شبكة النبأ: في الأشهر القليلة الماضية، أصبحت أعمال العنف مشهدا شبه يومي يتكرر في معظم المدن العراقية، حتى صار موت المدنيين وعناصر قوات الأمن مجرد إحصاءات قتلى لمنظمات رسمية وغير رسمية في ظل تكرار الانتكاسات الأمنية على نحو مضطرد، الذي يبقي نزيف الدم العراقي مستمرا، لتصبح موجات الهجمات المنسقة مأساة إنسانية تهدد السلم الأهلي، وتظهر هذا المأساة واقعاً قاسياً لوضع يزداد سوءا يجسد معاناة كل العراقيين. إذ يشهد العراق منذ نحو سبعة اشهر تصاعدا في اعمال العنف اليومية التي باتت تحمل طابعا طائفيا، وكان العنف في العراق هذا العام في أعلى مستوياته مقارنة بالسنوات التي أعقبت ذروة العنف الطائفي في عامي 2006 و2007 حيث تصاعدت حوادث القتل الطائفي وكذلك حملة التفجيرات والهجمات بالأسلحة النارية التي يستهدف بها المسلحون قوات الأمن والمدنيين. ويرى بعض المحللين ان جناح القاعدة في العراق عامل رئيسي في تفاقم العنف في البلاد، ويواجه بلاد الرافدين صعوبة في مواجهة متشددين على صلة بالقاعدة اعلنوا مسؤوليتهم عن مئات الهجمات منذ بداية العام، حيث اضطر جناح القاعدة في العراق للعمل بعيدا عن الانظار عام 2007 لكنه اعاد تنظيم صفوفه منذ ذلك الحين واندمج في وقت سابق هذا العام مع نظيره السوري لتشكيل ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام التي اعلنت مسؤوليتها عن هجمات على جانبي الحدود، وزادت حدة العنف في الوقت الذي يتخذ فيه الصراع منحى طائفيا وسط حث جماعة ما يسمى بـ دولة العراق الإسلامية على حمل السلاح ضد الحكومة ومؤسساتها، ورغم أن المسلحين المرتبطين بالقاعدة في العراق ينفذون هجماتهم على الشيعة بالأساس إلا أنهم يستهدفون أيضا السنة بعمليات القتل والخطف والابتزاز، وأدى تصاعد العنف إلى مقتل ما يربو على ستة آلاف شخص في أنحاء العراق هذا العام بعد أن كان العنف الطائفي تراجع عن ذروته التي بلغها في عامي 2006 و2007. وأدت الحرب الأهلية في سوريا المجاورة إلى زيادة الضغط على التوازن الطائفي الهش في العراق والمتوتر بالفعل نتيجة ضغائن سياسية بين الكتل الحزبية، بينما تلعب الحسابات والتدخلات الإقليمية دورا كبيرا في هذا المجال، من خلال تحويل أزمات تلك الدول وتداولها داخل العراق، لكي تبعد الأزمات عنها، كون اغلب الدول تعيش نفس الهواجس والتحديات، على الصعيد الامني ومجالات اخرى ايضا، غير أنها تسيطر على تلك التحديات لامتلاكها مؤسسات عسكرية متماسكة ومنظمة، ونتيجة لهذه العوامل آنفة الذكر يرى أغلب المحللين أن الملف الأمني سيظل متعثرا دون حلول اكثر فعالية، فربما تضع المعركة السياسية في العراق، جميع أطياف الشعب تحت وطأة المؤامرات في الآونة المقبلة، مما اثار مخاوف كبيرة داخل الشعب العراقي من انزلاق العراق في وحل الفوضى مجددا، واذا لم ينجح العراق في شق طريقه والخروج من المأزق الأمني الخطير سيصبح ازمة مزمنة تشي بمستقبل مظلم لجميع العراقيين. فقد قتل نحو 950 شخصا في اعمال العنف اليومية في العراق خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، في امتداد لموجة العنف المتصاعدة منذ نحو سبعة اشهر، بحسب ما افادت ارقام رسمية، واشارت الارقام التي حصلت عليها وكالة فرانس برس من وزارات الدفاع والداخلية