فخرو: المعارضة أخطأت بغيابها عن العمل السياسي المعلن... والوضع الاقتصادي مقلق
فخرو: أشعر أن الحكومة مترددة في إعادة توجيه الدعم - تصوير : محمد المخرقتصغير الخطتكبير الخط
السنابس - أماني المسقطي
اعتبر النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو أن المعارضة ارتكبت أخطاءً كبيرةً بغيابها عن العمل السياسي العلني، مؤكداً ضرورة استمرار الحوارات، لكنه شدد على ضرورة تنازل من وقف «متعنتاً» ضد الإصلاح، واعتذار من ورط شعب البحرين في المشكلات.
وفي مقابلة مع «الوسط»، أبدى فخرو تأييده لفكرة فرض الضرائب، في الوقت الذي وصف فيه الوضع الاقتصادي في البحرين بـ «المقلق»، داعياً الحكومة إلى عدم التراجع عن قرارها بإعادة توجيه الدعم.
وتوقع فخرو أن تحيل الحكومة إلى السلطة التشريعية مرسوماً آخرَ، بخلاف مرسوم الـ 7 مليارات دينار، لرفع الدين العام، مشيراً إلى أن الحكومة لن تتمكن من العمل في ظل العجز الحالي من دون اقتراض المزيد.
وتمنى فخرو ألا تتراجع الحكومة عن قرارها بإعادة توجيه الدعم، مؤكداً أن ذلك سيضعف دور الحكومة في عملها.
وقال: «رأينا هذا التراجع في اقتراحات سابقة مثل موضوع الديزل، وهذا ليس من مصلحة الحكومة، ولكن التحسين على القرار لا مشكلة فيه، طالما أنه سيطبق في شهر أغسطس/ آب المقبل، وبإمكان الحكومة أن تجلس مع النواب للتباحث في هذه المسألة، وتشرح للسلطة التشريعية الدراسة التي تم بموجبها تحديد مبالغ الدعم الموجهة إلى اللحوم، وكيف تم إقرارها».
وصف الوضع الاقتصادي في البحرين بـ «المقلق»... ودعا الحكومة لعدم التراجع عن قرارها بإعادة توجيه الدعم
فخرو: المعارضة ارتكبت أخطاء كبيرة بغيابها عن العمل السياسي العلني... وأنا مع فرض الضرائب
السنابس - أماني المسقطي
اعتبر النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو أن المعارضة ارتكبت أخطاء كبيرة بغيابها عن العمل السياسي العلني، مؤكداً على ضرورة استمرار الحوارات، لكنه شدد على ضرورة تنازل من وقف «متعنتاً» ضد الإصلاح، واعتذار من ورط شعب البحرين في المشكلات.
وفي مقابلة مع «الوسط»، أبدى فخرو تأييده لفكرة فرض الضرائب، في الوقت الذي وصف فيه الوضع الاقتصادي في البحرين بـ «المقلق»، داعياً الحكومة إلى عدم التراجع عن قرارها بإعادة توجيه الدعم.
وفي ما يأتي نص المقابلة مع فخرو:
هل اطلعتم على ما تم التوصل إليه بين اللجنة المشتركة لماليتي النواب والشورى ووزارة المالية بشأن الموازنة العامة للدولة 2015/ 2016؟
- لا، مازالت الأمور محصورة بين اللجنة المشتركة والحكومة.
ماذا عن خطة الحكومة لإعادة توجيه الدعم؟
- هي الأخرى لم نطلع عليها، وما نعرفه عن هذا الأمر هو ما تم تداوله عبر الصحف المحلية.
في ظل تراجع أسعار النفط والتوجه لتقليل النفقات، هناك دعوات لإعادة ترتيب الموازنة وتقليص مخصصات الجهات الأمنية لحساب مكتسبات المواطن البحريني، فما تعليقك على ذلك؟
- نحتاج في بادئ الأمر أن نعرف حجم إيراداتنا وثم كيف سنغطي العجز، ولا يمكن فور معرفة أن هناك عجزاً في الموازنة أن يتم إصدار قوانين سريعة لتقليل هذا العجز، وإنما يتم ذلك عبر مراحل، أولها معرفة المالية العامة للدولة، من خلال تحديد دخل النفط والرسوم وبيع الخدمات الحكومية وغيرها، ومن ثم كيف سيتم تغطية ذلك.
