البحرين خالية من الوباء... والتقصي الوبائي مستمر
«الصحة العالمية»: انتهاء انتشار انفلونزا الخنازير... ومخاوف من دورانه
الوسط - علياء علي
عادل الصياد
أعلنت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية مارغريت تشان رسميا انتهاء انتشار وباء انفلونزا الخنازير H1N1 يوم الثلثاء الماضي الموافق العاشر من أغسطس/ آب الجاري.
وأكدت «ندخل الآن في مرحلة ما بعد انتشار الوباء»، وعبرت عن مخاوف المنظمة من أن ينتهج فيروس انفلونزا الخنازير نهج فيروس الانفلونزا الموسمية في الدوران لسنوات مقبلة.
من جهته قال رئيس لجنة مكافحة الأمراض بوزارة الصحة عادل الصياد في تصريح خاص بـ «الوسط» إن « البحرين خالية حاليا من انفلونزا الخنازير ولا توجد أية إصابات، وكانت آخر إصابة مثبتة مختبريا في يناير/ كانون الثاني الماضي، ويتم التركيز على الاستمرار في التقصي الوبائي لانفلونزا الخنازير؛ فالوزارة تطبق الخطة الموضوعة سابقا للاستعداد والتصدي للجائحة والتي تشمل جميع المراحل التي تمر بها الجائحة بما فيها مرحلة ما بعد الجائحة، كما ان الوزارة كانت ولاتزال على اتصال ومتابعة مع منظمة الصحة العالمية بشأن تطورات جائحة H1N1 ونحن نتابع عن كثب جميع الإرشادات الصادرة من المنظمة بهذا الخصوص».
وأوضح رئيس مكافحة الأمراض «بدأت الجهات المعنية في الوزارة بالتقصي الوبائي مع بدء الجائحة واستمرت فيه حتى الآن، علما بأن التقصي لهذا المرض أصبح من ضمن التقصي الوبائي الروتيني منذ نهاية يناير الماضي».
واستطرد «كما ان الوزارة و بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بصدد البدء في تقص وبائي لفيروسات الانفلونزا مختبريا، الأمر الذي سيساهم في معرفة أنواع فيروسات الانفلونزا السارية في البحرين بصورة مستمرة، وقد بدأت الوزارة أيضا في مراجعة الإحصاءات المختلفة للمرض من أجل الاستفادة من هذه الخبرة المكتسبة في الإعداد لأية جوائح أو وباء محتمل قادم لا سمح الله».
وبسؤاله عما إذا لاحظت اللجنة الوطنية لمواجهة الوباء ما لاحظته المنظمة، أجاب الصياد «نعم، حيث كانت اللجنة الوطنية على اطلاع مستمر بتطورات المرض والوباء في البحرين والعالم، والوباء في البحرين اتخذ مسارا مطابقا لمعظم دول العالم، إذ تم اكتشاف أول حالة في مايو/ أيار من العام الماضي ليزداد العدد تدريجيا بعد ذلك ويصل إلى ذروته في نوفمبر/ تشرين الثاني وينخفض بعد ذلك في شهر ديسمبر/ كانون الأول وكما ذكرت فإنه تم تسجيل آخر حالة مثبتة مختبريا في يناير الماضي».
وأردف «كما تمت ملاحظة أن المرض بدأ خفيفا واستمر كذلك لمعظم الحالات المسجلة في البحرين على رغم حصول حالات وفيات بسببه والتي لم تتجاوز الحالات المتوقعة بسبب الانفلونزا الموسمية، ولكن بفضل الله وبسبب جهود مختلف الجهات في الوزارة وخارجها والدعم الكبير الذي تم تقديمه من قبل الحكومة فلقد كان تأثير الوباء محدودا على الخدمات الصحية والوضع الصحي والاجتماعي في البلد بصورة عامة على رغم إصابة أعداد كبيرة به».
وأضاف «كل ذلك تمت الإشارة إليه أيضا في تقارير منظمة الصحة العالمية؛ إذ أشارت إلى أن البلدان التي تتميز بأنظمة صحية قوية لم تتأثر بالجائحة كما حصل للأنظمة الصحية الضعيفة التي كان تأثيرها كبيرا من جراء الوباء».
وختم رئيس قسم مكافحة الأمراض في إدارة الصحة العامة بوزارة الصحة «كانت اللجنة تراقب أعداد حالات الانفلونزا منذ شهر مارس/ آذار الماضي على اعتبار أن الجائحة ابتدأت العام الماضي في أبريل/ نيسان ولكن لم تسجل أية زيادة في عدد الحالات خلال الأشهر الماضية، وهو الأمر الذي يساند محليا الإعلان العالمي عن انتهاء الجائحة».
