المؤتمر الدولي الرابع عشر لمكافحة الفساد
ينعقد في العاصمة التايلندية (بانكوك) المؤتمر الرابع عشر لمكافحة الفساد في الفترة ما بين 10 حتى 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 تحت شعار «التحدي المعولم». وسيتصدى المؤتمر لتحديات ذات طابع عالمي تؤثر مباشرة على مهمة مكافحة الفساد على النطاق الوطني والإقليمي والدولي. وتؤثر بالطبع على طبيعة وبرامج واستراتيجيات المنظمات المحلية والإقليمية والدولية التي تتصدى للفساد وتعمل من أجل الشفافية والنزاهة والمساءلة.
ومن أبرز هذه التحديات التي سيناقشها المؤتمر الحاجة إلى المؤسسات الخاصة والعامة والمجتمعية التي تعيد الثقة لدورها وتفويضها، ومن أجل تحقيق ذلك في نطاق الشفافية، إقامة شراكة تضم مختلف القطاعات والأطراف لمكافحة الفساد مع تحديد واضح للأدوار.
وهنا يتوجب طرح جميع الإجراءات الواجب اتباعها، وتزويد المواطنين بوسائل وإمكانيات لمكافحة الفساد وتعزيز القدرات لمواجهة التحديات الكونية الملحة. من هنا فإنه وعلى امتداد أربعة أيام للمؤتمر سيتم التصدي للمشكلات الكونية المتعلقة بمكافحة الفساد بكل صدق وشفافية ووضع الحلول الشاملة والتي تتقاطع فيها مختلف القضايا والقطاعات.
أما أهم التحديات الكونية لمكافحة الفساد فهي كما يلي:
أولاً: استعادة الثقة في السلام والأمن:
إن انعدام العدالة الاجتماعية وافتقاد الحياة الكريمة واستشراء الفساد في المؤسسات الأمنية والقضائية، يؤدي إلى فقدان الثقة في هذه الأجهزة والتي هي ملجأ المواطن العادي. إن افتقاد الأمن يقوض النظام الاقتصادي والاجتماعي على مختلف النطاقات حيث يدفع المواطن العادي الثمن غالياً، بما في ذلك حياتهم. كما أن اليأس الناتج عن الحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يؤدي إلى تفاقم الأوضاع وتعزيز شبكات الاستغلال والاستعباد والمتاجرة بالبشر الأخطبوطية.
من هنا فإنه يتوجب مناقشة مستفيضة لتبعات عدم الثقة بالمؤسسات الأمنية والعدلية، وكذلك توصيات بشأن تعزيز الشراكة من أجل التصدي لهذه الشبكات اللاشرعية وافتقاد العدالة الاجتماعية والأمن الإنساني.
ثانياً: تعزيز الشفافية والمحاسبة في أسواق الموارد الطبيعية والطاقة:
تعتبر الصناعات الاستخراجية الخاصة أو العامة وما يرتبط بها من أسواق مثل الغابات والمياه والأراضي والمصائد البحرية، والتعدين والنفط والغاز (خصوصاً أسواق الطاقة) الأكثر عرضة للفساد، وإذا أخذنا بالاعتبار العوائد المالية الهائلة، فإن الفساد في هذا القطاع يحدد مصير المؤسسات الديمقراطية، وله تأثير مقرر على البيئة وحياة الملايين من الناس على امتداد العالم.
من هنا يتوجب مناقشة تحديات الفساد الجديدة في هذه الأسواق وإلقاء إضاءة على الاستراتيجيات والممارسات الناجحة للتصدي للفساد استناداً على معالجات شاملة لمختلف القطاعات.
ثالثاً: حاكمية المناخ: ضمان التزامات جماعية
أضحت تأثيرات التغير المناخي محل شعور على امتداد العالم، وبدون التزامات جماعية من أجل عدالة مناخية، فإن الأمور ستتدهور نحو الأسوأ.
أما أكثر من يدفع الثمن فهم فقراء الدول النامية، لذا يجب الأخذ بعين الاعتبار نتائج المؤتمر 15 للدول الأطراف في اتفاقية التغير المناخي (COP15) والحاجة إلى ترجمتها إلى التزامات جدية لكل الأطراف وبالتعاون فيما بينها.
إنه وبدون مراقبة شديدة، فإن الفساد سيستمر في الإسهام في التقلبات المناخية وسيحبط الجهود لمعالجة التغيرات المناخية، وبالتالي إحباط استراتيجية تحقيق أهداف الألفية التنموية والتنمية المستدامة والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأهداف الأساسية لمعالجة التغيرات المناخية والاتفاقيات البيئية.
لذا يتوجب دراسة استراتيجيات وتوصيات الحدّ من مخاطر الفساد وزيادة المحاسبة والشفافية في إطار حاكمية المناخ برؤية كونية وإقليمية ووطنية.
رابعاً: تعزيز الإجراءات المحاسبية الكونية لعالم الشركات:
إن أهم عوامل الأزمة الكونية الحالية نابعة من أزمة الثقة، وهي شاهد على مخاطر ضعف المحاسبة وافتقاد الشفافية في أعماق الاقتصاديات المتقدمة. إن التنافس المحموم الناتج عن التباطؤ الاقتصادي يشكل وقوداً دافعاً لمزيد من الفساد، وإحباط ثقة الجمهور في عالم الأعمال وبالتالي يؤثر سلبياً على السكان في البلدان النامية والمتطورة.
وفي هذا الصدد، فإنه مطلوب مراجعة النجاحات التي تحققت في مكافحة الفساد في قطاع الشركات والبناء عليه بوضع استراتيجية شمولية من أجل اقتصاد شفاف.
عبدالنبي العكري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2911 - الخميس 26 أغسطس 2010م الموافق 16 رمضان 1431هـ