وبعد معرفة حجم الإيرادات يمكن النظر للمصروفات، وما لا يمكن توفيره أو تقليله من المصروفات يمكن أخذه في صورة قروض حكومية، وهنا يأتي دور الدولة وبرنامج عمل الحكومة.
إذا لم يتم التركيز في برنامج عمل الحكومة على موضوع الأمن، فيتم تخفيض موازنة الأمن، وبالتالي فإن ربط خفض الموازنة أو أبواب الصرف على ضوء ما تم التوافق عليه مع مجلس النواب في برنامج عمل الحكومة.
ولكن من وجهة نظرك الشخصية، هل تعتقد أن موازنة الحكومة الأمنية يجب أن تسير على الوتيرة ذاتها التي سارت بموجبها خلال الأربعة أعوام الأخيرة؟
- أوضاع المنطقة اليوم أسوأ مما كانت عليه في العامين 2010 و2011، ومن يقول إننا يجب أن نقلل من مصروفاتنا الأمنية والدفاعية لا يشعر بالمؤامرة التي تحاك ضدنا. فلو كانت الظروف السياسية والإقليمية هادئة وغير مؤججة على ما هي عليه الآن، لدعونا إلى خفضها، ولكن هل يعقل القول إننا لا نحتاج لموازنة الدفاع لأن الأمور مستقرة؟ الوضع يكشف عن أننا في كل يوم نمر بمشكلة إقليمية بدءاً من سورية ومن ثم العراق إلى اليمن، وأخيراً «داعش» الذي بات على الأبواب، ناهيك عن «حزب الله» الذي مازال موجوداً.
لنكن واقعيين، لا يمكن أن تحصل تنمية اقتصادية أوتتحسن إيرادات الدولة ما لم يكن هناك استقرار وأمن.
هل البحرين وفي ظل شح الموازنة وسياسة التقشف التي تتبعها في الوقت الحالي ستكون قادرة على أن تكون جزءاً من هذه المواجهات أو الحروب؟
- وهل لدى البحرين الخيار في هذا الشأن؟ هل اختارت البحرين هذه الهجمة الشرسة عليها وعلى دول المنطقة أم أنها فُرضت عليها من قبل أطراف إقليمية وأخرى دولية؟
الشيء الوحيد الذي يجب ألا نتهاون فيه ولا نقلل من خطورته هو الوضع الأمني، إذا كان الوضع الأمني غير مستقر، فلن يكون هناك استقرار سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، وبالتالي فإن كل ذلك فرض زيادة موازنة الأمن والدفاع.
هل هذا يعني أننا أمام موازنة حرب؟
- ليست موازنة حرب، وإنما وضع أمني خطير، ومن الغباء السياسي والاقتصادي والاجتماعي أن نقول إننا لا نعاني من الوضع الأمني في المنطقة وإنما غيرنا هم من يعانون.
قلت إن موازنة الأمن هي الطريق إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار، ولكن هل تحظى بقية بنود الموازنة بالأولوية نفسها من الاهتمام؟ وهل تضع الحكومة أولوياتها بشكل صحيح في الوقت الحالي؟
- هذا السؤال الذي يجب أن يسأله مجلسا الشورى والنواب للحكومة، على أي أساس وضعتم أولوياتكم؟، إذ يفترض أن يكون برنامج عمل الحكومة هو الأساس في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية نفسها التي لم تتغير منذ شهر يناير/ كانون الثاني الماضي وحتى الآن، وبالتالي عندما وافق مجلس النواب على هذا البرنامج، يأتي الآن ويسأل الحكومة عن مدى التزامها به.
الموازنة تقدم كمقترح وتعديل الموازنة ممكن، ولكن بالاتفاق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فلا يمكن فرض شيء على الحكومة، ولا يمكن للحكومة أن تفرض شيئاً على السلطة التشريعية غير متفق عليه، وهنا يأتي دور التعاون بين السلطتين.
