ماذا يريد الشعب من الوزارة الجديدة؟
عبدعلي الغسرة
صحيفة الوطن - العدد 1792 السبت 6 نوفمبر 2010
لا شك أن الثقة الملكية الغالية بإعادة تكليف صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة جاءت في مرحلة تحتاج فيها البحرين لشخص باقتدار وشخصية سمو الأمير، فقد أثبت سموه خلال توليه رئاسة الوزارة قبل وبعد الاستقلال قدرته الفائقة وحنكته وريادته في قيادة هذه الحكومة، وإنجازاته العديدة والمتنوعة تشهد له بهذا الاقتدار، وبالأسلوب الحكيم في إدارة دفة الوزارة وتوجيه الوزراء لخدمة وطنهم وشعبهم.
والوزارة سواء البحرينية أم غيرها لا تعتمد على عدد وزرائها بل في نوعية الأداء، أداء كل وزارة، ومؤشر نجاح هذه الوزارة أو تلك يعتمد على جهد مَن يتحمل عبء مسؤوليتها، واليوم بعد أن تشكلت الوزارة البحرينية، فماذا يريد الشعب من هذه الوزارة؟ لا شك أن البرنامج الذي ستضعه الوزارة لن تخرج عناوينه عن دائرة آمال وتطلعات الشعب، ولطالما ردد سمو الأمير رئيس مجلس الوزراء في مجلسه الأسبوعي وفي اجتماع مجلس الوزراء تحمله شخصياً والوزراء في الوزارة الحالية والسابقة لتحقيق تطلعات وآمال الشعب البحريني، وبإيمانه أن المواطن هو أولاً بالنسبة للوزارة بجانب الوطن، وهناك كثير من الأمور يتمناها المواطن من حكومته، فبعضها جديد، والبعض الآخر هي خدمات قديمة تحتاج إلى مواصلة العمل بها، مع إجراء التحسينات في طريقة أدائها، كالتعليم والصحة والإسكان والخدمات البلدية، وغيرها. ومن الأمور التي يراها أي مواطن لهذه الوزارة الجديدة:
- رفع المستوى المعيشي للمواطن؛ فالاهتمام بقوت المواطن وبحياته اليومية هو اهتمام نوعي، يجب أن يكون في مقدمة اهتمامات الوزارة الجديدة، فالتنمية بمختلف مجالاتها، ركائز يجب أن تعتمدها الوزارة الجديدة في عملها الوطني، ومنها العمل على رفع مستوى معيشة المواطن الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على إزالة كل السلبيات التي يعاني منها المواطن، ومن خلال الاطلاع على صفحات الجرائد المحلية والحراك الإعلامي المتميز لبرامج التلفزيون المجتمعية، نلاحظ أن هناك الكثير من الشكاوى من قبل المواطنين، والأمل معقود على هذه الوزارة بمؤسساتها في حل الكثير من هذه المشاكل. والعالم اليوم يمر بالكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية، وهذا الأمر يتطلب من أي حكومة أن تبدأ بترتيب أولويات العمل الوطني (التنمية الوطنية) أولاً، والاستمرار في تطبيق السياسة الحكومية الهادفة إلى تقديم أفضل الخدمات لمواطنيها ثانياً.
- التركيز على التعليم النوعي؛ فتنمية الموارد البشرية التي تعتمد عليها التنمية الاقتصادية، والتي يمثلها الإنسان، تعتمد أساساً على التعليم، لذا فإن تحسين نوعية التعليم، وعدم الاهتمام بالكم التعليمي على حساب نوعيته يُساهم كثيراً في تنمية موارد البحرين البشرية، وإلى خلق سياسات توافقية بين التعليم ومخرجاته واحتياجات الوطن من الكفاءات البشرية.
