اسرائيل وايران... استباق الحرب الخاطفة
عبد الأمير رويح
شبكة النبأ: لاتزال الخشية قائمة من احتمال قيام اسرائيل بشن هجمات استباقية ضد ايران بسبب برنامجها النووي مثار الجدل والذي اسهم بشكل فاعل في ازدياد حدة التوتر في المنطقة، ويرى بعض المراقبين ان اي خطوه عسكرية ستكون لها مردودات سلبية وعواقب وخيمة ستؤثر بشكل سلبي على جميع دول العالم دون، ويرون ان المخاوف تتزايد بسبب تصريحات قادة اسرائيل الذين يبدون اصرارهم المتكرر على مثل هكذا خطوه فقد دعا مسؤول اسرائيلي كبير الى "منع ايران من التحرك" اذا حاولت استخدام سلاح نووي بينما تعبر الدول العبرية عن نفاد صبرها بشأن الملف النووي الايراني. وقال نائب وزير الخارجية الاسرائيلي داني ايالون في بوينوس ايرس ان ايران باسلحة ذرية يمكن ان يكون لها "تفرعات في جميع انحاء العالم" ويمكن ان يسمح لها ذلك "بالهيمنة على الشرق الاوسط". واضاف "في اسوأ الاحتمالات قد تستخدم ايران السلاح النووي"، مؤكدا "سنقوم بحماية مواطنينا ومصالحنا في اي مكان من العالم وسنمنع ايران من التحرك".
من جهته، وصف نائب المدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلية دانيال كارمون ايران بانها "تهديد للعالم اجمع". وقال "هذا التهديد يتطلب ردا فوريا". وكان المسؤولان الاسرائيليان يتحدثان خلال احتفال في ذكرى مرور عشرين عاما على الهجوم الذي استهدف سفارة اسرائيل في بوينوس آيرس. وكارمون كان القنصل في السفارة الاسرائيلية في بوينوس آيرس عندما وقع تفجير انتحاري بسيارة مفخخة ادى الى مقتل 22 شخصا وجرح مئتين آخرين في 17 آذار/مارس 1992. وقال ان "ايران تتحمل المسؤولية المباشرة عما حصل". وفي 18 تموز/يوليو 1994 اي بعد عامين على الهجوم على السفارة، استهدف هجوم جديد مركزا يهوديا ارجنتينيا ما اسفر عن سقوط 85 قتيلا و300 جريح. وتتهم اسرائيل ايران بالوقوف وراء هذا الهجوم ايضا.
من جهة اخرى ذكرت صحيفة معاريف ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو حصل على اغلبية في الحكومة الامنية المصغرة لضرب ايران "حتى دون موافقة اميركية" فيما يبدا رئيس الاركان الجنرال بيني غانتز زيارته الاولى للولايات المتحدة وكندا. وكتب بن كاسبيت في صحيفة معاريف نقلا عن "مصادر سياسية" ان ثمانية من اصل 14 وزيرا في المجلس الامني المصغر يؤيدون توجيه ضربة وقائية للمنشات النووية الاميركية "حتى بدون موافقة اميركية". واشار الى "انه يجب ان يعقد المجلس الامني اجتماعا حاسما حول الموضوع"، موضحا ان "هذه التقديرات تستند الى المحادثات السرية التي ستجري بين رئيس الوزراء ووزرائه".
