أسئلة خليجية محرجة
قاسم حسين ... كاتب بحريني
Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com
تصغير الخطتكبير الخط
كثير من الأشقاء الخليجيين يطرحون أسئلة محرجة عن الواقع البحريني، ليس فقط عن الجانب السياسي واستمرار انتهاكات حقوق الانسان، بل حتى عن الإجراءات الأخيرة في إشهار «اتحاد الجاليات الاجنبية» عوداً إلى جذوره الضاربة في التجنيس.
هذه التساؤلات يجمعها هاجس خليجي مشترك، عن قضية الهوية التي أشبعها المثقفون والكتاب والباحثون الاجتماعيون الخليجيون كتابةً وبحثاً خلال الثلاثين عاماً الأخيرة، من محمد الرميحي وعلي الكواري انتهاءً بالباحث الشاب عمر الشهابي الذي استعار لأحد مقالاته عنوان «مدن الملح» من الروائي السعودي عبدالرحمن منيف، والذي كتب عدة روايات عن مدن الخليج النفطية، منذراً بما ستواجهه هذه المجتمعات من مخاطر كبرى تهدد هويتها ووجودها.
إذاً... ليس مستغرباً طرح الخليجيين هذا الهاجس مجدّداً من البوابة البحرينية، لتأثير سياساتها وإجراءاتها الداخلية على المحيط القريب، سياسياً وأمنياً، بما يتجاوز تأثيراتها الداخلية اقتصادياً واجتماعياً. فعندما تقوم بتجنيس كتل بشرية كبيرة، من جنسيات أخرى لأهداف سياسية بحتة، فإنك تفتح على بلدك أبواباً تدخل منها الريح، وخصوصاً في هذه الفترة السياسية العاصفة. والحقيقة التي يُتعامى عنها أن أغلب هذه الفئات الجديدة تعود لمناطق ملتهبة، تعاني من صراعات واضطرابات وعنف. ولا يمكن لأي نظام أمني أن يحكم تفاعلات هذه الجاليات مع قضايا أوطانها الأصلية، أو يتنبأ بما يمكن أن تكون عليه ردود فعلها. كما لا يمكن ضمان أن يستمر الجيل الثاني والثالث في أداء دور الجيل الأول الأمني نفسه أو القبول بأوضاعه المعيشية، إذ سيتحوّل عددٌ كبيرٌ منه إلى المطالبة بأوضاع وظيفية أفضل، وهو ما سيضعهم على احتكاك مباشر مع الفئات المستفيدة من الأوضاع في هذه اللحظة الراهنة.
الخليجيون اليوم يتساءلون: ألم تضعوا كل تلك المحاذير في حساباتكم للمستقبل؟ هل من الحكمة تكتيل الجاليات الأجنبية في «حركة» أو «تنظيم» أو «منظمة» تعلن في بيانها الأول أنها تمثل 52 في المئة من السكان؟ هل حسبتم حساب المستقبل وأنتم تصفقون لذلك؟ وهل وصلت البلاهة السياسية ببعضكم أن يكتب مشكّكاً بمواطنيكم وولائهم وإخلاصهم لوطنهم، ويفضّل عليهم الوافد الأجنبي؟ فلو حدث ذلك في أية صحيفة من صحفنا - والكلام للخليجيين - لحُجر عليه العمل في الصحافة نهائياً، وشُطب من قيد جمعية الصحافيين، لاستهانته بقيمة المواطنة وكرامة المواطنين.
ثم ماذا تتوقعون - بعدما فعلتم - أن نفعل في دولنا الأخرى حيث نعيش كأقلياتٍ صغيرةٍ في بحر من الوافدين الأجانب؟ ألم تفكّروا بانعكاس سياستكم هذه على الجاليات الأجنبية حيث يشكلون لدينا ما بين 85 و90 في المئة من السكان؟ ألم تتذكروا الضغوط من بلدان المنشأ التي تمارس علينا منذ عشر سنوات، لتمثيل الوافدين سياسياً بينما نحن لم نتهيأ بعد لإجراء انتخابات بلدية بعد؟
ثم ألم تفكّروا بأن استخدام ورقة الجاليات الأجنبية وإقحامها في نزاع سياسي داخلي بينكم كبحرينيين، يمكن أن ينقلب إلى شفرةٍ تبتلعونها دون وعي؟
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3761 - الإثنين 24 ديسمبر 2012م الموافق 10 صفر 1434هـ