الخلافة العباسية في مصر لم تكن إسمية
في زمانهم كانت مصر تقود العالم وتعطي الشرعية للحكام، وهذه نصوص تثبت أنها ليست إسمية وأن الخليفة له صلاحيات.
الخليفة العباسي ” هو أمير المؤمنين، خليفة المسلمين في أرض الله، وابن عم رسوله و وارث الخلافة عنه، وقد جعله الله تعالى حاكماً على جميع أرض الإسلام. ولا يجوز أن يطلق في أحدٍ لفظ سُلطان من ملوك الشرق و الغرب إلاَّ إذا كان بالمبايعة منه وقد افتت بعض الأئمة أنه من أقام نفسه سُلطاناً قهراً بالسيف من غير مبايعة منه فيكون خارجياً ولا يجوز توليته لأحد من النواب و القضاة و إن فعل شيء من ذلك كان جميع حكمهم باطلاً “.
هذا النص ذكره ابن شاهين الظاهري في كتابه (زبدة كشف الممالك) في دلالة واضحة على مكانة الخليفة العباسي الذي كان يتخذ من القاهرة عاصمة له، وقد أوردنا هذا النص اليوم بمناسبة ذكرى بداية الخلافة العباسية في مصر، والتي كانت في 1261/06/13م عندما تولى الخلافة الخليفة العباسي الثامن والثلاثون أحمد المستنصر بالله.
وكثيرا ما ينسب الناس للخلافة العباسية في مصر أنها كانت إسمية وصورية وبلا صلاحيات، وهذا يدل على أنهم فقط ينقلون معلومة خاطئة، ولا يعتمدون على الكتب التاريخية.
وبكل تأكيد لا أقول أن الخلفاء العباسيين في مصر كانوا أقوياء مثل المنصور والرشيد، ولكن ظلم كبير أن نقول أنهم كانوا خلفاء صوريين أو بلا صلاحيات، بدليل ما يلي:
1- كان للخليفة مؤسسة إدارية كاملة تظل على أن لهم مهام يشرف عليها، فقد قال الذهبي في كتاب (سير أعلام النبلاء): "كان للخليفة أتابكا واستاد دار وخزندار وحاجبا وكاتبا".
2- كان للخليفة صلاحيات مطلقة في المجال الديني والقضائي والتعليمي، فقد ذكر السيوطي في كتاب (تاريخ الخلفاء) عن الخليفة يوسف المستنجد: "لم يول بمصر صاحب وظيفة كالقضاء والمشايخ والمدرسين إلا أصلح الموجودين".
3- كثيرا ما قام الخليفة العباسي بخلع السلطان المملوكي، فقد ذكر ابن كثير في كتاب (البداية والنهاية) عن قيام الخليفة أحمد الحاكم في عام 1341 م بخلع السلطان سيف الدين بن الناصر بعد إثبات أنه كان يشرب الخمور.
4- كان السلطان المملوكي لا يحكم إلا بعد أن يأخذ الشرعية والتقليد من الخليفة العباسي.
5- كان الإسم الرسمي للدولة هو "الدولة العباسية" وهذا ما ورد في خطبة الخليفة أحمد المستنصر أمام الظاهر بيبرس، وكذلك كان من ألقاب سلاطين المماليك (محيي الدولة العباسية).
6- كان ملوك الأرض لا يحكمون إلا بعد أن يأخذوا الشرعية من الخليفة العباسي في القاهرة، وقد ذكر ابن خلدون في (المقدمة) والسيوطي في (تاريخ الخلفاء) أمثلة كثيرة عن ملوك الهند والروم وغيرهم.
7- كان يكتب اسم الخليفة على العملة وكان يقدم اسم الخليفة على اسم السلطان في الدعاء على المنابر كما ذكر ابن إياس في كتاب (بدائع الزهور).
8- كان للخليفة دور هام في المعارك العسكرية، ومن الأمثلة على ذلك معركة شقحب عام 1303 م وقد ذكر المقريزي في كتابه (السلوك لمعرفة دول الملوك) بشكل واسع ما فعله الخليفة سليمان المستكفي ومنها خطبته في الجيش حينما قال: " يا مجاهدين لا تنظروا لسلطانكم قاتلوا عن حريمكم وعن دين نبيكم (ص)".
9- وهي نقطة تحليلة تدل على إستقرار الخلافة العباسية في مصر حيث تولى الخلافة 17 خليفة عباسي مقابل حوالي 50 سلطان مملوكي خلال نفس الفترة.
10- كان للخليفة العباسي تنظيم شعبي واسع إسمه "تنظيم الفتوة، وهذا ما ذكره المقريزي في كتابه (السلوك لمعرفة دول الملوك).
11- كان الخليفة العباسي يؤم الناس في مسجد السيدة نفيسة ويسمع شكاويهم ومظالمهم ويقوم بحلها وهذا ما ذكره السيوطي في كتاب (تاريخ الخلفاء).
***** المصادر:
1) الظاهري، زبدة كشف الممالك.
2) الذهبي، سير أعلام النبلاء
3) السيوطي، تاريخ الخلفاء
4) ابن كثير، البداية والنهاية
5) ابن خلدون، المقدمة
6) ابن إياس، بدائع الزهور في وقائع الدهور
7) المقريزي، السلوك لمعرفة دول الملوك
النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب
*****************
كتب بقلم:
المؤرخ تامر الزغاري
*****************