كشكول مشاركات ورسائل القراء
تصغير الخطتكبير الخط
حياةٌ مسلوبةُ الحقوق مصيرُ رجلٍ «بدون» يقطن في «صندقة» بالسقية
ما قيمة أن يعيش الإنسان في حيز مساحة من الوجود مدة من الزمن تناهز 50 عاماً فيما القائمون على فرض سلطتهم وسطوتهم على حدود هذه المساحة لا تقر بوجوده كإنسان بشري يملك من المشاعر والأحاسيس الإنسانية الراقية التي تحدد كينونته وكنهه في إطار العيش المشترك والكريم، فقط ما ينظر إليه سوى إنسان بحكم العدم من المشاعر يحرمونه من أبسط مقومات الحياة كالسكن الآمن، الهوية التي تحدد وصلة انتمائه لهذا الحيز الوجودي من المكان، مصدر الرزق والعمل، الاستقرار، المساعدات... كل ما قيل سابقاً كان ومازال منتفى وجوده في حياة أحد من هؤلاء البشر والناس والذي ولد، للأسف الشديد، في وسط هذه البلاد (البحرين) وكان يشدو في كل ركن من ركنها بحثاً عن الهوية التي تؤطر معالم انتمائه لتربة البحرين، حاول سعياً ودوماً عبر أكثر من جهة أن يستخرج لذاته الجنسية البحرينية طالما يملك كل الأصول الثبوتية والأوراق التي تؤكد وتؤهله للحصول عليها بكل يسر وسهولة وخاصة أن نصوص القانون تقف في صفه كما أن والده يعتبر من مواليد البحرين ومن أهل البحرين الأصليين الذين تمتد جذورهم إلى أعماق هذ التربة ويحمل الجنسية البحرينية بالأصل وبالتالي من المفترض أن يحصل الابن على الهوية البحرينية الخاصة بوالده بلا أي تعقيد ولكن شتان ما بين الحلم والأمل وبين الواقع المر الذي يعيشه دوماً ويعايشه قهراً عن إرادته رغم مساعيه الطويلة التي خاضها مع أكثر من طرف ومصدر بدءاً من إدارة الجوازات والجنسية مروراً بالجهات الحكومية الخيرية وممثلين للشعب وأخيراً الوزارات، لكن جل محاولاته التي سلكها لم يطل من وراءها إلا على الوعود الواهية التي لا تسمن ولا تغني من الجوع... أراد أن يثبت لنفسه ويصنع حياته المستقلة وتحقيق ما يطمح له أي إنسان بأن يشكل لذاته أسرته عل الأمر يتغير ما بعد الاقتران وإنجاب الأطفال وتنظر له حكومة البلاد لحالته بمنظار آخر أكثر عقلانية طالما ما يطالبه يندرج ضمن صلب الحقوق التي من البديهي أن يحصل عليها المواطن وليس في الأمر مدعاة للمزايدة والخلاف ولكن شتى سبل محاولاته التي طرق بابها منذ العام 2001 لم ينل منها إلا الكلام الفارغ... حاول بعدما وجد كل الأبواب مغلقة أن يلجأ إلى مقر وبلاد زوجته الأم (الآسيوية الجنسية) وقدرته على التكيف مع متغيرات وظروف الحياة أملاً في بلوغ الاستقرار المنشود فقام وسافر عبر وثيقة سفر بحرينية بمعية أسرته المكونة من زوجته الفلبينية وأبنائه الأربعة إلى (الفلبين) أملاً في بلوغ الحياة التي لم يجدها في عقر دياره التي ولد فيها، ولكن ما لبثت تلك المدة تمضي على أحسن ما يرام، حتى يكتشف على حين غرة باتصال يرده من البحرين من أحد ممثلي الشعب قبل حلول شهر رمضان لهذه السنة 2013 يطالبه بالعودة إلى البحرين، وتعهد له بتوفير كل مستلزمات الحياة له من جنسية ومسكن وعمل، ولكن اكتشف خلال عودته لوحده بأن كلام ممثل الشعب كان كالسراب الذي تلاشى وتبخر من أصل الواقع المر الذي يذوق ويلاته منذ أن وطأت قدماه مقر الديار وعاد دون أسرته التي تركها لوحدها في بلاد الغربة أملاً في تحقيق ما يرنو إليه ولكنه اكتشف ما بعد ذلك زيف المزاعم التي أطلقها له ممثل الشعب واختفاء أثره من واقع حياته خلال عودته ومازال يذوق ويلاته وحسرته على ترك أجمل أيام عمره التي قضاها بمعية أسرته هنالك...