وزير المالية أكد في أكثر من مناسبة على أن الموازنة حملت بأعباء بسبب المطالب الإضافية من النواب على الموازنات السابقة، هل تتفق مع هذه الرؤية؟
- طالما أن الحكومة وافقت على هذه المطالب فهي ملزمة، وكان بإمكانها أن تقول للنواب إن من يدير الدولة هي الحكومة، وأنا على ثقة بأن الحكومة قادرة على إقناع النواب، ولو قالت الحكومة للنواب إنها لا يمكنها أن تتجاوز حداً معيناً من الاقتراض، فهل يمكن أن يجبرها النواب على اقتراض المزيد؟ بالتأكيد لا يستطيعون، لأن من يدير الدولة هي الحكومة بينما النواب هم جهة رقابية تمثل الشعب من خلال التأكد أن الموازنة تنفق في المكان الصحيح، وما خصص في الصرف هو لاحتياجات المواطنين والتنمية المستدامة.
فلابد أن يكون هناك حوار بين الحكومة والسلطة التشريعية على هذا الأساس، فمسألة الفرض غير قائمة.
كان من الملاحظ أن الحكومة فرضت إجراءات أحادية الجانب في مسألة الدعم...
- الحكومة سلطة تنفيدية تتخذ القرار ولا يمكن التدخل في سلطة القرار نفسه، بإمكان السلطة التشريعية أن تقول للحكومة إن رفع الدعم عن هذه السلعة خطأ، وثم تأتي الحكومة لتقنعهم بصحة القرار.
ولكن مع الأسف الشديد على مدى السنوات السابقة نتحدث باستمرار عن إعادة توجيه الدعم، ولكن لا يتم إدارة عملية التغيير إدارة صحيحة ولا يكون هناك تواصل صحيح. نجاح أي تغيير هو في إدارة التغيير، ولكن حين قامت الحكومة وبعض أجهزتها بتغيير توجيه الدعم، لم تدر هذا التغيير الإدارة الصح، وكان يجب أن يكون هناك توضيح للمسألة.
التخبيط الذي حدث أساء للقرار، وليس عيباً أن تذهب الحكومة للنواب وتجلس معهم وتقول إنها مقدمة على هذا التغيير، وإذا كان اقتراح الحكومة يحتاج إلى تعديل، والنواب أصابوا في تعديلهم، لن تعترض الحكومة.
هل تتوقع أن تتراجع الحكومة عن قرار رفع الدعم تحت ضغوط من النواب؟
- أتمنى ألا تتراجع الحكومة عن قرارها بإعادة توجيه الدعم، لأن هذا إضعاف لدور الحكومة في عملها، ورأينا هذا التراجع في اقتراحات سابقة مثل موضوع الديزل، وهذا ليس من مصلحة الحكومة، ولكن التحسين على القرار لا مشكلة فيه، طالما أنه سيطبق في شهر أغسطس/ آب المقبل، وبإمكان الحكومة أن تجلس مع النواب للتباحث في هذه المسألة، وتشرح للسلطة التشريعية الدراسة التي تم بموجبها تحديد مبالغ الدعم الموجهة إلى اللحوم، وكيف تم إقرارها.
ويجب القول إن استهلاك اللحوم من قبل البحرينيين محدود جداً، وإذا كان الدعم يكلف على سبيل المثال مبلغ 45 مليون دينار، فلا يجب توجيه المبلغ بأكمله للبحرينيين، لأنه ليس في ذلك إعادة لتوجيه الدعم، فالغرض من إعادة توجيه الدعم أن يبقى المبلغ المصروف على البحريني كما هو ولكن إلغاء ما يتم صرفه على الأجنبي.
ما هو رأيك الشخصي في مبالغ دعم اللحوم للأسر البحرينية التي أعلنت عنها وزارة التنمية الاجتماعية؟
- ما أعرفه أن هذه المبالغ تم تحديدها بناء على دراسة أعدها البنك الدولي، وإذا كانت الحكومة متفقة مع مضمون الدراسة، فعليها أن تقنع السلطة التشريعية بصحة هذه الدراسة، وأنا أتفق مع السلطة التشريعية على أن هناك حاجة لمعلومات أكثر ولا أجد أي مشكلة في المشاركة في المعلومة.
