إدارة المرور... رفقاً بالمواطن
من يقصد المنطقة الدبلوماسية بمدينة المنامة يجدها كبيت عنكبوت في نسيج مترابط ومتشابك غير متناسق وكأنها متاهة، في شبه دائرة لا يزيد قطرها على كيلو متر مربع. وقد حملت هذه الدائرة الصغيرة بنسيجها غير المتناسق وتصميمها البدائي أكثر مما يجب أن تحتمله، لدرجة أن الزهور والطيور عجزت عن أن تجد لها في هذه البقعة مكاناً أو ملجأ تحط فيه، فما بالك بالزائر والمراجع القادم بسيارته لقضاء حاجته.
فإن كنت أنا واحداً من القريبين والزائرين للمنطقة المذكورة يومياً أعلم ماهيتها وعلى يقين من المعرفة بها، فإني أوجه الخطاب إلى الغريب أو البعيد الذي لا يعلم ماهيتها، بالقول:
«هل تصدق أن هذه المنطقة التي لا يزيد قطرها على كيلو متر مربع تحتضن اليوم ما يقارب 50 % من وزارات المملكة ومؤسساتها، وعلى رأسها وزارة العدل والشئون الإسلامية وملحقاتها ومنها محاكم مملكة البحرين بأنواعها ودرجاتها ومقر النيابة العامة، فضلا عن بعض السفارات والعديد من البنوك التجارية وشركات التأمين والفنادق والمقاهي والعمارات السكنية والمكتبية والشركات التجارية وغيرها مما يصعب حصره».
وهل تصدق أن هذا العجاج كله في هذه المساحة الضيقة هي بدون مواقف للمركبات والسيارات المخصصة للأفراد المراجعين، إلاَّ على أطرافِ بعضِ الشوارع التي لا تزيد في معدلها على خمسة مواقف فقط لكل مؤسسة من المؤسسات السابق ذكرها، أو بمعدل موقف واحد فقط لكل مئة زائر أو مراجع على الأقل إنْ أعددتها بالحساب الآلي الدقيق».
وعليه، بالتأكيد، ستُصدق لو قلت لك إنك لن تستطع أن تجد موقفاً توقف فيه سيارتك مهما بلغت بك الحيلة ما لم تبادر بالحضور هناك قبل بدء الدوام الرسمي أو قبل طلوع الشمس.
إذاً... أليس ذلك الوضع محنة وعذاب مئقاً يصيب كل من تجبره الحاجة إلى الوقوف في المنطقة الدبلوماسية لقضاء حاجة له هناك؟
ولكن... أيها البعيد... أعتقد أنك لن تصدق أبداً عندما أقول لك: إنه رغم هذه المحنة التي يتعرض لها من يقوم بزيارة المنطقة الدبلوماسية على نحو ما سبق، إن هناك أشخاصاً يحملون دفاتر يسمون «شرطة المرور» يجوبون هذه المنطقة في حراك دائم لا لغرض التنظيم أو دراسة الأوضاع فيها، إنما فقط لرصد أي زائر أو مراجع يوقف سيارته على جزء من رصيف أو موقف غير مخصص للوقوف لكي يقوموا بتقييد مخالفة ضده، وكأن دور هؤلاء مقصور على تقييد المخالفات وجمع الأموال العائد منها كعمال جباة، بدليل أنك تجد التنافس بينهم تزيد حدته في ساعات الذروة.
بما تقدم اكتفي بمخاطبة ضمير الغريب والبعيد، لأبدأ بمخاطبة ضمير السادة بدائرة المرور بالقول: إني وبدون تملق وتزلف أقدر دوركم المتألق وإخلاصكم وتفانيكم في خدمة الوطن والمواطن، وأثمن الكفاءة المتميزة العالية لكوادركم وطاقمكم العامل.
ولكن أسألكم وألتمس الإجابة منكم:
ألستم اعلم من الغير أن المخالفات المرورية المرتكبة في المنطقة الدبلوماسية المتمثلة بالوقوف الخاطئ على نحو ما تقدم مرجعها خطأ الدولة لا المواطن؟
ألاّ تعلمون أن للمواطن حقاً على الدولة بأن توفر له الراحة في جميع مناحي حياته، وأن تكفل له التوفيق بين التزاماته وحقوقه.
ألاّ تعلمون أن العدل أساس الحكم؟ وأن العدالة تقتضي في مثل هذه الحالة معاقبة المسئولين في الدولة لا المواطن لأنهم هم المقصرون في حقه، فيكون المواطن هنا هو المجني عليه وليس الجاني؟ وبالتالي تصبح معاقبته ظلماً فوق ظلم؟
أليس من العدل أن تغضوا البصر ولو في ساعات الذروة عن المخالفين الذين ضاقت بهم الأرض فاضطروا للمخالفة.
أليس من العدل أن تضعوا في نصب أعينكم القاعدة المثلى «أن الضرورات تبيح المحظورات».
فإن كنتم مدركين كل ذلك، فأرجو أن يكون حاضراً في وجدانكم وضميركم أن معاقبة المخالفين لقواعد الوقوف بالمنطقة الدبلوماسية في ظل الأوضاع السابق ذكرها حيف وظلم.
وعليه أعود وأخاطب وجدانكم وضميركم ثانية بالقول: بألاّ تضيفوا ظلماً على ظلم بحق المواطن
علي محسن الورقاء
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2801 - السبت 08 مايو 2010م الموافق 23 جمادى الأولى 1431هـ