لذلك مطلبي ينحصر في تحقيق شيء واحد لا سواه ألا وهو الجنسية البحرينية التي تقدمت بطلب الحصول عليها في العام 2001 ولا آمال تدلل عن قرب نيلها طالما كل الظروف تقف حجر عثرة لنيها بكل يسر، والأمر ظل مراوحاً مكانه في العيش تحت ظلال صندقة خشبية مكونة من الصفائح المعدنية تقع في منطقة السقية والأدهى من كل ما ذكر وما يثير غضبي وحنقي لأحيان كثيرة بأن ترى بأم عينيك أن الوافد الأجبني الذي للتو قد وفد على ديار البحرين قد حصل ما يرتجيه في فترة زمينة قليلة مقارنة بحالي الذي رغم محاولاتي سنوات لنيل الجنسية ولكن لم أطل من ورائها سوى التعب النفسي وتردي الوضع المعيشي إلى مستوى الفقر المدقع والحضيض ولا جدوى من كل ما قمت به وليس ذلك فحسب بل لكون مسيرة حياتي أشبه بكتاب مفتوح يستطيع كل إنسان أن يطلع عليه بأم عينه دون وجود أغطية ساترة لنا إلا ما ندر أصبح الأجنبي يعلم بمستوى مشكلتي وأخذ يستخف مني ويطلق علي عبارات السخرية بقوله لي مباشرة «أنت بدون جنسية بينما أنا بحريني» فيما الواقع يؤكد أنني بحريني من الولادة وأباً عن جد فيما هو الدخيل الذي حصل مبتغاه في ظرف زماني قصير جداً... يا ترى هل يتفق هذا العمل مع معايير العدالة والمساواة بين البشر؟... أجيبوني. هل من الإنصاف أن يعطى الدخيل كل حقوق المواطن فيما الأخير يهمش من جل حقوقه التي هي مفقودة من الأساس ويعيش الفقر المدقع، ومازلت أنتظر حتى اليوم الجنسية في المقابل الأجنبي يحصل عليها بكل يسر دون تعقيدات والأدهى بأنهم يستخفون بأهل البلد الأصليين؟
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
مطلقة تعيش مع أولادها الثلاثة في بيت والدها القديم تبحث عن ملاذ آمن
إذا كان العاملون وهم في الوقت ذاته يمثلون جهات رسمية حكومية قد قاموا بزيارة إلى مقر سكننا، وشاهدوا بأم أعينهم حجم المعاناة التي نكتوي منها لأجل التحمل على الأذى والصبر على المشقة في العيش تحت ظلال سقوف مهترئة لبناء أصلح بأن يكون خربة تضم - كرم الله سمع القارئ - حيوانات دون البشر ولكن واقع الحال يفصح لكم عن حقيقة اعترف بها هؤلاء الجميع الذين زاروا مقرنا أو بالأحرى منزلنا الذي نقطن فيه بأنه غير مؤهل للعيش البشري وغير صالح إطلاقاً للعيش تحت ظلال سقفه، وبالتالي أمام هذا الإقرار الرسمي، من هي الجهة التي يقع عليها عاتق مساعدتنا مما نحن فيه كي تقوم بدور المنقذ لنا مما نحن واقعون ونعاني منه... هل نصبر ونتحمل ظلم الأيام السوداء الحالكة التي تمر علينا من دون أن نستطع حتى أن نؤمن فيه على أنفسنا ما بعد مضي سويعات قليلة من وقوع أمور غير محسوب لها سلفاً وخاصة مع تدهور الظروف المحاطة بنا سواء من ناحية الأجواء الطقسية الطارئة غير مستقرة مع تقلبات المناخ، ناهيك عن ظروف وأجواء اجتماعية وأمنية تحد من مسعى نيل الراحة المنشودة وأمام كل ما هو واقع لنا أصبحنا نعلن ذلك صراحة دون جدوى، ناهيك عن عرض متسلسل لكل مشاهد الضيم التي نكتوي منها وسط تلك الجدران المتصدعة ولكن لا حياة لمن تنادي...