- مكافحة البطالة؛ تعتبر التنمية الهم الأكبر لكل وزارة، ويجب توحيد كل الجهود والتنسيق من أجل مواجهة هذه القضية، فالتنمية تعتبر إحدى آليات مكافحة الفقر والبطالة. لذا على الوزارة أن تعمل على وضع الاستراتيجيات والأولويات لحلها، لكون قضية البطالة قضية مجتمعية أساسية تهم المجتمع كافة سواء الرجل أو المرأة، وبحلها ستساعد كثيراً من الأسر البحرينية على تجاوز العديد من مشاكلها. ونأمل من الحكومة الجديدة الاهتمام الخاص بهذه المشكلة.
- تعزيز الأمن والاستقرار السياسي؛ أصبح الأمن اليوم هو الهاجس الأول الذي يتطلبه الوطن والمواطنين، حيث تتعرض البحرين للكثير من الأضرار والتحديات من قبل بعض النفوس المريضة التي تعتقد بأن حل مشاكل الوطن والمواطنين بأيديهم، والذي يعتبرونه نوعاً من أنواع الجهاد في سبيل الله.
- الاستمرار في عملية الإصلاحات المالية والإدارية؛ لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم ويتطور إذا كان هذا المجتمع يعاني من الأمراض الاجتماعية التي تعيق تطوره وتقدمه، فعملية الإصلاح التي بدأتها مملكة البحرين يجب أن لا تكون سياسية فقط، بل أيضاً يجب أن تشمل عملية الإصلاح الجوانب المالية والإدارية، فتنظيف هذه الجوانب من الشوائب التي علقت بها سيؤدي حتماً إلى نتاج مالي وإداري نوعي.
- تبني ودعم المشاريع الاستثمارية والاقتصادية التي تساهم في إيجاد الوظائف للعمالة الوطنية، وهذا سيساهم في انخفاض معدل البطالة الوطنية، ومن أجل بناء اقتصاد حُر ونافع للبحرين.
- حصول المواطنين على السكن الملائم، والاهتمام بالشباب والنشء وتقديم الدعم الكامل لهم، وكذلك التركيز على الرعاية والدعم للأمومة والطفولة، والنهوض بمستوى صحة المواطن البحريني، وتحسين أساليب المعالجة الحديثة في المؤسسات الصحية البحرينية.
إن برنامج الحكومة السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ليس بحجمه وسعته، وإنما بقدرة الوزارة على ترجمته إلى واقع ملموس، باعتبار أن المحصلة النهائية لتلك البرامج والخطط هي النتاج الذي يحصل عليه المواطن من مشاريع وخدمات حياتية.
إن من متطلبات التنمية الشاملة القابلة للاستمرار أن تعمل على تحقيق تحسين معيشة الشعب، وتنويع موارد الاقتصاد البحريني، واستكمال البنية الأساسية اللازمة لاستغلال وتوظيف الطاقات والموارد المادية والبشرية لتحقيق الأهداف والغايات المنشودة، وإذا استطاعت البحرين أن تحقق التطوير والتقدم الداخلي تمكنت من التعامل مع التطورات الإقليمية والدولية، والتفاعل معها بإيجابية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي، وعلاقاتها المتميزة مع محيطها الخليجي والعربي والعالمي، وبما تملكه من إمكانات مادية وبشرية. وباعتقادنا أن نجاح الحكومة بتنفيذ توجيهات جلالة الملك المستخلصة من الدراسات والتجارب العميقة القادرة على تشخيص الوضع، قادرة أيضاً على تحديد مهام ومتطلبات المرحلة القادمة التي ستعمل على وضع البحرين في مسار التنمية الشاملة والإصلاح العميق لكل الاختلالات.
والذي نرجوه أن يتم ترجمة برنامج الحكومة إلى عمل ميداني يلمس فيه المواطن إنجازات عملية تفضي إلى استقرار معيشي، يتبعه نمو مضطرد يؤدي إلى ازدهار حقيقي يقوم على دعائم قوية قوامها (التخطيط العلمي)، الذي يستوعب الواقع مادياً وبشرياً، في ضوء خبرات الماضي، ويستشرف آفاق المستقبل