واوضح كاسبيت ان نتانياهو لم يتشاور مع الحكومة ولا مع "مجلس الثمانية"، اي الحكومة الامنية المصغرة المؤلفة من وزرائه المقربين منذ عودته من واشنطن الامر الذي يثير قلق معارضيه من قيامه بضرب ايران. وضاعف نتانياهو في الاشهر الاخيرة من التصريحات حول تدخل عسكري اسرائيلي محتمل لمنع طهران من تحقيق اي تقدم لصنع سلاح نووي بينما اكد الرئيس الاميركي اوباما بانه يفضل الحل الدبلوماسي والعقوبات ضد طهران ولكنه لم يستبعد اللجوء الى القوة كحل اخير
ويذكر ان اسرائيل قد نقلت مخاوفها من البرنامج النووي الإيراني إلى الصين أحد شركاء طهران الرئيسيين ولمحت إلى انها يمكن ان تشن هجوما وقائيا على الجمهورية الإسلامية رغم دعوات بكين المتكررة بالسماح للدبلوماسية بأن تأخذ مجراها. ودعت الصين التي لها روابط وثيقة مع إيران في مجالي التجارة والطاقة للتوصل الى حل للخلاف بشأن طموحات ايران النووية من خلال التفاوض وتعارض دوما فرض عقوبات احادية على إيران. وتصر إيران على ان برنامجها سلمي وليس له أغراض عسكرية وأعلنت انها لن تتخلى عنه تحت الضغوط الخارجية.
وقال وزير الخارجية الاسرائيلي افيجدور ليبرمان للصحفيين خلال زيارة للصين "من المهم بالنسبة لنا شرح موقفنا لشركائنا الصينيين. "من المهم ان نوضح موقفنا للصين على امل ان يتفهموا بواعث قلقنا ومشاكلنا." وأضاف ان اسرائيل "ستواصل الحوار" مع الصين. وحذر رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو ايران في يناير كانون الثاني من بذل اي جهد لامتلاك اسلحة نووية لكن بخلاف ذلك تحجم الصين عن استخدام نبرة متشددة بشأن ايران. ويبرز هذا الموقف من إيران الطريق الوعر الذي تحاول الصين ان تشقه لنفسها بين ضغوط الولايات المتحدة وحلفائها وبين تطلعات إيران التي تعتبر بكين قوة متعاطفة معها ومستوردا كبيرا لنفطها. لكن اسرائيل تهدد بالتحرك عسكريا ضد ايران بدعم الولايات المتحدة او بدونه اذا استمرت طهران في تحدي الضغوط لكبح مشاريعها النووية.
في سياق متصل وضمن التصعيد المتبادل فقد عبرت بارجتان حربيتان اسرائيليتان قناة السويس باتجاه البحر الاحمر، على ما افادت مصادر اسرائيلية ومصرية. وقال مصدر امني اسرائيلي طلب عدم كشف هويته "هي عملية روتينية. البارجتان في طريقهما الى ايلات"، في اشارة الى المدينة الساحلية الاسرائيلية على البحر الاحمر. والبارجتان هما ليهاف ويافو كما ذكر مصدر في هيئة قناة السويس، دون تقديم المزيد من التفاصيل. بحسب فرنس برس.
وارسلت اسرائيل بارجتين مزودتين بصواريخ الى البحر الاحمر في آب/اغسطس الماضي بعد نشر ايران غواصة وبارجة حربية قالت طهران انها "اعمال دورية". وقالت اسرائيل من جانبها ان نشر بوارجها هو "جزء من تمرين روتيني". وبالرغم من معاهدة السلام بين مصر واسرائيل الموقعة في 1979 فان البوارج الحربية الاسرائيلية لا تعبر قناة السويس الا نادرا. ولم يعلق الجيش الاسرائيلي على عبور البارجتين الذي ياتي في اجواء من التوتر القائم بشان البرنامج النووي الايراني الذي تقول اسرائيل ودول غربية انه له اهداف عسكرية الامر الذي تنفيه ايران.
من جانب اخر وفي خطوة وصفها الكثير بالمتعقلة اعلن الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الاسرائيلية (الموساد) مائير داغان معارضته حتى الان اي ضربات على المواقع النووية الايرانية، وقال داغان ان "مهاجمة ايران قبل التفكير في كل المقاربات الاخرى (امر) غير قابل للحياة". واضاف داغان الذي ترك مهامه في كانون الثاني/يناير 2011 بعد ثماني سنوات قضاها على رأس الموساد ان الرئيس الاميركي باراك اوباما "قال بوضوح ان الخيار العسكري وارد وانه لن يسمح بتزود ايران بالسلاح النووي، وبحسب خبرتي لدي ثقة بالرئيس الاميركي".
