ضرب الله تعالى لنا مثلًا عظيمًا في سورة العاديات، يجعلنا نستحي منه، فيه أقسم بالعاديات وهي الخيول..لكن لم يُقسم الله بها وهي واقفة، بل نعتها بصفة الضبح.. الضبح هو صوت أنفاس الخيول عندما يحترق صدرها من شدة الركض، فقال تعالى«وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا».وبصفة أخرى فقال «فَالمُورِيَاتِ قَدْحًا» وهي الشرارة التي تلمع نتيجة لإحتكاك حوافرها مع الأرض وهي تركض بسرعة شديدة..نار تحرق صدورها ونار تحرق أقدامها!
«فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا» هنا يخبرنا الله أن الخيول لا تركض هكذا من أجل التسلية بل تركض داخل حرب أثناء النهار.فهي تعلم أنها داخل معركة وتعلم أنها في خطر، ومع ذلك لم تتراجع ساخطة على قائدها.«فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا» أي أثارت الغبار في المكان من شدة الركض فأصبح الهواء الذي تتنفسه الخيول مختلطًا بالغبار (النقع).صدرها يشتعل نارا ومع ذلك تستنشق هواءً مختلطا بالغبار..تضحية عجيبة!
«فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا» أي أنها تقف في مركز المعركة..أخطر مقام
كل تلك الآيات كانت قسمًا من الله عز وجل..لكن جاء جواب القسم عجيبًا: «إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ» !!
كان الحديث عن الخيول ووصف أحوالها ثم إنتقل القرآن فجأة للحديث عن حال الإنسان مع ربه ويصفه بالـ(كنود) أي الساخط على نِعم الله.. لمَ هذا الإنتقال العجيب؟!
ذلك لأن الخيول تُضحي كل هذه التضحية من أجل قائدها الذي فقط يُطعمها ويرعاها..وهو لم يخلق لها السمع ولا البصر ولا حافرًا من حوافرها.. ومع ذلك فهي تُظهر إمتنانها له بالإقدام على هلاكها دون خوف!
أما الإنسان فإنه ينسى كل نِعم الله عليه مجرد أن يُصادف أمراً واحداً يسوءه..فيشتكي خالقه
ولله في خلقه شؤون .