قال الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي :
كنت أستاذاً محاضراً في جامعة السوربون الفرنسية الشهيرة، في يوم من الأيام، استوقفتني إحدى طالباتي، وسألتني السؤال التالى قالت :
أنت مدرسى و أنا أحرص على قراءة كتاباتك و مقالاتك و حضور محاضراتك، و قد لفت نظري، أنك تتكلم دائماً عن شخص مسلم اسمه “ علي ” من هو علي ؟
و لماذا أثر فيك كل هذا التأثر؟
قلت لها : علي بن أبى طالب هو ابن عم نبيِّ الإسلام محمد، و زوج ابنته، و قائده العسكري، و كان الرجل الثاني في الاسلام بعد محمد، و هو خليفته، و هو شخصية فذَّة لا مثيل لها ....
سأسألك سؤال لنتبين حالة أو جزء بسيط من هذه الشخصية ؟
قالت: تفضل
قلت: لو أنكِ عبرتِ الشارع، و جاءت سيارة مسرعة و ضربتك، ماذا سيحصل لك؟
قالت: سأموت فى الحال أو أفقد وعيِّ !
قلت: حسناً، و ماذا سيحصل لك، لو وقعتِ من الطابق الرابع ؟
قالت: سأموت فى الحال أو أفقد وعيِّ أيضاً !
قلت لها: علي بن أبى طالب تعرض لضربة سيف، و هو ساجد يُصلِّي، وقد وصلت الإصابة الى داخل تجويف الجمجمة أى إنها وصلت الى الدماغ و شملته إذاً ماذا تتوقعين له ؟
قالت: سيموت فى الحالا أو سيفقد وعيهُ فى أحسن تقدير!!
قلت لها:
تصوَّرى أن هذا الرجل لم يمت في حينها و لم يفقد الوعى، لقد وصلت الضربة الى أعماق المخ حيث تقبع الحكمة و المعرفة هناك ....
دون أن يفقد وعيه أو يحصل له ما يحصل للبشر في مثل هذه الحالات، و بعد يوم واحد فقط راح يُملي و هو على فراش الموت و الضربة القاتلة نافذةً فى أعماق المخ وصيَّتهُ الى إبنه البكر ( الحسن )، وصيَّة هى أروع ماعرفهُ التراث الإنسانى عبر التاريخ على الإطلاق ...
وصيَّة تتضمن الحكمة و الموعظة و التواد، و قد بقيَّ بكامل وعيهُ، و كتب أجمل وصيَّة يكتبها أب لولده في تاريخ الإنسانية ....
قالت وهي متأثرة و ماذا قال فيها ؟
قلت لها: سأروى لكِ بعض منها ....
قال لإبنه الحسن: إرفق يا ولدى بأسيرك “ القاتل ”
و ارحمه و أحسن إليه و اشفق عليه، بحقِّي عليك أطعمه يا بنى مما تأكله ! و اسقه مما تشرب ! و لا تُقيِّد له قدماً و لا تُغِلُ له يداً !
فإن أنا مِتُّ فاقتص منه بأن تقتله بضربة واحدة، و لا تحرقه بالنار و لا تمثَّل بالرجل، فإنى سمعت جدك رسول الله يقول:
إياكم و المُثلة و لو بالكلب العقور، و إن أنا عشت فأنا أولى به بالعفو عنه، و أنا أعلم بما أفعل به ....
و قال لولديه الحسن و الحسين:
(أوصيكُما بتقوى الله، و أن لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما، و لا تأسفا على شيء منها زوىَ عنكُما، و قولا بالحق، و اعملا للأجر، و كونا للظالم خصماً و للمظلوم عوناً)
و قال غارودي: وأنا أروى لها بعض من وصايا الإمام علي بن أبي طالب كانت الطالبة الفرنسية تُكفكف دموعها و هى تستمع لى و قد عرفت الطالبة لماذا أنا مُعجب بشخصٍ اسمه ( علي) .
روجيه غارودي قد أشهر إسلامه فى 2 يوليو 1982م فى المركز الإسلامى فى جنيف، و كتب بالمناسبة كتابيه " وعود الإسلام " و " الإسلام يسكن مستقبلنا " .