شرطي المرور «محبوب»... فرجاءً لا تغيروا صورته
يمكن لوزارة الداخلية أن تفتخر بأن «شرطة المرور» يعتبرون من أنجح قوات الأمن من ناحية حب الناس لهم، وشرطي المرور حظي باحترام وتقدير حتى في الفترات الأمنية الحالكة التي مرت بها البحرين، وكثيراً ما تجد الناس يرفعون التحية لشرطي المرور عندما ينشغل بتنظيم السير. هذه الظاهرة تبقى في أذهان كثير منا، وكانت البحرين في الماضي أكثر تنظيماً للمرور، ولكن الضغط على الشوارع وازدياد عدد السيارات من داخل البحرين وخارجها أدى إلى زيادة الحوادث والمخالفات المرورية، لكن الاحترام الذي يكنه الناس لشرطي المرور بقي من دون أن يتغير في كل الفترات.
على أن هذا الاحترام قد يتأثر حاليّاً مع شروع وزارة الداخلية في استخدام شرطة المرور في نقاط تفتيش في الأماكن السكنية، إذ يقوم أحد شرطة المرور بإيقاف السيارات للبحث عن أية مخالفات (وهذا واجبه)، لكن يحيط بشرطي المرور شرطة مكافحة الشغب ورجال أمن أو مخابرات بلباس مدني، يقومون بتفحص السيارات وراكبيها بحثاً عن أمور أخرى غير المخالفات المرورية. وهذا أصبح واضحاً للأهالي الذين يعرفون طبيعة عمل شرطة المرور (ويحترمونهم) وهي تختلف عن المهمات التي تقوم بها دوريّاً نقاط التفتيش التي تستخدم شرطي المرور غطاء لعملها.
بطبيعة الحال، فإن الصورة العامة للشرطة دائماً معقدة، ولها العديد من الجوانب، وقد سعت وزارة الداخلية (منذ تسلَّمَ مهمات الوزارة الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في 2004) إلى تحبيب قوات الشرطة بجميع أنواعها إلى الناس، وشملت الخطط في هذا المجال تغيير ألوان وأنواع السيارات والملابس، تكوين شرطة المجتمع، إعلان يوم للشراكة المجتمعية، خلق تواصل ما بين الوزارة وجميع الجهات المعنية والناس عبر إدارات جيدة للعلاقات العامة والجوانب القانونية، إلخ...
لكننا، ومنذ منتصف أغسطس / آب 2010 نشهد تغييراً جوهريّاً في الاستراتيجية الأمنية في البحرين، وبعيداً عن مسببات أو مبررات النهج الجديد، فإن ما يؤسف له هو أن تضحي الوزارة بسمعة شرطي المرور عبر زجه في نقاط التفتيش الأمنية (التي تتخذ من الفحص المروري الروتيني حجة لذلك). وكما أشرت سابقاً، فإن شرطي المرور كان ولايزال عنواناً للثقة بين المواطن والجهات الرسمية في مجال عمله، ومن المفترض أن تواصل الوزارة نهجها الذي اتبعته لتحبيب جميع أنواع الشرطة للناس، وأن تستفيد من خبرتها المتراكمة في شرطة المرور في هذا المجال، وليس العكس.
إننا من دعاة الشراكة المجتمعية بين «الداخلية» وفئات المجتمع، ونؤمن بالدور الإستراتيجي للشرطة في حفظ الأمن، ومكافحة الجريمة، لكن هناك وجهات نظر مختلفة بشأن كيفية التعامل بين الشرطة والجمهور، ونأمل من وزارة الداخلية أن تأخذ بأفضلها، لكي تبقي الصورة العامة لشرطة المرور (ولأقاسم الشرطة الأخرى) مثالاً للنزاهة والمعايير الأخلاقية والحقوقية.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2995 - الخميس 18 نوفمبر 2010م الموافق 12 ذي الحجة 1431هـ