ما هي رؤيتك الشخصية لتحسين القرار؟
- 55 في المئة من المقيمين في البحرين هم من الأجانب، ومن يأخذ اللحوم هي المطاعم والفنادق لا المواطن البحريني، وفي البحرين مثلا الهندوس لا يأكلون اللحوم، وهي أمور يجب أخذها في الاعتبار، والسؤال هو: هل يستهلك البحريني نصف كمية اللحوم؟ وإذا كان الجواب نعم، فهذا يعني أن المبالغ الموجهة للأسر صحيحة.
العملية غير معقدة ولا تحتاج إلى تشنج أو التهديد بالاستقالة من مجلس النواب أو عدم تمرير الموازنة، فكيف لا يتم تمرير موازنة بثلاثة مليارات ونصف المليار دينار من أجل 20 مليون دينار يتم توفيرها من الدعم؟
العملية لا تحتاج إلى استعراض عضلات، وإنما التناقش بشأن القرار على طاولة واحدة.
هل تعتقد أن هناك بنوداً أخرى كان يجب البدء بها قبل إعلان رفع الدعم عن اللحوم؟
- ممكن، هناك أمور أخرى عدة مدعومة من الحكومة، كالماء والكهرباء والديزل والبترول، نحن بحاجة إلى إعادة النظر في تكاليف الخدمة الحكومية.
مشكلتنا في البحرين أن الجميع يبحث عن الدعم، (الغني أبو الملايين والفقير أبو الملاليم)، وهذا خطأ. هناك إحصائية في مصر تقول إن 86 في المئة من الدعم في مصر يذهب للأغنياء، هل حسبنا نحن في البحرين كم يذهب من الدعم إلى الأغنياء؟
هل هذا يعني أنك تخالف وجهة نظر النواب في أن الدعم يجب أن يوجه لكل البحرينيين؟
- أنا أطالب بأن يتم توجيه الدعم للمحتاج، أول خطوة يجب أن يتم فيها رفع الدعم عن الأجنبي، ومن ثم رفعه عن المقتدر، وبعدها زيادة الدعم للمحتاج.
قلت في وقت سابق إن رفع الدعم سيتحمله في نهاية الأمر صاحب العمل أو التاجر البحريني، ولكن هناك أصحاب أعمال يملكون شركات صغيرة، هم أيضاً سيتضررون من رفع الدعم...
- نحن لا ندعم شركات، وإنما أفراداً، المقتدر الذي لديه شركة يعتبر تاجراً، بغض النظر عن كونها صغيرة أو كبيرة.
من جهة أخرى ألا ترى أن ذلك سيؤثر على الاستثمار في البحرين؟
- لا لن يؤثر، وأكبر قياس على ذلك دبي، والتي تعتبر كلفة الحياة فيها مرتفعة جداً، ويمكن مقارنتها بكلفة الحياة في البحرين، ومقارنة الاستثمارات في دبي وأبوظبي والاستثمارات في البحرين، والأمر نفسه ينطبق على قطر، وهي دول أغنى منا، بل إن دبي دخلها من النفط لا يتجاوز 4 في المئة، ومع ذلك لم يذهب أحد لدبي واستكثر دفع الرسوم فيها.
هل طرحتم ذلك على طاولة لقاءاتكم مع الحكومة التي سبقت اجتماعات الموازنة؟
- نعم، وبينّا لهم أنه يجب إعادة النظر في الدعم، والحكومة لديها تسع نقاط لتحسين إيراداتها في الموازنة، ونحن نتفق معها بشأنها، وكنا نقول لهم، إن هذه الخطوات كان يجب القيام بها قبل وقت طويل حتى تنعكس ميزاتها على الموازنة المقبلة.
ولكني أشعر أيضاً أن الحكومة مترددة ولم تتخذ قرارها الحاسم بعد، والقرار الحاسم ليس فرضاً وإنما إقناعاً.
بالرجوع إلى الدورات السابقة للموازنة، فإننا سنرى الحوار نفسه يتكرر في كل مرة، أن الحكومة سوف تعيد توجيه الدعم وتحسن من دخلها، وأنا أتساءل عن دور النواب طوال الفترة السابقة في مراقبة الحكومة بشأن خطواتها لتحسين إيراداتها.
