زوجة سعودية تحكي قصة زوجها عام 1415هـ فتقول :
كان زوجي شاباً يافعاً مليئاً بالحيوية والنشاط وسيماً جسيماً ذا دين وخلق وبر بوالديه .. تزوجني في عام 1390هـ ..
وسكنت معه في بيت والده !!
وقدرأيت من بره بوالديه ماجعلني أتعجب منه ..
رزقنا الله ببنت بعد زواجنا بعام واحد ، ثم انتقل عمله الى المنطقة الشرقية ، فكان يذهب لعمله أسبوعاً ،ويمكث عندنا أسبوعاً ، حتى أتت عليه ثلاث سنين وبلغت ابنتي أربع سنين ..
في اليوم التاسع من شهر رمضان من عام 1395هـ وهو في طريقه إلينا من الرياض تعرض لحادث أليم ، وأدخل على إثرها المستشفى ، ودخل في غيبوبة أعلن بعدها الأطباء المختصين المعالجين له وفاته دماغياً .. وتلف مانسبته 95% من خلايا المخ ..
كانت الواقعة أليمة جداً علينا ، وخاصة على أبويه المسنين ، وكان يزيدني حرقةً أسئلة ابنتنا أسماء عن والدها الذي شغفت به شغفاً كبيراً ، وهو الذي وعدها بلعبة تحبها ..
وقد كنا نتناوب على زيارته يومياً ولازال على حاله لم يتغير منه شيء ، وبعد فترة خمس سنين أشار عليّ بعضهم بأن أتطلق منه بواسطة المحكمة ، بحكم وفاته دماغياً وأنه ميئوس منه ، وقد أفتى بذلك المُفتون ، ولكنني رفضت ذلك الأمر رفضاً قاطعاً وقلت لن أتطلق منه طالما أنه موجود على ظهر الارض ، حتى يفعل الله به مايشاء ..
جعلت كل اهتمامي بابنتي الصغيرة ، وأدخلتها مدارس تحفيظ القرآن حتى حفظت كتاب الله كاملاً ، وهي لاتكاد تتجاوز العاشرة ، وقد أخبرتها فيما بعد بخبر والدها فهي لاتفتؤ تذكره حيناً بالبكاء وحيناً بالصمت ..
وقد كانت ابنتي ذات خلق ودين ، فكانت تصلي كل فرض بوقته ، وتصلي آخر الليل وهي لم تبلغ السابعة ..
وكانت تذهب معي لرؤية والدها ، وتقرأ عليه بين الحين والآخر وتتصدق عنه ...
وفي يوم من أيام سنة 1410 ، قالت لي ياأماه اتركيني عند أبي سأنام عنده الليلة ، وبعد تردد وافقت ..
تقول ابنتي :
جلست بجانب أبي أقرأ سورة البقرة حتى ختمتها ، ثم غلبني النعاس فنمت ، فوجدت كأن ابتسامة علت محياي ، واطمئن قلبي لذلك ، فقمت من نومتي وتوضأت وصليت ماشاء الله أن أصلي .. ثم غلبني النعاس مرة أخرى وأنا في مصلاي وكأن واحداً يقول لي : انهضي .. كيف تنامين والرحمن لا ينام ؟؟
كيف وهذه ساعة الإجابة التي لايرد الله عبداً فيها ؟؟
فنهضت كأنما تذكرت شيئاً غائباً عني .. فرفعت يدي ونظرت الي أبي وعيناي تذرفان بالدموع وقلت :
ربي .. أنت الحي القيوم ، العظيم الجبار ، الكبير المتعال ، الرحمن الرحيم ، هذا والدي عبد من عبادك أصابته الضراء فصبرنا وحمدناك ، وآمنا بما قضيته له ، اللهم إنه تحت مشيئتك ورحمتك ..
اللهم ربي من شفيت أيوب من بلواه ، ورردت موسى لأمه ، وأنجيت يونس في بطن الحوت ، وجعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم .. إشف أبي مما حل به ...
اللهم إنهم زعموا أنه ميئوس منه ، اللهم أنت لك القدرة والعظمة ، فالطف به وارفع البأس عنه ..
ثم غلبتني عيناي ونمت قبيل الفجر فإذ بصوت خافت ينادي : من أنت وماذا تفعلين هنا ؟ فنهضت على الصوت ، والتفت يميناً وشمالاً فلا أرى أحداً ثم كررها الثانية .. فإذا بصاحب الصوت أبي فما تمالكت نفسي من البكاء ..
قمت واحتضنته فرحةً مسرورةً ، حامدةً شاكرةً ، وهو يستغفر ، ويقول من انتى .. فأقول له : أنا ابنتك أسماء ..
خرجت إلى الأطباء أخبرهم فأتوا ولما رأوه تعجبوا !!!
فقال الدكتور الأمريكي بلكنة عربية متكسرة : سبحان الله .. وقال آخر مصري : سبحان من يحيي العظام وهي رميم ..
وأبي لايعلم ماالخبر حتى أخبرناه بذلك فبكى وقال :
الله خير حافظاً ..وهو يتولى الصالحين ..
والله ماأذكر إلا أنني قبيل الحادث ، نويت أن أتوقف لصلاة الضحى فلاأدري أصليتها أم لا ؟! ..
تقول الزوجة : فرجع إلينا أبو أسماء كما عهدته ، وقد قارب الـ46 عاماً ورزقت منه بولد ولله الحمد ، وهو يخطو في السنة الثانية من عمره ، فسبحان الله الذي رده لي بعد 15 عام وحفظ له عقله وصحته وابنته ، ووفقني للوفاء معه ، وحسن الإخلاص له . حتى وهو مغيب عند الدنيا ..
لا تتركوا الدعاء فالدعاء يرد القضاء ، ويرفع البلاء ..
ومن حفظ الله حفظه الله ..
ولاننسى بركة البر بالوالدين ، وأثره في رضا الخالق ..
ولنعلم أن الله عزوجل بيده تصريف الامور وتقديرها ، وليس لأحد سواه فعل ذلك ..
هذه قصتي أرويها للعبرة ، لعل الله أن ينفع بها من ضاقت به السبل وعظمت عليه الكروب ، وأقفلت من دونه الأبواب ، وتقطعت به أسباب النجاة ..
اقرع باب ربك ، بتذلل وعبودية وخشوع ، وتيقن بحسن ظنك بربك أنه سميع قريب مجيب ..
ولاتيأس .. مادام ربك هو الله .
منقووووووول....................
والله ما رأيت مصليا على محمد إلا وقد جبر
اللهم صل وسلم وبارك عليك يا رسول اللهﷺ