وكانت المديرة العامة مارغريت تشان قد أعلنت رسميا عن انحسار انتشار انفلونزا الخنازير في العاشر من أغسطس/ آب الجاري قائلة «تجاوز العالم الآن المرحلة السادسة من مراحل الإنذار بوقوع جائحة الانفلونزا، ونحن بصدد الانتقال إلى مرحلة ما بعد الجائحة، وقد قطع الفيروس H1N1 شوطاً كبيراً من مساره، تلك هي آراء أعضاء لجنة الطوارئ، التي أدلي بها في وقت سابق من هذا اليوم في مؤتمر تلفزيوني»
وأضافت «وقد أجرت اللجنة تقييمها استناداً إلى الوضع السائد على الصعيد العالمي، وإلى التقارير الواردة من عدة بلدان تشهد الآن انتشار الانفلونزا في أراضيها، وأنا أؤيد تماماً نصائح اللجنة».
وواصلت تشان «دخولنا مرحلة ما بعد الجائحة لا يعني اختفاء الفيروس H1N1 فنحن نتوقع انطلاقاً من التجربة التي اكتسبناها من الجوائح السابقة، أن ذلك الفيروس سينتهج نهج فيروس الانفلونزا الموسمية ويواصل الدوران لسنوات قادمة، وفي مرحلة ما بعد الجائحة قد تبدي بعض الفاشيات المحلية المتفاوتة الشدة التي لاتزال تُسجل هنا وهناك، مستويات عالية فيما يخص سريان الفيروس H1N1 وذلك ما نلاحظه الآن في نيوزيلندا، وقد يكون الوضع مماثلاً في مناطق أخرى».
وتابعت أن «الإجراءات التي تتخذها السلطات الصحية في الهند ونيوزيلندا في مجالات التيقظ والكشف السريع عن الحالات وعلاجها واتخاذ تدابير التطعيم الموصى بها، إنما هي من الأمثلة على الطريقة التي قد يتعين على البلدان الأخرى اتباعها للاستجابة لمقتضيات الوضع في مطلع مرحلة ما بعد الجائحة».
ومن اللافت، خلال الجائحة، أن الفيروس H1N1 فرض سيطرته على الفيروسات الأخرى ليصبح الفيروس المهيمن، أما الآن فقد تغير الوضع، ذلك أن كثيراً من البلدان أصبحت تبلغ عن سريان كوكبة من فيروسات الانفلونزا فيها، تماماً كما كان يلاحظ أثناء الأوبئة الموسمية، وتشير الدراسات التي نشرت في الآونة الأخيرة إلى أن 20 في المئة إلى 40 في المئة من سكان بعض المناطق أصيبوا بالفيروس H1N1 وهم يمتلكون الآن قسطاً من المناعة التي تحميهم من ذلك الفيروس، كما تبلغت بلدان عديدة عن تحقيق نسبة جيدة فيما يخص التغطية بخدمات التطعيم، ولاسيما بين الفئات الشديدة الاختطار، ما يسهم في زيادة مستوى المناعة المجتمعية.
ومن المعروف أن الجوائح، على غرار الفيروسات التي تسببها، من الظواهر التي لا يمكن توقعها، ولا يمكن أيضاً توقع مرحلة ما بعد الجائحة، وترى منظمة الصحة العالمية أن من الأمور البالغة الأهمية مواصلة التزام اليقظة وقد أصدرت عن ذلك نصائح بشأن العمليات الموصى بها في مجالات الترصد والتطعيم والتدبير العلاجي أثناء مرحلة ما بعد الجائحة.
ولوحظ أثناء جائحة انفلونزا الخنازير أن عدداً ضئيلاً من المصابين بالفيروس، منهم شباب وأشخاص أصحاء، أصيبوا بشكل وخيم من الالتهاب الرئوي الفيروسي الأولي الذي لا يُلاحظ عادة، خلال الأوبئة الموسمية ولا يمكن علاجه إلا بتكريس موارد جمة، ومن غير المعروف ما إذا كان هذا النمط سيتغير أثناء مرحلة ما بعد الجائحة، وهو ما يزيد من ضرورة التزام اليقظة.
وقد فتك وباء انفلونزا الخنازير بنحو 18500 شخصا حول العالم منذ اكتشافه في أبريل العام 2009 ارتفعت معه مبيعات أدوية التاميفلو واللقاح الخاص بالوقاية من الوباء بالإضافة إلى المواد ذات الصلة بالحماية من انفلونزا الخنازير، ووصلت مبيعات المواد المعقمة مثل الصابون السائل المعقم لليدين والكمامات إلى معدلات غير مسبوقة، كما تم تعليق الدراسة في المدارس في عدد من دول العالم.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2905 - الجمعة 20 أغسطس 2010م الموافق 10 رمضان 1431هـ