وبالحديث عن مصادر الدخل، فهي إما ثروة طبيعية كالنفط والغاز والمعادن، أو بيع خدمات حكومية كالكهرباء والماء والهجرة والجوازات، أو فرض رسوم على الخدمات، أو الضريبة، وفي البحرين يتم اعتماد ثلاثة مصادر منها عدا الضريبة.
وبالتالي نحتاج إلى التحسين من المصادر المعتمدة، من خلال إعادة النظر في الخدمات الحكومية، وهل الرسوم الحكومية تعادل الخدمة المقدمة أم لا، وهذه الخدمات يحصل عليها الجميع بالمستوى نفسه، والأمر الآخر يتعلق بتحسين المصروفات.
بصورة عامة، ما هي مخاطر استمرار الحكومة في الاقتراض؟
- الاقتراض من دون برمجة لسد الاقتراض، يعني أن الجيل الحالي سيعيش في نعيم على حساب الجيل المقبل، من ناحية التنمية المستدامة، أما من ناحية اقتصادية، فتعني الاقتراض من دون معرفة كيف ستسد الحكومات المقبلة قيمة هذا الاقتراض.
ويجب أن أشير هنا إلى أن عجز الدولة في العام 2008 كان يبلغ 53 مليون دينار، في العام 2014 أصبح العجز 5 مليارات و300 مليون دينار، وهذا يعني مئة ضعف العجز السابق، وهو رقم خطير. وحتى الآن لم نسمع من وزارة المالية كيف سيتم سد هذا العجز، ولابد أن يكون للدولة برنامج للتسديد، كل برامجنا قائمة على الاقتراض، ولابد من النواب والشوريين أن يتفقوا مع وزير المالية أثناء مناقشاتهم بشأن المالية على مصدر وموعد سداد القروض، لأن الموازنة لا تتضمن أي بند يتعلق بتسديد الاقتراض، وهذا يعني أنه لن يتم في أي من العامين 2015 و2016 تسديد الاقتراض.
هل ترى أن إقرار الموازنة بهذه العجوزات، لصالح الاقتصاد البحريني؟
- وهل هناك بديل؟، لا يوجد بديل، ويجب على الحكومة أن تقترض لأنه في حدود الموازنة هناك مصروفات أساسية يجب أن تصرف، ومصروف الحكومة من الرواتب والأجور يبلغ 1 ونصف مليار دينار، ودخلها من النفط والغاز 1 ونصف مليار دينار، وبالتالي فإن الدخل الأساسي يُوجه للمصروفات.
في أكثر من مرة قلت إن مقدار سداد الدين العام مفقود في الموازنة، فكيف بالسلطة التشريعية ألا تحصل جواباً على هذا السؤال حتى الآن؟
- كل ما يمكنني القيام به هو طرح هذا التساؤل في كل مناقشة للموازنة، ونأمل الحصول على الجواب، ولكن ليست لدي السلطة لأن أضغط على وزير المالية للإجابة أو التلويح باستجوابه ومن ثم سحب الثقة منه، ولكن هذه الأدوات موجودة لدى مجلس النواب.
وهل لديك شخصياً تصوراً للإجابة على هذا السؤال؟
- لا أعرف الجواب... هناك عجز في الموازنة الحالية يبلغ 1.4 مليار دينار، وأبواب الصرف معروفة، وهناك ديون متراكمة تقدر بـ5.7 مليارات دينار، والسؤال هو: كيف سنسدد الديون المتراكمة؟
مع نهاية العام الجاري ستصل الديون المتراكمة إلى سبعة مليارات دينار، إلا إذا تحسنت أسعار النفط ووفرنا 100 مليون دينار، أو كان هناك وفر في الموازنة بقيمة 200 مليون دينار.
هل هذا يعني أننا ننتظر مرسوماً آخر لرفع الدين العام قريباً؟
- أكيد، أتوقع ذلك قبل نهاية العام، وإلا كيف ستعمل الحكومة في ظل هذا العجز؟
أحد بنود قانون الموازنة، الموافقة على الاقتراض، وحين تتم المصادقة على الموازنة، لا يمكن أن نقول للحكومة لا تقترضي، والحكومة ملزمة في الموازنة بمصروف معين، وخصوصاً في ظل مداخيلها المحدودة.