الحرب والمستثمرين
من جانب اخر يرى مارك فيبر مدير الاستثمار السويسري والمستثمر المعروف بالمراهنة على هبوط الاسواق ان المخاطر السياسية زادت بشكل كبير في الشرق الاوسط بعدما باتت الحرب بين اسرائيل وايران احدى الحتميات وقال فيبر على هامش مؤتمر استثماري "كانت المخاطر المالية مرتفعة قبل ستة أشهر وهي الان أعلى. أعتقد اجلا أو عاجلا ستقوم الولايات المتحدة أو اسرائيل بضرب ايران. هذا أمر حتمي تقريبا." وقال فيبر "افترض أن الحرب قامت في الشرق الاوسط أو أي مكان اخر سيقوم السيد برنانكي (رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي) بطباعة المزيد من أوراق النقد. ليس لديهم خيار اخر. ليس لديهم المال اللازم لتمويل الحرب." وأضاف "يجب أن يكون (استثمارك) في المعادن النفيسة والاوراق المالية... معظم الحروب ومعظم الاضطرابات الاجتماعية لم تدمر المؤسسات. المؤسسات تتجاوز الحروب في العادة." وأشار فيبر الى أن نزول أسواق الشرق الاوسط بلغ أقصى مداه تقريبا رغم أن تبدل الانظمة نتيجة ثورات الربيع العربي لم يكن متوقعا أن يأتي في صالح المستثمرين. وذكر أنه في الفترات الضبابية يتعين على المستثمرين أن يتكيفوا مع التقلبات. وقال "ان لم تستطع التكيف مع التقلبات فلا تترك سريرك." بحسب رويترز.
وفي وقت سابق قال الخبير الاستثماري البالغ من العمر 66 عاما والشهير بلقب "الدكتور دوم" أمام المؤتمر ان احتمال قيام حرب في الشرق الاوسط عززه حرص القوى الغربية على وضع الصين تحت السيطرة في ظل اعتمادها على نفط الشرق الاوسط. وذكر أن "الامريكان والقوى الغربية يعرفون جيدا أنهم لا يستطيعون احتواء الصين اقتصاديا.. لكن احدى طرق احتواء الصين هو (التحكم في) تشغيل أو تعطيل صنبور النفط القادم من الشرق الاوسط." وقال "لدي قناعة بأن الشرق الاوسط سيشتعل."
يجب دراسة الحصار البحري
الى جانب ذلك قال السناتور الديمقراطي كارل ليفن رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الامريكي ان اي حصار بحري دولي لصادرات النفط الايرانية يجب دراسته قبل اي لجوء لشن هجمات جوية ضد البرنامج النووي المتنازع عليه لايران. وقال ليفن في مقابلة سجلت لبرنامج "نيوزميكر" في شبكة سي- سبان "هذا على ما اعتقد احد الخيارات التي تتطلب دراسة." واضاف ان اي حصار من هذا القبيل يجب ان يسبقه ترتيب امدادات نفط بديلة لتفادي حدوث ارتفاع في سعر النفط في اسواق الخام العالمية. وايران هي ثاني اكبر منتج للنفط في اوبك وثالث اكبر مصدر للبترول في العالم.
