أرسل حاكم أُترار إلى السلطان «محمد خوارزمشاه» يسأله عما يجب أن يفعله بالقافلة، فتحامق السلطان المسلم، وأجابه بأن يقتل التجار ويبيع البضائع ويرسل إليه بالأموال. وبرَّر السلطان ذلك، بأنه يتوجس من كونها قافلة تجسس. فلما فعل حاكم أُترار ما أمره به سلطانه، استشاط غضب جنكزخان وأرسل إلى «خوارزمشاه» سفارةً تحمل رسالة تقول: إن كان ما فعله حاكم «أُترار» هو بعلمك أو بأمرك، فهذا مما لا تحمد عقباه، وإن كان بغير علمك فأرسل لنا هذا الحاكم لمعاقبته.
وعندئذٍ بلغ حُمق «خوارزمشاه» مداه، فقام بقتل واحد من سفراء «جِنْكزخان» وجزَّ خصلات شعر الباقين، وهذا عارٌ عند التتار عظيم. فانفجر غضب جنكزخان واندفع بجيوشه التترية التركية، فهزمت جيوش الخوارزمية وعساكرهم التركمانية التركية. واستباح مغول التتر مدن سمرقند وبخارى وخراسان، وداست جحافلهم على البلدات والنواحي المشرقية وعَرَكتها بأقدام الهول فدمَّرتها، وقتلت من أهل الآمنين قرابة ألف ألف إنسان. ومع جريان تلك الشنائع وهذه الأهوال، بدا الزمان كأنه يكتب نعي الإسلام والمسلمين، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وبعد هزائم سلطان خوارزم، المفجعة، وبعدما تنازل عن العرش المتهاوي البنه «جلال الدين مَنْكُبِرتي» مات خوارزمشاه مهزومًا، مدحورًا، هاربًا، في ذاك العام السابع عشر بعد الستمائة.
من رواية "الوراق - أمالي العلاء" ليوسف زيدان والصادرة حديثا عن دار الشروق
#بين_السطور
#دار_الشروق