ردكم فضيحة سعادة الوزيرة
هاني الفردان
هاني الفردان ... كاتب بحريني
hani.alfardan [at] alwasatnews.com
بعد 11 شهراً من خطاباتنا المتكررة لوزيرة التنمية الاجتماعية عن موقف الوزارة من مشروع «تجهيز غازٍ» وجمع التبرعات من المواطنين لتسليح مقاتلين، وشراء مقاتلين آخرين وإرسالهم إلى القتال في دولة عربية شقيقة لقتل المسلمين بأموال بحرينية... جاءنا الرد، «ليس لنا علاقة»!
رد وزارة التنمية الاجتماعية، رد غريب وعجيب، متجاهلاً درجة الوعي العام، والإلمام التام لدى عامة الناس بمختلف القضايا، وإدراكهم بأن الأمور لا تؤخذ فقط بالردود المقتضبة والمتهربة.
لن أجامل، ولن أحمل الموظف الذي كتب الرد المسئولية، بل سأوجّه خطابي إلى وزيرة التنمية الاجتماعية التي أعرف أنها لا تقبل بمثل هذه الردود الغبية. فالرد كان غريباً، وكأني به كُتب قبل عام، وأعيد إرساله من جديد، فقط للقول بأننا رددنا، ويا ليتكم لم تردوا سعادة الوزيرة، فلازلتم مخالفين للقانون.
سعادة الوزيرة: سنتحدث بلغة التواريخ وتدرج الأحداث، لنبسط لكم أكثر تداعيات القضية، وتهرب السلطة من مسئوليتها الحقيقية وواجبها في تنفيذ القانون.
في 6 أغسطس/ أب 2012، نشر الأمين العام لجمعية الأصالة عبدالحليم مراد عبر «تويتر» صورة علق عليها قائلاًً: «وفد مملكة البحرين مكوّن من الشيخ عادل المعاودة والشيخ عبدالحليم مراد والشيخ فيصل الغرير والشيخ حمد المهندي». (مع ألف خط تحت كلمة وفد مملكة البحرين)! وأظهرت الصورة التي شاهدها الجميع، أن البحرينيين الأربعة كانوا مع أناس يحملون أسلحة وصواريخ، وقائد لكتيبة عسكرية في مؤتمر صحافي.
في 7 أغسطس 2012، عاد مراد، وأكد أن ما قاموا به من عمل برغبة غالبية الشعب البحريني، وبث صورة جديدة لاجتماع مع «قائد صقور الشام للجيش السوري الحر»، وفي اليوم ذاته نفت وزارة الخارجية البحرينية، في بيان لها، علمها بدخول نواب بحرينيين إلى الأراضي السورية، مؤكدةً أن ذلك «جاء دون علم أو تنسيق مسبق مع وزارة الخارجية».
في 9 أغسطس 2012، اتهم نشطاء في مجال العمل التطوعي، وزارة التنمية الاجتماعية بـ «الكيل بمكيالين» في قضية الترخيص للجمعيات بتقديم تبرعات سواء داخل البحرين أو خارجها، وطالبوا الوزارة بمعاملة جميع الجمعيات والجهات الأهلية التطوعية بالمثل.
في 11 أغسطس، نشر ردٌّ لوزارتكم قلتم فيه «بخصوص منح الوزارة ترخيصاً لجمعية الأصالة الإسلامية لجمع تبرعات لسورية، إن جمعية الأصالة جمعية سياسية مسجلة لدى وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، وبالتالي تحصل على التراخيص اللازمة لأنشطتها من الوزارة التي رخصت منها».
على إثر ذلك، كتبت مقالي الأولى، بشأن ما اعتبرته «فضيحة» في 11 أغسطس 2012، ووجّهت سؤالي للدولة قائلاً: «هل الدولة قادرة على الرد؟»، وركّزت في مقالي على وزارة العدل، وجواز قيام جمعية سياسية بجمع تبرعات مالية لدعم مجهود حربي في دولة عربية أخرى، والتواصل مع كيانات مسلحة.