وكان ليفن يرد بذلك على سؤال بشأن الطرق المحتملة لزيادة الضغوط دون اللجوء للقتال بما في ذلك فرض "منطقة حظر طيران" فوق ايران. وقال ان مثل هذه الخطوات "يمكن ان تكون فعالة جدا." واضاف "اعتقد ان هذه هي الخيارات التي يجب على اي شخص يرغب في المشاركة دراستها بما في ذلك اسرائيل والولايات المتحدة." وابدى ليفن تفاؤلا بشأن احتمال ان تجبر العقوبات الصارمة على نحو متزايد بما في ذلك فرض حظر على شراء النفط من قبل الاتحاد الاوروبي سيبدأ سريانه في اول يوليو تموز ايران على تخفيف موقفها. وقال "ليس لانها لا تريد سلاحا نوويا ولكن لان الثمن الذي ستضطر لدفعه" فيما يتعلق بالعزلة سيكون باهظا جدا.
واضاف ليفن انه يجب على الرئيس باراك اوباما ان يسعى للحصول على موافقة الكونجرس قبل اي لجوء امريكي لعمل عسكري ضد ايران. ولكنه اشار الى ان الرؤساء من الحزبين اكدوا انهم لا يعتزمون فعل ذلك كقادة للقوات المسلحة الامريكية. وسئل مسؤول كبير بادارة اوباما عن تصريحات ليفن فقال ان"تركيزنا مازال على التوصل لحل دبلوماسي لاننا نعتقد ان الدبلوماسية المقرونة بضغط قوي يمكن ان تحقق الحل البعيد المدى الذي نسعى اليه."
وقال ليفن انه لن يفاجأ اذا ما قامت اسرائيل التي تعتبر ايران المزودة بسلاح نووي خطرا على وجودها بعمل عسكري في غضون"اشهر." واضاف "اقول ان شن هجوم امر محتمل" اذا واصلت ايران رفض الحد من برنامجها النووي. وقال ان برامج الدفاع الصاروخية الاسرائيلية التي تدعمها الولايات المتحدة قلصت قدرة ايران على الرد على اسرائيل في حالة شن هجوم. وسئل ليفن عن سبب السماح لاسرائيل فقط بامتلاك اسلحة نووية في المنطقة فأشار الى الهولوكست (المحرقة) وما وصفه بتهديدات مماثلة عبر التاريخ. وقال انه بالاضافة الى ذلك فان اسرائيل مازالت تواجه تهديدا بابادتها من قبل بعض جيرانها" ولذلك فانه رادع ضد مثل هذا النوع من التهديدات."
إيران وأمريكا الجنوبية
من جهته قال نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إن الروابط التي تمدها إيران بكثافة مع دول أمريكا الجنوبية لن تساعدها على ضمان نفوذ كبير في النصف الغربي من العالم، يسمح لها بتهديد الولايات المتحدة. وقال بايدن حول نتائج جولة الرئيس الإيراني، محمود أحمد نجاد، الأخيرة في أمريكا اللاتينية: "لدينا القدرات الكاملة للتأكد من أن هذا الأمر لن يحصل أبداً."
وكان نجاد قد زار أربع دول في أمريكا الجنوبية مطلع العام الجاري، بحثاً عن دعم دولي لبلاده في ظل العقوبات التي تفرضها عواصم غربية عليها والحصار الاقتصاد الخانق الذي يعاني منه الاقتصاد الإيراني بسبب الملف النووي.
ودفعت هذه الزيارة إلينا روسلاتينين، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إلى التعبير عن قلقها حول التحالف الوطيد بين إيران وعدد من قادة أمريكا الجنوبية، وعلى رأسهم الرئيس الفنزويلي، هوغو شافيز. وقالت روسلاتينين، في جلسة استماع لمجلس النواب في وقت سابق"هذا التحالف يجعل من إيران تهديداً مباشراً لنا من خلال منح الحرس الثوري وفيلق القدس، وتنظيمات مرتبطة بها مثل حزب الله اللبناني، منصة في المنطقة تسمح لها بشن هجمات ضد الولايات المتحدة أو ضد مصالحها ومصالح حلفاء لها."
