مجزرة الحولة البشعة
يوم أمس قالت روسيا إنها تحمّل الطرفين (الجيش السوري والمعارضة) فيما يخص مجزرة الحولة بوسط سورية، والتي راح ضحيتها 108 أشخاص على الأقل، وفي الوقت ذاته حمّلت دولٌ أخرى الجيش السوري مسئولية هذه المجزرة التي حدثت يوم الجمعة الماضي لتعلن نهاية غير رسمية لوقف نزيف الدم بحسب الخطة التي يشرف عليها المبعوث الأممي كوفي عنان منذ 12 أبريل/ نيسان 2012. وبالنسبة لي كمراقب، فإنني أحمّل الحكومة السورية ما حدث من مجزرة بشعة، وهذه المجزرة ليست منفصلة عن سياق ما حدث ويحدث في سورية منذ مطلع العام الماضي.
نعم ربما أن هناك محاولات لحرف ما يجري في سورية وتجييره ضمن صراع إقليمي يطبخ على أسس طائفية، ولكن لننظر إلى بدايات ما حدث في سورية، إذ إن كتابات وشعارات على الجدران خطها صغار في السن وشباب في مدينة «درعا» أدت إلى عقوبات وحشية لهم ولأهاليهم... تلك الشعارات المنادية بإسقاط النظام سمعوها من الفضائيات التي نقلت آنذاك أحداث الثورتين التونسية والمصرية، وأدت القسوة في المعاملة إلى انتفاضة سورية، تحوّلت إلى قتال وسفك للدماء. وألوم أولاً الحكومة السورية ليس فقط لأنها عاملت أبناء شعبها بوحشية، وإنما لأنها أيضاً حرمته من الديمقراطية والحريات العامة على مدى سنين طويلة جداً.
أعلم أن الوضع في سورية في غاية التعقيد، وأن وتيرة هذا التعقيد في تزايد، وخصوصا بعد سلسلة التفجيرات، وحوادث الخطف التي يتبادل كل من النظام والمعارضة الاتهامات بشأنها، ولكنني أجد أن المخرج الوحيد من هذا المنحدر الخطير هو مضاعفة الجهود لتنفيذ مبادرة المبعوث الدولي الخاص كوفي عنان، والذي وصل إلى دمشق أمس غداة إدانة مجلس الأمن للنظام السوري بشأن مجزرة الحولة.
لقد كتبت عن «ربيع دمشق» فيما سبق، وذكرت كيف أنه وقبل أكثر من عشر سنوات كان هناك ربيع استمر شهرين (يوليو/ تموز، وأغسطس/ آب 2001) وانتهى باعتقال جماعة تأسست حينها تحت اسم «منتدى الحوار الوطني»، ومحاكمة وسجن عشرة من الشخصيات اللامعة من أعضاء مجلس الشعب وأطباء وأساتذة واقتصاديين... وكيف أن الرئيس السوري الشاب (آنذاك) بشار الأسد الذي جاء على أساس وعود بالإصلاح رفض الإفراج عنهم، وأمر بتنفيذ حكم ظالم ضدهم بالسجن تحت طائلة قانون الطوارئ الذي صدر منذ العام 1963.
السوريون دخلوا موسم «الربيع العربي» في منتصف مارس/ آذار 2011 تناغماً مع انتفاضات الصحوة العربية التي عمت منطقتنا من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، وموقفنا المؤيد للشعب السوري هو الموقف ذاته تجاه كل الشعوب العربية في كل مكان بلا استثناء.
إننا نقف مع مطالب جميع شعوبنا العربية، ومنها الشعب السوري المطالب بحقوقه، ونستنكر الجرائم التي ترتكب ضده، ونستنكر جرّ الساحة السورية لإشعال نار الطائفية التي يراد لها أن تؤسس لصراع إقليمي يوفر غطاء للاستبداد والحركات المناوئة لحريات شعوبنا العربية. كما نقف بصورة مبدئية ضد العنف والعنف المضاد من أي جهة كانت، وفي أي بلد حدث ذلك، فإيماننا بحق الشعوب في حريتها ليس فيه أي انتقائية، والعرب في كل بلد عربي بلا استثناء لهم حق في المطالبة بسلمية بالحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والبشر في كل بلاد على وجه الأرض بلا استثناء، لهم حقوق أساسية غير قابلة للبيع أو الشراء.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3552 - الثلثاء 29 مايو 2012م الموافق 08 رجب 1433هـ