ويجب الإشارة هنا إلى أن لكل اقتصاد ظروفه، والبحرين دولة قائمة على مصدر دخل واحد لا على مصادر متعددة للدخل. في دول العالم حين يأتي البرلمان ويقول للحكومة أنفقي أموالاً أكثر، تطلب من البرلمان إقرار فرض ضريبة أكثر، فيتراجع البرلمان عن الطلب حتى لا يخسر شعبيته في الشارع، ولكن هذا الأمر غير معمول به في البحرين.
لذلك فإن التعامل مع الموازنة يجب أن يكون مختلفاً تماماً، والموازنة هي تنفيذ لبرنامج عمل الحكومة، فالنائب طالما قرأ برنامج عمل الحكومة فيمكنه التنازل عن بنود معينة مقابل تخفيض الإنفاق.
واللجنة المالية المشتركة صرحت في وقت سابق بأنها تحاول إقناع الحكومة بتأجيل الإنفاق وإلغاء بعض المصروفات وتحسين الدخل، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم على مرحلة قصيرة، وإنما خطة على مدى العشر سنوات المقبلة.
هل ترى أن النواب كانوا يختزلون الموازنات السابقة في علاوات الغلاء والإيجار والسكن، ويتجاهلون المخطط الاقتصادي؟
- نعم، وهذا الخطأ يتحمله النواب والحكومة.
كيف تنظر إلى وضع الاقتصاد البحريني؟ هل ترى أن الوضع الاقتصادي مقلق؟
- نعم الوضع الاقتصادي في البحرين مقلق، لأنه بالنمو الاقتصادي يمكن خلق وظائف والتحسين من دخل الفرد والدولة، وبيع الخدمات الرسمية بسعرها الصحيح، ستسترجعه الدولة، وهذا سيعتبر جزءاً من إيرادها.
على سبيل المثال، فيما يتعلق برسوم الهجرة والجوازات، إذا لم يكن هناك زوار أكثر فإن دخل البحرين من التأشيرات سينخفض، وإذا لم يكن هناك عمالة في البحرين يتم دفع رسوم إقامتها، فهذا يعني أن دخل البحرين سينخفض، والعمالة لن يتم جلبها ما لم يكن هناك دخل اقتصادي، والسياح لن يزوروا البحرين من دون مجال جذب سياحي، وبالتالي فإن العملية مترابطة، ولذلك فإن المشكلة بأن التنمية الاقتصادية محدودة وجزء من التنمية لا يضيف شيئاً فعلياً للاقتصاد نتيجة لارتفاع أسعار النفط أو شيء معين، لا نتيجة لخلق اقتصاد صحيح وقائم على قاعدة إنتاجية وإنما هو اقتصاد وقتي مرتبط بأسعار النفط.
هل يمكن القول إن قطاع العقارات في البحرين يشهد تحسناً في هذا العام؟
- حتى وإن كان هناك تحسن في قطاع العقارات، فما الذي يضيفه إلى الاستثمار البحريني؟، إذا كان الأمر يتعلق بتداول عقاري بين طرفين بحرينيين فهي مبالغ متداولة داخلياً، لكن إذا كانت الأموال تخلق وظائف وتنشئ مصانع وبنية تحتية، فيمكن أن تسهم في الاقتصاد.
لدينا مشكلة في الاقتصاد والمالية، التنمية الاقتصادية من جهة والمالية العامة من جهة أخرى، في الدول الأخرى التي تفرض الضريبة، حين يتم إنشاء شركات أجنبية أو توسع نشاطها أو تحسن أرباحها، فإن الحكومة تحصل على نصيبها من الضريبة، بينما في البحرين لا توجد هناك ضرائب مفروضة.
هل أنت مع فكرة فرض الضرائب؟
- أنا مع فرض الضرائب، لأنه لا يمكن مطالبة تحسين مواردها إلا من خلال الأربعة موارد التي أشرت إليها في السابق، ومن بينها الضريبة.
