الحوار بين الحاكم والمحكوم
هاني الفردان ... كاتب بحريني
hani.alfardan [at] alwasatnews.com
تصغير الخطتكبير الخط
المتحدث الرسمي باسم حوار التوافق الوطني عيسى عبدالرحمن قال إن المتحاورين في حوار التوافق الوطني توافقوا «على أن الحكومة هي طرف رئيسي ووزير العدل هو المكلف برفع المخرجات إلى جلالة الملك، وتمت قراءة النقطة على الجميع للتأكد من موافقتهم عليها». كما أكد أن «المتحاورين توصلوا إلى توافق بشأن أن نتائج الحوار هي الاتفاق النهائي».
تم الاتفاق على هذه النقطة بوجود وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، وهو ممثل السلطة، مع وزيري التربية والتعليم والأشغال، وحدث التوافق في جلسة الثالث عشر من فبراير/ شباط 2013 (للتوثيق).
في 16 فبراير 2013 نشرت صحيفة «اليوم السابع» مقابلة مع وزيرة شئون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة، أكدت فيها أن «الحكومة من جانبها شاركت في مؤتمر الحوار السياسي كمنسق لبرامج وفعاليات الحوار الذي دعا له وستتولى تنفيذ التوصيات التي سيتم التوافق عليها ولن تشارك في الحوار كطرف في مقابل المعارضة السياسية».
عصف ذلك التصريح للمتحدث الرسمي باسم الحكومة بجلسة الحوار الرابعة يوم الأحد الماضي، وأدخل مشروع الحوار «الهشّ» في الطريق المظلم المسدود، بعد أن عادت المعارضة إلى التمسك بأن يكون الحكم ممثلاً في الحوار، لا الحكومة، وذلك بناءً على متناقضات تصريحات ممثلي الحكومة داخل الحوار، والمتحدث الرسمي للحكومة خارج الحوار، ما أثار قلقها ومخاوفها.
معالي وزير العدل، المكلف بـ «الترتيب للحوار» من قبل عاهل البلاد (الحكم) وليس الحكومة، هل لك أن تجيبنا عن أسئلة سألناها من قبل، ولم نحصل على إجابة عليها بعد، وها نحن نعيدها من جديد، على أن تضعوا الشعب في الصورة الحقيقية لما يجري.
معالي الوزير: مازالت وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة مصرة على أن الحكومة مجرد منسّق للحوار، على رغم أن أطراف الحوار توافقوا على أنها طرف رئيسي؟ فأيهم أصح معالي الوزير، كلام الوزيرة أم ما توافق عليه المتحاورون؟ ولماذا هذا التناقض؟
معالي الوزير، توافق المتحاورون على أن «نتائج الحوار توافق نهائي»، فيما مازالت الوزيرة المتحدث بلسان الحكومة تتكلّم عن «توصيات»، فهل يمكنك أن تفسّر لنا ذلك؟
معالي الوزير، توافق المتحاورون على أن يرفع معاليكم مخرجات الحوار والتي هي بالتأكيد ليست توصيات إلى عاهل البلاد مباشرة، إلا أن المتحدثة باسم الحكومة تتحدث عن أن الحكومة المشاركة حالياً في الحوار ستنفذ التوصيات؟
كيف يمكن أن يقتنع الناس قبل المعارضة بجدية حواركم في العرين، ومازالت تتناقض المواقف والتصريحات، ومازالت الحكومة تتحدث عن الحوار بمنظورها المختلف عمّا يجري على الطاولة، وكأن لا شأن لها بما يتم التوافق عليه.
معالي الوزير، هل الحكومة «تناور» من خلال فريق في الداخل، وآخر يلعب في الخارج؟ على إثر ما تراه «المعارضة» وما وصفته بـ «المناورة والمراوغة» لأطراف حكومية، لجأت إلى ضرورة أن يكون هناك تمثيل واضح للحكم على طاولة الحوار يمتلك صلاحيات اتخاذ القرار، في ظل مخاوفها من التلاعب.
على طاولة حوار الأحد الماضي، أكد وزير العدل «عدم جواز تمثيل عاهل البلاد في الحوار»، ولا أحد يعلم على أي سند قانوني أصدر معالي الوزير فتواه القانونية. والرد على كلام وزير العدل لم يأتِ متأخراً بل بعد يوم واحد فقط، ومن وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، الذي أكد - بحسب ما نقلته وكالة أنباء البحرين (بنا) - «نحن نتطلع أن نصل إلى تفاهم، وهذه ليست المرة الأولى، لقد مررنا بمشاكل سابقاً، وكانت دائماً الأمور تحل بالحوار والتفاهم، لم يكن في تاريخنا الحل من جانب واحد... دائماً يأتي الحل بتفاهم حواري بين الحاكم والمحكوم، وتاريخنا شاهد على ذلك».
تصريح وزير الخارجية هنا ردّ على وزير العدل، فهو يؤكد أن حل هذه الأزمة في الحوار والتفاهم والذي يكون دائماً بين «الحاكم والمحكوم» وأن «التاريخ شاهد على ذلك»، فمن أين جاء وزير العدل بعدم الجواز؟
بعض قطع الشطرنج على طاولة الحوار تساءلت يوم الأحد عن الفرق بين الحاكم والحكومة، ولنوضح لهم الصورة، سنستشهد بالباب الأول من الدستور الذي نص في مادته الأولى الفقرة (ب) على أن «حكم مملكة البحرين ملكي دستوري وراثي، وقد تم انتقاله من المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة إلى ابنه الأكبر الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد، وينتقل من بعده إلى أكبر أبنائه...»، هذا هو الحكم والحاكم، لمن لا يعرفهما. الفقرة (ج) من الدستور نصّت على أن «نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعاً»، وهذا هو المحكوم، لمن لا يعرفه أيضاً.
الباب الأول من الدستور، وفي حديثه عن «الدولة» تطرق للحاكم وللمحكوم، وهو ما يوضح أن الدولة تتكون من هذين العنصرين ولا ثالث لهما، ولذلك فإن حديث وزير الخارجية عن أن الحل في تفاهم بين الحاكم والمحكوم واضح، وعلى حد قوله «التاريخ شاهد»، لا يقبل الجدل أو الدجل.
هاني الفردان
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3826 - الأربعاء 27 فبراير 2013م الموافق 16 ربيع الثاني 1434هـ