غير أن بايدن قلل خلال المقابلة من أهمية هذا المخاوف، وقال إن القلق حول تزايد النفوذ الإيراني في الدول الواقعة جنوبي الولايات المتحدة "مبالغ فيه." وأضاف بايدن: "الناس تتحدث عن حزب الله وعن الدعم الإيراني عبر السلاح وسواه، ولكن يمكنني التأكيد أن طهران لن تمتلك قدرة التحول إلى مصدر تهديد للولايات المتحدة في النصف الغربي" من العالم. وذكر بايدن، أن زيارته الأخيرة إلى المكسيك وهندوراس "كانت ناجحة" وتركزت حول قضايا التعامل مع العنف الداخلي، وأشار إلى أن قادة أمريكا الوسطى طلبوا المساعدة الأمريكية في تدريب الشرطة المحلية.
ويعتبر عدد من قادة دول أمريكا الوسطى والجنوبية أن الصراع على تهريب المخدرات إلى السوق الأمريكية هو السبب الرئيسي للعنف الداخلي في دولهم، غير أن بايدن قال إن الولايات المتحدة تعتبر الموضوع "مسؤولية مشتركة" بين الجميع، داعياً دول القارة إلى زيادة جهود مكافحة إنتاج المخدرات على أراضيها. يشار إلى أن الولايات المتحدة مارست نفوذها لعقود في دول أمريكا الوسطى والجنوبية، قبل أن تتوتر العلاقات بينها وبين عدد من الدول بسبب وصول قيادات يسارية إلى السلطة، وسبق للإعلام الدولي أن أورد العديد من التقارير حول تزايد التعاون الاقتصادي والعسكري بين إيران وبعض تلك الدول.
قنبلة أمريكية جديدة
على صعيد متصل قال جنرال بالقوات الجوية الامريكية ان قنبلة خارقة للتحصينات تزن 13600 كيلوجرام ومصممة لتدمير الخرسانة قبل أن تنفجر "سلاح عظيم" يمكن أن تستخدمه القوات الامريكية اذا تطور الخلاف مع ايران بشأن برنامجها النووي. وقال اللفتنانت جنرال هربرت كارلايل نائب رئيس اركان القوات الجوية للعمليات ان القنبلة التي بدأ الجيش تسلمها العام الماضي - والتي يمكن ان تخترق تحصينات خرسانية سمكها 65 مترا - جزء من الترسانة الامريكية المتاحة لشن غارات على دول مثل ايران التي لديها بعض المنشات النووية المدفونة تحت الارض. وأضاف كارلايل في مؤتمر صحفي عن برامج الدفاع الامريكية "القنبلة الضخمة الخارقة للتحصينات سلاح عظيم. مازلنا نعمل على تحسين هذا. لديه قدرة رائعة الان ومازلنا نواصل تحسينها. انه جزء من ترسانتا وسيكون أحد الاحتمالات اذا احتجناه في هذا النوع من السيناريوهات."
وبدأ البنتاجون بحث الخيارات العسكرية اذا فشلت العقوبات والقنوات الدبلوماسية في منع طهران من تصنيع سلاح نووي. وقال وزير الدفاع ليون بانيتا في مقابلة مع مجلة ناشونال جورنال ان التخطيط يجري "منذ وقت طويل." وتزايد قلق القوى الكبرى بشأن برنامج ايران لتخصيب اليورانيوم الذي تعتبره محاولة لانتاج سلاح نووي. جاءت التصريحات الصارمة من البنتاجون على الرغم من محاولات الرئيس الامريكي باراك أوباما لتقليل "التصريحات الفضفاضة" و"التهديدات" بشأن العمل العسكري المحتمل قائلا ان هناك فرصة امام الدبلوماسية. وقال كارلايل ان الصراع مع سوريا او ايران يمكن أن يشهد تأثر عمليات الجيش الامريكي بتفكير تكتيكي جديد في البنتاجون يعرف باسم المعركة الجوية البحرية. وقال كارلايل ان هذا التكتيك يركز على العمل في عدة مجالات من الجو والبحر والفضاء والفضاء الالكتروني مع دمج المعلومات من مجالات مختلفة مثل الاقمار الصناعية والمجسات التي تحملها طائرات الشبح والطائرات بلا طيار.