في اليوم نفسه سعادة الوزيرة، نفت جمعية الأصالة نفياً قاطعاً مخالفتها قانون الجمعيات السياسية أو تقديمها تبرعات لأية جهة غير بحرينية، وأكدت التزامها بالقوانين واللوائح المنظمة لعمل الجمعيات السياسية، وأن تقديم التبرعات ليس من أهداف ولا سياسات الجمعية، ولا تملك ذلك أصلا.
وقالت الجمعية: «قام أعضاء من الأصالة وبتكليف من الشعب البحريني (!) بتقديم تبرعاته للشعب السوري المسلم الجريح، استناداً لنداء الدين والإسلام والعروبة، وكونهم أعضاءً بالأصالة لا يعني أن هذه تبرعات الأصالة، بل تبرعات الشعب البحريني المسلم الغيور».
سعادة الوزيرة، من هذا النفي لجمعية الأصالة طرحنا أسئلتنا عليك وعلى وزارتك لأنها أصبحت المسئولة، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن ولم نحظى منكم بإجابة شافية، وحتى ردكم الأخير كان محاولةً للهروب لما قبل 11 أغسطس 2011، ونفي الجمعية.
سعادة الوزيرة: سألناك في مقالنا الأخير ومقالاتنا السابقة عن الموضوع نفسه، ونعيد ذات الأسئلة ونترقب الأجابات. هل يحق لمواطنين سواءً كانوا نواباً أو أعضاء في جمعية سياسية، جمع تبرعات مالية وعينية بصفتهم الشخصية من المواطنين بشكل علني وصريح، دون الحصول على ترخيصٍ من السلطة؟
منذ نحو عام ومشروع «تجهيز غازي» قائم على قدمٍ وساق، فماذا فعلتِ تطبيقاً للقانون، أم أن القانون كما قيل ويقال «لا يطبّق على الجميع»؟ وهل مراقبة مشاريع جمع التبرعات ليس من اختصاصك سعادة الوزيرة؟ ولكن ملاحقة الحصالات في البرادات والترخيص لها من صلب مهام الوزارة؟
سعادة الوزيرة وجهت لك هذا السؤال، ولكل جهة مسئولة، هل الشعب البحريني يتبرع لدعم مجهود حربي وجماعة مسلحة منشقة على حكومة عربية؟ وهل تشجّع الحكومة البحرينية أن تتلطخ أيدي شعبها بدماء مسلمين ومواطنين أبرياء؟ وهل تشجّع الحكومة البحرينية على تبني إرسال مقاتلين للقتال في بلدان عربية وإسلامية؟
سعادة الوزيرة: أعيد وأكرر، لقد توعدتِ بـ»اجتثاث» الإرهاب وتجفيف منابعه، ولكن هل ذلك الوعد والوعيد يقصد به فئة دون أخرى، أو جماعة من دون أخرى، أو أنها توجيهات للاستهلاك الإعلامي؟ وأيهم أخطر: التبرع لـ «تجهيز غزاة» وشراء أسلحة وسفك الدماء، أو التبرع لمساعدة الفقراء؟ وأيهما ينطلق عليه وصف الارهاب؟
سعادة الوزيرة: هناك من يجمع الأموال في البحرين لشراء أسلحة، وتسليح مقاتلين، وإرسالهم إلى دولة عربية لقتل مسلمين، مشاريعهم علنية، إعلاناتهم في كل مكان، يتفاخرون بذلك، ويتحدّون القانون، لعلمهم بأن القانون لا يطالهم، أو يغضّ النظر عنهم، فماذا فعلتِ لهم منذ نحو عام؟
سعادة الوزيرة، هل يجوز لي كمواطن أن أجمع تبرعات لدعم جماعات مسلحة خارج البلاد؟ ننتظر منك الجواب.
هاني الفردان
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3980 - الأربعاء 31 يوليو 2013م الموافق 22 رمضان 1434هـ