بإمكان كل مشاهد أن يبصر بنفسه حقيقة واقعنا المزري كي يدرج حقيقة معاناتنا التي نضمرها في نفوسنا أملاً في بزوغ حلم الاستقرار البعيد المنال.
معلومات تلخص مجمل معاناتنا: يعيش بداخل هذا المنزل (منزل والدي) 3 عوائل ومن بينها عائلتي التي تضمني أنا المرأة المطلقة بمعية أولادي الثلاثة لتحتوينا هذه الخربة الكائنة في منطقة مدينة عيسى ولقد طرقت باب المساعدة لدى المجلس الأعلى للمرأة الذي أبدي تجاوباً وتفهماً لحجم معاناتي وقام على إثر ذلك بزيارة إلى مقرنا الذي نقطن فيه وأفصحوا لنا عن عدم تناسب هذا البيت للعيش وغير المؤهل صحياً للسكن بداخله ولكن لم نلتمس أي تحرك جدي ينقذنا مما نحن واقعون فيه منذ العام 2005، وليس هذا فحسب بل إنما وجهنا أنفسنا شطر المجلس البلدي المعني عن منطقتنا، والذي وعدنا خيراً مراراً على أن اسم بيتا سيدرج ضمن الطلبات التي سيطالها الترميم ولكن كل تلك الوعود لم نصل لها ولم نحصل من ورائها غير الفقاعات الهوائية التي تتلاشى وتتبخر في أدراج الرياح... كل ما نأمل منهم عمله هو أن يصل صوتنا هذه المرة إلى مسامع المسئولين كي يقوموا بجل دورهم في مساعدة الفئات المحتاجة لتحسين معالم وواقع بيتنا الذي ندرأ فيه أنفسنا فقط تحقيقاً لمبدأ ستر العيوب والعورات لا أكثر ولا أقل بينما أساساً هو يفتقر لكل مقومات الأمن والسلامة ويهدد حياتنا بالخطر، إضافة إلى الأسلاك الكهربائية التي تطالها التماسات وتنقطع عنا دوماً، كما نأمل أن تطال البيت أيدي البناء والتصليح في القريب العاجل من تاريخ نشر هذه السطور في الصحافة أو على الأقل نحصل أنا وأولادي على مسكن وملاذ آمن يؤمن لنا القدر المقبول للعيش المريح الذي يطمح له كل الناس وأنا واحدة من بين هؤلاء أطمح وأطفالي في العيش الكريم ولكني لم أجده حتى هذا الوقت، ولكم التقدير والاحترام.
(الاسم والعنوان لدى المحرر)
ثم ماذا بعد المبيت في الخربة؟
الجولة الترفيهية... التي يؤخذن اليها بنات الرسالة فيطاف بهن في حارات وأسواق الشام، ويضربن بالسياط ويسحبن بالسلاسل والأغلال، ترافقهن رؤوس الشهداء، ثم المفاجأة الكبرى التي تفاجأوا بها بدخولهن مجلس الأمير للإذلال والاستسلام تتقدمهن بطلة كربلاء ومعها السجاد (ع) والأطفال مكبلين بالسلاسل والأغلال!
هل شاهدتم عرضا كهذا العرض أيها المسلمون؟ ألم يرق لكم قلب أو عاطفة؟
هذا والأمير جالس في وسط بهو قصره مستمتعاً بهذه الأخبار التي ترده بين الفينة والأخرى ومن حوله الجواري والعبيد يخدمونه حيث ما أراد، وكلما حاولت السبايا الجلوس كانت مفاجأتهم عبارات السخرية «خوارج خوارج»!