وأظهرت نتائج استطلاع للرأي اجرته رويترز/ابسوس ان غالبية الامريكيين يؤيدون القيام بعمل عسكري أمريكي ضد ايران اذا ما توافرت أدلة على ان ايران تقوم بتصنيع اسلحة نووية حتى وان أدى مثل هذا العمل الى رفع اسعار البنزين. وأشارت نتائج الاستطلاع الى ان 62 في المئة سيؤيدون ان تتخذ اسرائيل عملا عسكريا ضد ايران لنفس الاسباب. وكان الرئيس الامريكي باراك اوباما قد قال ان جميع الخيارات مطروحة للتعامل مع البرنامج النووي الايراني. واوضح الاستطلاع ان 56 في المئة من الامريكيين سيؤيدون العمل العسكري الامريكي ضد ايران اذا ما توافرت أدلة عن وجود برنامج للاسلحة النووية. وعارض 39 في المئة من الامريكيين توجيه ضربات عسكرية لايران. ووجهت للمشاركين في الاستطلاع اسئلة ان كانوا يؤيدون عملا عسكريا امريكيا حتى وان أدى ذلك الى ارتفاع اسعار البنزين فقال 53 في المئة من الامريكيين انهم سيؤيدونه وقال 42 في المئة منهم انهم سيعارضونه. بحسب رويترز.
الى جانب ذلك قالت وسائل اعلام ايرانية ان الرئيس محمود احمدي نجاد وجه تعنيفا قويا للغرب قائلا ان ايران لا تخشى الحرب. ونقلت عنه وكالة فارس شبه الرسمية للانباء قوله خلال زيارة لبلدة كرج غربي طهران "الامة الايرانية لا تخشى قنابلكم ولا سفنكم الحربية ولا طائراتكم. "تقولون لايران ان كل الخيارات مطروحة على الطاولة. دعوها على الطاولة حتى تتعفن. لقد ولى زمن الغطرسة والاستعمار كما انتهى زمن مجافاتكم العقل." ومع بطء التقدم في الجهود الدبلوماسية رغم جولات المحادثات المتعددة لم تستبعد الولايات المتحدة العمل العسكري وتحدث سياسيون اسرائيليون بارزون عن امكانية توجيه ضربات جوية للمنشأة النووية الايرانية.
الفرصة الاخيرة
من جهة اخرى كتبت صحيفة كومرسانت ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون كلفت نظيرها الروسي سيرغي لافروف ابلاغ ايران بان المحادثات مع الدول الكبرى المقررة في نيسان/ابريل هي "الفرصة الاخيرة" امام طهران لتفادي الحرب. وافادت الصحيفة نقلا عن دبلوماسي روسي رفيع المستوى طلب عدم كشف هويته ان "المفاوضات المقررة في نيسان/ابريل بين ايران والمفاوضين الدوليين الستة هي الفرصة الاخيرة امام طهران لتفادي الحرب. وطلبت هيلاري كلينتون من سيرغي لافروف ابلاغ هذه الرسالة الى السلطات الايرانية". واجرت كلينتون محادثات مع لافروف في نيويورك بعد اجتماع لمجلس الامن الدولي. وتدرس دول مجموعة 5+1 المؤلفة من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا) اضافة الى المانيا، امكانية استئناف المحادثات مع ايران بشان برنامجها النووي المجمدة منذ اكثر من عام. وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان المحادثات قد تجري في مطلع نيسان/ابريل في اسطنبول.
