة عن تنفيذ الاتفاقية التي صدقت عليها البحرين في أكتوبر/ تشرين الأول 2010، وهي ملزمةٌ لها وجزءٌ من التشريع الوطني، خلاف ما تقوله اللجنة التشريعية.
لجنة الشفافية أوضحت أن المشروع سبق أن قُدّم للبرلمان وحصل على توافق بين الوفاق والمنبر العام 2008، إلا أن الحكومة أجهضته، وحين أقرته اللجنة التشريعية (العام 2010) تم إسقاطه بالأغلبية! وحين رفع إلى مجلس الشورى أجهضه... بالمبررات ذاتها التي تسوقها اليوم اللجنة التشريعية الجديدة «المستقلة»!
إن البرلمان الذي يوكل إليه إجراء بعض التغييرات الدستورية اليوم، سبق أن رفضها العام الماضي بالأغلبية، ولسان حاله يقول: «بسنا تعديلات وصلاحيات»
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3420 - الأربعاء 18 يناير 2012م الموافق 24 صفر 1433هـ