صرخة السجاد للشيخ الكبير أيقظت الضمائر الميتة فكانت كوقع السهم في قلب الشيخ «يا شيخ نحن لسنا بخوارج، نحن (المودة في القربى)» فيقع الشيخ مغشياً عليه قائلاً أنتم إذن أبناء القرآن الناطق والرسالة المحمدية والمحجة البيضاء، فيقول له السجاد نعم نحن أفضل من الشمس والكواكب والقمر والنجوم لأنهم خلقوا لأجلنا، فيسترجع الشيخ ويبكي ويقول قبح الله وجهك يا أمير المفسدين والجاحدين!
أما المؤثرات الصوتية الدرامية المصاحبة للعرض في القصر فكانت أصداء ضحكات الجنود المتعالية تحسبها قريبة منك وهم يحتسون الخمرة حتى الفجر ويتلاعبون ويتقاذفون بالدرهم والدينار التي غنموها من قتلة آل النبوة، وما صوت الطفلة (رقية) بنت الحسين (ع) وهي ترد على أطفال الشاميين الشامتين على وحدتها إلا عنوان البراءة مقابل الحجارة تلو الحجارة التي تتساقط عليها كقطرات المطر مصحوبة بسمفونية (خارجية... خارجية)! أما في المشهد الأخير والمهم في العرض فكان دور أنصاف الرجال «جلاوزة الأمير» المفجع في تلك اللحظة الحرجة التي خبأها لنا كبيرهم الذي علمهم البطش والقتل وهم يحملون هدية الأمير لبنت الحسين في طشت كي تقلع عن البكاء والنحيب لينام الأمير ويرتاح، أتعرفون ما هي الهدية؟
الهدية التي أثارت الذعر للكبار قبل الصغار هي عندما كشفت الطفلة الطشت لترى رأس أبيها مقطوعا وملفوفا في منديل أحمر! يا الله أي قلوب هذه، وأي عقول هذه، فتقع مغشيا عليها معلنة أنها ستبقى شاهدة على ظلم الأمير! أما هدايا الأمير للسجاد وزينب فهي رؤوس الشهداء معلقة فوق الرماح! عائدين بهم من رحلة السير والسبي والشتم في الشام!
مهدي خليل
نحنُّ إلى القبر في الأربعين
بكيت من القلب لا المدمع
وسالت على مقلة أدمعي
رأيتك في صافيات النفوس
وفي نسمات على مربع
وحقك يا سيدي لم تمت
كموت الأذلة والخنع
بطفلك سهم تسمر فيه
بنحر صغير ولم يطلع
كأني بطفلك ما كفنوه
ولا وضعوا المهد للرضع
أتذكر يا سيدي الحاسرات
وسبياً يساق إلى مفظع
وعادوا إليك بآلامهم
بحزن اليتيمة والمرضع
بدون رقية عادوا إليك
وتلك الرؤوس على الشرع
يزورون قبرك في الأربعين
ويأتون قبرك والمفزع
تراهم وأنت رهين التراب
فسقياً لقبرك والمضجع
لك الله يا سيدي من شهيد
سموت إلى العالم الأرفع
وقد قتلتك صغار النفوس
فباؤا بذل إلى البلقع
وشعثاً أتوك وما فارقوك
وهل فارق الماء للمنبع
وركب حزين لسبي الرسول
يحجون للقبر والمضجع
بقايا علي وآل الرسول
ونسل لمكسورة الأضلع
يطاف بهم في تخوم البلاد
فمن شامتين إلى وّضع
أتوا يبحثون عن الأقربين
أتوا باحثين عن الأصبع
يصلون حين تحين الصلاة
فأين المصلون من ركع
وقلبي على زينب الطاهرات
كشمس تشير إلى مطلع
نحن إلى القبر في الأربعين
نحن إلى السبط والشافع
محمد حسن باقر بن رضي
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4126 - الثلثاء 24 ديسمبر 2013م الموافق 21 صفر 1435هـ