واقر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف بان الوضع بشان الملف الايراني يتفاقم، رافضا التحدث عن "فرصة اخيرة". وقال ريابكوف للصحيفة "يجدر عدم التحدث اطلاقا عن الفرصة الاخيرة. كل شيء يتوقف على الارادة السياسية، وروسيا تبذل كل ما في وسعها لتعزيز هذه الارادة". وتابع "اننا نشهد بالتاكيد تصعيدا .. على الذين يدعون للجوء الى السلاح ضبط انفسهم والعمل على ايجاد حل دبلوماسي". وكتبت الصحيفة ان روسيا اذ تدعو الى الحلول السلمية، تستعد لمواجهة الوضع في حال تم توجيه ضربات لايران.وقال مصدر في وزارة الدفاع الروسية "لدينا خطة تعبئة" لمواجهة تدفق محتمل للاجئين. وقال مصدر في وزارة الخارجية انه تم وضع برنامج صنف "في غاية السرية" لحماية المواطنين الروس في حال اندلاع حرب ضد ايران. بحسب فرنس برس.
الى جانب ذلك اعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان اي تحرك عسكري لاسرائيل يستهدف المنشآت النووية الايرانية "لن يكون خطوة صائبة" داعيا الى استمرار المقاربة الدبلوماسية. وقال كاميرون امام احدى اللجان البرلمانية "نعتقد اليوم ان تحركا عسكريا من جانب اسرائيل لن يكون خطوة صائبة. قلنا ذلك للاسرائيليين في العلن وفي المجالس الخاصة". واضاف "ان لم تؤد العقوبات الى نتيجة سيأتي الوقت لاتخاذ قرارات اخرى. لكن في الوقت الحاضر فان العقوبات تفعل مفعولها". وشدد كاميرون على ان بريطانيا لم تقرر الانضمام الى اي تحرك عسكري ضد ايران. وتابع رئيس الوزراء البريطاني "لدينا (سفنا) كاسحة للالغام في الخليج، ونحن جزء من القوات الدولية التي تعتقد انه من المهم الحفاظ على حرية النقل" في تلميح الى التهديدات الايرانية باغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي لمواجهة العقوبات الدولية. واضاف "اننا نعمل مع شركائنا. ولم نتخذ اي قرار في ما يتعلق بتحرك عسكري".
سيناريو الهجوم على إيران
من جانب اخر يرى خبراء دوليون أن تدمير إسرائيل للمفاعلات النووية الإيرانية لمنع الجمهورية الإسلامية من إنتاج سلاح نووي يتطلب هجوماً جوياً معقداً بمشاركة ما يزيد على مائة طائرة مقاتلة. ولن تتسم العملية بذات القدر من السهولة الذي نفذت به إسرائيل الهجوم على مفاعل العراق عام 1981، وموقع آخر سوري يشتبه بأن الدولة العبرية تقف وراء تدميره في 2007، فالمنشآت النووية الإيرانية الثمان متناثرة في مناطق مختلفة في البلاد، ومحصنة بشكل جيد، وأحدها مغطى بكتل خرسانية، فيما شيد آخر داخل جبل، تقوم على حمايتها صواريخ أرض-جو، وأنظمة حرب إلكترونية. كما أن المسافة الجغرافية البعيدة التي تفصل بين الدولة العبرية والجمهورية الإسلامية، تزيد من عوامل تعقيد الهجوم الجوي الذي قد يقتضي مشاركة مائة طائرة، من مقاتلات حربية وطائرات التزود بالوقود في الجو.
وأوضح إفرائيم كام، نائب مدير "معهد دراسات الأمن القومي" بإسرائيل، أن قصف المنشآت النووية الإيرانية سيكون عملية "معقدة للغاية"، مضيفاً: "ستكون عملية ذات نطاق واسع جداً، أكبر بكثير من التي تمت في العراق قبل 30 عاماً." ورجح كام، وهو عقيد متقاعد عمل بفرقة الأبحاث الاستخباراتية التابعة للجيش، وخبراء آخرون، استخدام مقاتلات من طراز F-15I وF-16I لمهاجمة المنشآت النووية وليس بإطلاق صواريخ من غواصات.