والصحة العراقية الى مقتل 948 شخصا الشهر الماضي، هم 852 مدنيا و53 من عناصر الشرطة و43 عسكريا، كما افادت الحصيلة عن اصابة 1349 شخصا خلال الشهر الماضي هم 1208 مدنيا و89 شرطيا و52 عسكريا. وحصيلة ضحايا شهر تشرين الثاني/نوفمبر مقاربة لحصيلة ضحايا الشهر الذي سبقه والذي قتل خلاله 964 شخصا، وهي الحصيلة الرسمية الاعلى لضحايا العنف منذ نيسان/ابريل 2008. القتل مباشر وغير مباشر في سياق متصل قتل حوال نصف مليون مدني عراقي بين اجتياح بلادهم في 2003 و2011، حسب دارسة نشرتها الولايات المتحدة وتأخذ بالاعتبار ايضا القتلى الذين سقطوا مباشرة في النزاع وكذلك النتائج التي نتجت عنه. وهذا الرقم هو بالتأكيد اكبر من رقم 115 الف قتيل مدني عراقي نشره احد المواقع الالكترونية العراقية ومقره بريطانيا وجمع ارقامه من معطيات نشرتها وسائل الاعلام والمستشفيات وكذلك مصادر حكومية ومنظمات غير حكومية، والدراسة الجديدة التي اعدها جامعيون في الولايات المتحدة وكندا بالتعاون مع وزارة الصحة العراقية، لا تهتم فقط بالقتلى الذين سقطوا خلال النزاع ولكن ايضا بالقتلى الذين سقطوا نتيجة الاحوال الاجتماعية التي نتجت عن المواجهات مثل المشاكل الصحية. واوضحت هذه الدراسة التي نشرتها مجلة "بي لوس ميديسين" ان "اي ارتفاع فجائي بنسبة الوفيات في العراق قد ينسب الى العنف المباشر ولكن نسبه اخرون الى عوال غير مباشرة مثل الخلل في الانظمة الصحية والنقل اوالاتصالات"، واستند الباحثون الى اراء بالغين في حوالى الفي منزل موزعة على مئة منطقة عبر العراق وسألوهم عن ظروف وفاة اشخاص من محيطهم، وحسب هذه المعطيات المطبقة في مجمل البلاد، فان الباحثين اعتبروا ان 461 الف عراقي قضوا باعمال العنف او بنتائج الغزو بين اذار/مارس 2003 ومنتصف العام 2011، واشاروا الى ان اعمال العنف، معارك واعتداءات واغتيالات، مسؤولة عن 70% من هذه الوفيات، والقسم الاخر نسب الى عوامل غير مباشرة للنزاع. بحسب فرانس برس. وبعد غزوه في اذار/مارس 2003 من قبل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، غرق العراق في نزاع طائفي بين 2006 و2007 قبل ان يستقر ليعرف بعدها موجة جديدة من العنف اعتبارا من مطلع العام، وفي 35% من الحالات، نسب الاشخاص الذين سئلوا رأيهم موت ذويهم الى قوات التحالف و32% الى مجموعات مسلحة، وفي الحالات التي لم يكن فيها العنف السبب المباشرة للموت، جاءت المشاكل في القلب السبب الاكثر رواجا للوفيات بسبب التراجع الخطير في النظام الصحي العراقي الذي تأثر كثيرا بسبب الغزو، ومع ذلك وفي مقال ترافق مع الدراسة، حذر سلمان رواف من منظمة الصحة العالمية من ان النتائج قد تكون موضع درس ونقاش طالما ان هذه التقديرات "لا تتسم بالتأكيد". تزايد حوادث القتل الشبيهة بالإعدام على الصعيد نفسه عثرت الشرطة في مناطق مختلفة في بغداد على جثث 13 شخصا كانوا فيما يبدو ضحايا حوادث إطلاق للنار شبيهة بالإعدام تعيد إلى الأذهان فترة الذروة في العنف الطائفي في العراق، وعثرت الشرطة على جثث ثمانية رجال معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي في منطقة عرب جبور ذات الأغلبية السنية في جنوب بغداد. كما ذكرت الشرطة أنه عثر على جثث خمسة أشخاص معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي أيضا في حي الشعلة ذي الأغلبية الشيعية في شمال غرب العاصمة، ولم يعرف على الفور المسؤول عن قتل هؤلاء الرجال ومتى حدث ذلك. ففي حي الحرية الذي تقطنه أغلبية شيعية في شمال غرب بغداد فتح مسلحون النار على أسرة سنية من خمسة أفراد وقتلوهم جميعا. كما فتح مسلحون النار من أسلحة مزودة بكواتم للصوت على محطة حافلات في حي البياع الذي تقطنه غالبية شيعية أيضا في جنوب العاصمة فقتلوا شخصا وجرحوا ثلاثة أشخاص. وتفيد إحصاءات الأمم المتحدة بأن ما يقرب من ألف شخص قتلوا في العراق في أكتوبر تشرين الأول وهو ما يصل بالعدد الإجمالي للقتلى هذا العام إلى ما يزيد على ستة آلاف شخص. ومن بين العوامل التي أدت إلى تصاعد العنف الحرب في سوريا التي اكتسبت بعدا طائفيا. وحثت الأمم المتحدة الزعماء السياسيين في العراق على التعاون لوضع نهاية لسفك الدماء الذي زادت وتيرته منذ انسحاب القوات الأمريكية في ديسمبر كانون الأول 2011. في الوقت نفسه عثرت الشرطة العراقية على جثث 18 رجلا خطفوا من منازلهم وأعدموا رميا بالرصاص في الرأس قرب بغداد كما عثرت على جثث مقطوعة الرأس لسبع رجال قتلوا في هجوم منفصل بشمال العراق. بحسب رويترز. وعثر على الجثث الثماني عشرة في مكان واحد في حقل ببلدة المشاهدة التي تقطنها غالبية سنية والتي تقع على بعد نحو 30 كيلومترا شمالي بغداد. وألقى مسؤول بارز في الشرطة بالمسؤولية عن الحادث على تنظيم القاعدة. وقالت مصادر في الشرطة إن رجالا يرتدون زيا عسكريا ويستقلون ست عربات رياضية تقريبا اقتادوا الضحايا من منازلهم في وقت مبكر يوم الجمعة. ومن بين الضحايا ضابط شرطة ومسؤول بالجيش ومدير مدرسة وشيخ قبيلة سنية وابنه، وقال مسؤول كبير في الشرطة العراقية رفض ذكر اسمه إن القاعدة بالتأكيد هي من يقف وراء الهجوم لأنها موجودة بقوة في هذه المنطقة. وأضاف المصدر أنه وقع اختيار الجناة على الضحايا لأنهم يعتبرونهم من أنصار الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة، وعادة ما ينفذ خاطفون يرتدون الزي العسكري عمليات قتل من هذا النوع في هذه المنطقة. وقال علي الحيدري الخبير الأمني العراقي لرويترز إن الهدف من هذه الهجمات هو "إضعاف العلاقة بين الشعب وقوات الأمن"، وذكر مصدران من الشرطة إنها عثرت على جثث سبع رجال مقطوعة الرأس في الهجوم الآخر الذي وقع بشمال البلاد. وكانت الجثث ملقاة في ساحة بحي في شمال مدينة تكريت الواقعة على مسافة 150 كيلومترا شمالي بغداد. ويعتقد أن الضحايا من السنة وجميعهم عمال دون الثلاثين من العمر وكانوا يعملون في موقع بناء استاد. إعدام الإرهابيين الى ذلك اعلن مصدر في وزارة العدل العراقية تنفيذ حكم الاعدام بحق 11 مدانا بتهم تتعلق بالارهاب، وقال مصدر مسؤول في وزارة العدل لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف اسمه "تم اعدام 11 شخصا ادينوا جميعهم بتهم تتعلق بالارهاب"، موضحا ان "جميع المدانين رجال عراقيون"، واكد ان المدانين "قاموا بتنفيذ عمليات ارهابية بشعة بحق الشعب العراقي وتمت محاكمتهم وادانتهم"، وازداد عدد الذين تم اعدامهم في العراق خلال السنوات الاخيرة، فقد بلغ 18 خلال 2010 و67 خلال 2011 و123 خلال 2012، و162 حتى الان خلال 2013. |