طرحان وفهمان مختلفان لموضوع «الحوار»
منصور الجمري
منصور الجمري ... رئيس التحرير
editor [at] alwasatnews.com
تصغير الخطتكبير الخط
يوم أمس (2 أكتوبر/ تشرين الأول 2013) تم تعليق «حوار التوافق الوطني» حتى 30 أكتوبر 2013، وذلك على أمل الوصول إلى مخرج من الطريق المسدود حالياً، ولاسيما مع استمرار التوتر والانقسام داخل المجتمع، ومع استمرار الإجراءات التي تقيّد الحريات العامة، ومع اعتقال أحد قياديي «الوفاق»، ومع ازدياد التهديدات بالتضييق أكثر على ما تبقى من هامش للحريات العامة.
كان هناك يوم أمس مقترح مقدم من النائب أحمد الساعاتي، وربما أن الهدف منه إيجاد آلية مختلفة للحوار، إذ إن الآلية الحالية ثبت عجزها حتى عن تشجيع بيئة حميمية للإصلاح والمصالحة... بل على العكس، فإن كثيراً من التهديد بالمزيد من الإجراءات المقيِّدة للحريات (أو تأييد التضييق المتصاعد)، تصدر من المشاركين فيما يسمى بـ «حوار التوافق الوطني».
جهات رسمية تلقي اللوم حالياً على المعارضة لأنها شاركت بمتحاورين ليسوا من الصف الأول، والمعارضون يوجهون الاتهام ذاته، ولكن في الاتجاه المعاكس. كما أن الجهات الرسمية التي زعلت من تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما من أن البحرين تعاني من توترات طائفية، هي ذات الجهات التي تقول بأن الحوار ليس بين السلطة والمعارضة (إذ لا يوجد اعتراف رسمي بمصطلح معارضة)، وإنما هو «حوار التوافق الوطني» بين مكونات المجتمع (يعني بين الشيعة والسنة).
المعارضة ترفض وصف الحوار بأنه حوار بين شيعة وسنة، وأرسلت وفداً للحوار الذي بدأ في 10 فبراير/ شباط 2013 يتكون من مختلف الفئات المجتمعية، والمعارضة تعتبر أن الحوار يجب أن يكون بين من لديه السلطة ومن لديه مطالب... وهذا لا يمنع أن تتحاور السلطة مع كل من لديه مطالب، سواء كان من أحزاب المعارضة، أو من الأحزاب المؤيدة للوضع القائم. فأي سلطة في العالم لم تستقل من منصبها لا يمكنها أن تتخلى عن مسئولياتها، وتعلن على الملأ أن الأمور المهمة والخطيرة لا تعنيها، وأن موضوعاً مثل «الحوار» ليس لها علاقة به سوى كونها مجرد «جهة منظمة لاجتماع بين مكونات في المجتمع»، وأنها ستنتظر هذه المكونات لكي تصل إلى «توافق» فيما بينها، وأنها وبعد ذلك ستنفذ التوصيات المتفق عليها من خلال المؤسسات الحالية (المختلف عليها أساساً)، وأن التنفيذ يجب أن يمرر بحسب الترتيبات الحالية (المختلف عليها)، وأن وقت تنفيذها ربما بعد انتخابات 2014... أو لماذا العجلة من الأساس، إذ ربما تتطلب الترتيبات الدستورية الحالية أن تنفذ التوصيات المتوافق عليها بين مكونات المجتمع في برلمان 2018.
أمّا المعارضة فتطرح فهماً آخر، وتقول بأن الحوار السياسي هو تفاوض بين من يمتلك قرار الدولة فعلاً، وبين من لديه مطالب إصلاحية وطنية جامعة، وذلك من أجل التوصل إلى «تسوية» حقيقية تشمل المواطنين بغضّ النظر عن انتمائهم الطائفي، وهذه التسوية لابد أن تكون بحسب ترتيبات مختلفة عن الترتيبات الحالية (المختلف عليها أساساً)، وأن الوصول إليها يجب أن يخضع لجدول زمني لا يرتبط بالترتيبات الدستورية الحالية التي تعتبرها أساساً في المشكلة الحالية التي تسببت في الأزمة.
بين الطرحين فرق شاسع، وهناك حالياً تضييع للوقت تحت غطاء وجود حوار من نوع ما... وحالياً فإن التوصيات الوحيدة التي يتم تنفيذها (بسرعة البرق) هي تلك التي تخنق الحريات العامة أكثر وأكثر.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4044 - الخميس 03 أكتوبر 2013م الموافق 28 ذي القعدة 1434هـ