وبحسب مجموعة "جين" الدفاعية البريطانية، فإن ترسانة إسرائيل الجوية تضم سرباً واحداً، أي نحو 25 طائرة، من مقاتلات F-15I، بجانب أربعة أسراب من طراز F-16Is، وقد تدفع المسافة الطويلة إسرائيل لإشراك طائرات التزود بالوقود في الجو، التي تمتلك منها 11 طائرة، سبع من طراز kc-707 وأربع من طراز kc-707، بحسب دوغلاس باري، من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن. وشرح باري أن كل طائرة هجومية ستحمل ثلاثاً من قنابل GBU-28 الخارقة للتحصينات لقصف الأهداف المحصنة والمشيدة تحت الأرض. وأضاف خلال إشارته إلى امتلاك الجيش الأمريكي لقنابل أكبر من هذا النوع، زنة 30 ألف باوند: "لا تبدو هناك مؤشرات لطلب إسرائيل هذا النوع من السلاح من أمريكا الذي يمكن أن يحسن قدرتها على مهاجمة المواقع النووية الإيرانية المدفونة تحت الأرض." وتستند افتراضات المحللين الدوليين على قيام إسرائيل بمهاجمة إيران وحدها دون مساعدة أمريكية.
وفيما يخص المواقع الإيرانية التي قد يستهدفها أي هجوم إسرائيلي محتمل، حددتها إيملي كورلي، الخبيرة النووية من "جين"، بمنشأة "نتنز" و"فوردو لتخصيب اليورانيوم،" ومفاعل "أصفهان،" بجانب مجمع "آراك" النووي،" والأخيران مشيدان على سطح الأرض ما يسهل نسبياً تدميرهما بالقصف الجوي، على نقيض "فوردو" الذي يصعب اختراقه لكونه مقاماً داخل جبل، على حد قولها. ويقع "نتنز"، بوسط إيران، على عمق 33 قدماً تحت الأرض تحت كتل أسمنتية يبلغ سمكها 6 أقدام. وأضافت كورلي: "هناك تساؤلات إزاء قدرة إسرائيل على تدمير فوردو بضربة جوية.. مهاجمة نتنز وآراك دون تدميرهما لا يساوي المخاطرة." بحسب CNN.
وقالت كورلي إن إسرائيل قد تدمر خلال العملية العسكرية كذلك بعض الأهداف الثانوية مثل "تبريز" وقاعدة الإمام علي للصواريخ غرب إيران، للحيلولة دون أي هجوم انتقامي بالصواريخ من جانب إيران، بجانب قاعدة "بيدغنه" العسكرية، التي وقع بها انفجار غامض في نوفمبر/ تشرين الثاني، ما يرفع إجمالي المواقع المستهدفة إلى ثمانية. وتحمي صواريخ من طراز S-200 وبطاريات صواريخ أرض - جو، المنشآت النووية الأربع، بحسب جيم هولوران، أخصائي الدفاعات الجوية.
ويضع الخبراء ثلاث طرق محتملة تسلكها المقاتلات الإسرائيلية لتنفيذ ضربتها، منها الطريق الشمالي عبر أجواء تركيا، وتشهد العلاقات التركية - الإسرائيلية توتراً في الآونة الأخيرة. بجانب الخط الجنوبي ويمر عبر السعودية، التي تتخوف من إنتاج إيران لقنبلة نووية، لكنها تعادي علانية الدولة العبرية، بحسب الخبراء الذين أشاروا إلى الخط الوسط كأقصر الطرق، ويمر بالعراق والأردن، ورغم أن الأخيرة بحالة سلام مع إسرائيل، إلا أن ذلك لا يضمن منح المملكة إسرائيل رسمياً حق العبور عبور أراضيها.
شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/آذار/2012 - 28/ربيع الثاني/1433