ولكن وزير المالية قال في وقت سابق إن البحرين غير مستعدة لفرض الضرائب؟
- لماذا بقية دول الخليج الأخرى مستعدة لذلك؟
بمجرد التلويح برفع أسعار الرسوم الصحية كانت هناك اعتراضات واسعة عليها، فكيف يمكن فرض الضريبة؟
- لأن طريقة عرض قرار رفع الرسوم الصحية كانت خاطئة، هذه الرسوم تدفع منذ العام 1977، ومسألة فرض دينار واحد زيادة في الشهر خلقت مشكلة، وكل ذلك لأن الحكومة طلبت دفعها دفعة واحدة، وكان صاحب العمل الذي ضج سيدفعها مع المصروفات العادية.
القطاع الخاص يجب أن يعطى فرصة أن يكون شريكاً حقيقياً، ويجب أن يكون فاعلاً أكثر، والحكومة يجب أن تقتنع أنها غير قادرة على تحمل أعباء التنمية الاقتصادية لوحدها، ويجب أن تكون مسهلة وميسرة لعمل القطاع الخاص بكل ما تستطيع.
هل هناك حسن إدارة لموارد الدولة وتحصيل رسومها؟
- الدولة ارتكبت بعض القرارات الخاطئة وعاقبت الملتزمين بدفع الرسوم وسهلت على من لا يدفعها، وفواتير الكهرباء أبرز مثال على ذلك، فمن التزم ودفع فواتيره في موعدها لم يستفد من مكرمة إلغاء فواتير الكهرباء، بينما تم مكافأة من لم يدفعها.
لذلك فإن الناس باتت غير ملتزمة بدفع الفواتير مترقبة مكرمة جديدة، ولذلك يمكن القول إننا أضعفنا من سلطة الدولة في بعض الأمور الإدارية، ويجب أن تعيد الدولة لنفسها هيبتها التي كانت عليها.
هل ترى أن متوسط راتب البحريني جيد مقارنة بدول الخليج الأخرى؟
- السؤال يجب أن يربط متوسط الراتب مع كلفة المعيشة، وحين نعد دراسة عن متوسط الأجور في المنطقة فإنها تختلف لأن كلف الحياة في كل دولة تختلف عن الأخرى.
من خلال الاطلاع على مصروفات الوزارات، هل تعتقدون أن الحكومة ملتزمة فعلاً بتقليل مصروفاتها؟
- أعتقد أنه بإمكان بعض الوزارات أن تقلل من مصروفاتها، على الأقل في الظرف الاستثنائي الحالي، وهناك مصروفات لا نحتاج لها ولكن تعودنا على صرفها، وهذا الإجراء لم يتم بشكل مفصل في الوزارات المختلفة.
وكل الوفر في مصروفات الحكومة هو 5 في المئة، إذ بلغت مصروفات 2014 نحو 3540 مليون دينار، وفي وضع اقتصادي سيئ بلغت تقديرات الموازنة 3570 مليون دينار.
في الشأن السياسي، من بعد انتخابات 2014، هل تسير البلاد في اتجاه استقرار سياسي بشكل جيد أم أن هناك بعض العقبات؟
- مشكلتنا كانت أكثر من سياسية، بل كانت أمنية، وعدم استقرار أمني في البلاد لا عدم استقرار سياسي لأن البرلمان كان يعمل في الفترة السابقة، واليوم مقارنة بالأعوام الأخيرة، الأوضاع الأمنية أفضل بعشرات المرات، ولكن السؤال هو: هل المشكل السياسي الذي رافق المشكلة الأمنية انحل؟
الجواب: لم ينحل، لأن بعض الجمعيات السياسية مازالت غير مشاركة في العمل السياسي، ومن يدعي بأنه يمارس السياسة فعليه أن يشارك في العمل السياسي الرسمي العلني لا أن يذهب للعمل السري أو الشارع، وهناك مؤسسات دستورية على من يلعب سياسة أن يشارك فيها.
وما هو الحل برأيك؟
- مثلما دفعنا المعارضة للمشاركة في العملية السياسية في وقت سابق، فيجب أن ندفعها للمشاركة الآن.
على صعيد عملي، أعتقد أننا دخلنا في حوارات كثيرة يجب أن تستمر، ولكن على من وقف متعنتاً ضد الإصلاح والحل أن يتنازل، ومن ورط شعب البحرين في المشكلات عليه أن يعتذر.
