شريف والمراهنون على التغيير!
أماني خليفة العبسي
صحيفة الوطن - العدد 1807 الأحد 21 نوفمبر 2010
يقال والعهدة على الراوي إن إبراهيم شريف أمين عام ومرشح وعد لبرلمان 2010 بعد أن أعلنت نتائج الدور الثاني للانتخابات؛ كان في اليوم التالي بأفضل حال، وتعلو وجهه أسارير البشر والفرح محدثاً ''معزيه'' على هاتفه الجوال بصوت عالٍ أسمع حتى من بالخارج.
لم يحاول شريف أن يخفي كلماته أو يشفرها، وكان يقول بوضوح إنه لا يعتبر الأمر خسارة بقدر ما هو فوز؛ ففي حين تراجع تمثيل الجمعيات الإسلامية -الأصالة والمنبر- في المجلس بصورة صادمة ها هي وعد -والكلام مازال لشريف- تحصد ما بين 40-45٪ من أصوات الناخبين في دوائر النزاع وهذا يعتبر تقدماً لوعد لا خسارة.
ربما كان أهم ما يعول عليه شريف هو عنصر ''التغيير'' وهو طبيعة كونية، فلا شيء يبقى على حال، ونفسية وتوجهات الرأي العام معرضة بمرور الزمن لتحولات يصعب التنبؤ بها، قد تكون أحياناً حتى غير منطقية، من هذه التغيرات التي بدأت تتضح الآن بروز قوة المستقلين كتكتل ذي ثقل في المجلس والذي إن كان يلي ''الإيمانيين'' حضوراً فهو يفوق ''الإسلاميين''، الأمر الذي لم يخطر ببال أي كان في السابق بالرجوع لطبيعتنا المتدينة كشعب وولائنا وثقتنا بالمظهر الديني.
قد نختلف على أمور كثيرة لكننا يجب أن نعترف أن الطفرة في هيئة وخطاب تكتل المستقلين تعتبر ظاهرة صحية كونها تعبر عن حدوث تطور وتحرر في ثقافتنا السياسية وعن رغبة الرأي العام في إحداث تغيير بدلاً من استنساخ التجارب السابقة، الأمر الذي قد يكون هذا الفصل التشريعي واضحاً بالنسبة لخيبة توقعات الجمعيات التي تراجعت بالفعل، إلا أنه يضع عبئاً هائلاً على الكتلة الإيمانية التي نجحت بالفعل في تمرير نوابها -إيمانياً- هذه المرة لكن ليس بالضرورة أن يكون الأمر على ما هو عليه الفصول القادمة.
لا يمكن أن نراهن على البسطاء الذين اختاروا بعاطفتهم وبخوفهم وتأثرهم الوقتي بطنين الخطب والفتاوى، الرأي العام مثل كائن حي ينمو ويتطور والتجربة والعبر التي يتغاضى عنها الناخب الذي يرشح لأجل إثبات قوة المذهب وثقله ستكون ماثلة على الدوام بحيث يصعب تجاهلها مستقبلاً، وعاجلاً أم آجلاً سيتوجب على الإسلامي والإيماني أن يقرر توجهاً حقيقياً، لأن المذهب -وإن كان منهاج حياة وشريعة- إنما ليس بتوجه سياسي ولا برنامج عمل ولا مستقبل يقدم للناخب.
يبدو أن التجربة السياسية يمكن أن تغذي نفسها بالزمن والخبرات وتنضج شيئاً فشيئاً، وفي السياسة دوام الحال من المحال وهذا يعني أن الاطمئنان لعاطفة الرأي العام أو حتى صبره ليس من الذكاء السياسي، ففي النهاية سيبقى الأنفع بغض النظر عن الأفصح والأفضل خطابة والأعلى صوتاً وحتى الأقرب عقيدة، ومن يدري قد يصدق حدس إبراهيم شريف ويصيب في تفاؤله.