هل ترى أن المعارضة فقط هي من تتحمل مسئولية ما حدث؟
- المعارضة ارتكبت أخطاء كبيرة بغيابها عن العمل السياسي العلني، وكان الأولى بها أن تعمل بمبدأ «خذ وطالب»، والمطالبة في البرلمان لا عبر الشارع من خلال تحريك الأطفال والحرق وخلق فتنة طائفية في البلد.
هل تعتقد أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة من الممكن أن تدفع المعارضة لأن تعيد حساباتها بشكل ما؟
- كان يجب على المعارضة أن تعيد حساباتها منذ اليوم الأول الذي انسحبت فيه من البرلمان، فلا يجوز أن ينسحب نائب منتخب من البرلمان.
الديمقراطية في البحرين عمرها 12 سنة، ولم يتم التأسيس بعد لشارع سياسي ولا قاعدة انتخابية ولا مجتمع يثق في الجمعيات السياسية، والمجتمع البحريني الآن بات لديه ردة فعل سلبية على المجتمع السياسي لا إيجابية، لأن ما رآه من تغيرات وضعه في مشكلات لا حلول بالذات بعد أحداث 2011.
بعد خروج رموز من المعارضة من المشهد وسجن بعضهم، هل تعتقد أن ذلك نوع جديد من التعاطي الرسمي مع المعارضة؟
- الواضح أنه تم فتح البلد سياسياً من غير وضع أعراف ومبادئ العمل السياسي، وحدثت هناك «لخبطة» في عمل أسميناه عملاً سياسياً، ومن يريد أن يلعب سياسة عليه أن يحترم القانون الذي وضعه.
ما حصل في البحرين هو تمادي أكثر من اللازم وتهاون أكثر من اللازم من السلطة، ولم يكن يجب أن نصل للأمور التي وصلنا إليها، حين يخطئ زعيم أو عضو سياسي يجب أن يحاسب حاله حال غيره، بينما في البحرين تم السماح لهم بالتمادي، وأنا هنا لا أتحدث عن إجراء أمني وإنما إجراء قضائي، فمن يخالف القانون يجب أن يعاقب، لا أن تتراكم الأمور إلى أن تنفجر. يفترض بمن يمارس العمل السياسي أن يحمي البلد، وفي البحرين مع الأسف الشديد سمحنا أن يكون العمل السياسي أداة تخريب لا محاسبة ولا مساءلة من النظام والقانون ولا من الشارع، لأنه غير واعٍ سياسياً.
ما الذي تقصده بأن الشارع غير واعٍ سياسياً؟
- يعني أن على الشارع أن يحاسب القيادات التي تسيء له.
هل تعتقد أن قنوات التعبير متاحة في البحرين أمام المواطن الغير مسيس أو البعيد عن العمل السياسي؟
- يجب التأكيد على أن العمل السياسي ليس نزهة، وإنما حاله من حال العمل المهني منظم بأنظمة وقوانين، وهناك من يمتهن العمل السياسي وآخر يؤثر ويتأثر بالعمل السياسي، وليس كل مواطن يمارس السياسة. الانتخاب والترشيح حق من حقوق المواطنين، والعمل السياسي داخل البرلمان، والحزب السياسي هو من يستطيع انتزاع حقوق المواطنين والشارع، هذا هو العمل السياسي.
ولكن للأسف أننا نعتقد أن العمل السياسي نزهة وأن الكل يجب أن يشارك فيه، وهذا ما أعنيه بعدم وجود وعي للعمل السياسي، إذ إن القيادات السياسية لا تعي العمل السياسي العلني، وتعتقد بأن السياسة هي معارضة كل قرار حكومي، وهذا أمر غير صحيح.
والبرلمان لم يحجب عن أحد، وإنما سمح للجميع أن يشارك فيه وأن ينتخب ويرشح، ولا يمكن المقاطعة والقول إن البرلمان لا يمثله، وإنما سيظل البرلمان ممثلاً للجميع، والمقاطعة تعني عدم الرغبة بالمشاركة في تحمل مسئولية هذا الوطن.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4656 - الأحد 07 يونيو 2015م الموافق 20 شعبان 1436هـ