لدينا المال والوقت للسياحة وليس لدينا للحج..!!
هشام الزياني
صحيفة الوطن - العدد 1808 الأثنين 22 نوفمبر 2010
انتابني شعور يشبه تأنيب الضمير أنني لم أذهب إلى الحج قبل الآن، حتى مع كل انشغالات الإنسان وظروفه والتزاماته التي قد تحول في بعض الأحيان دون التوجه إلى الحج، إلا أن العزيمة إن وجدت فإن الصعاب سوف تذلل بإذن الله.
رحلة الروحانيات والشعور الداخلي ومناجاة رب العباد والتذلل له والخضوع عنده، واستشعار أن ما علينا من ذنوب وخطايا سوف يغفرها الرحمن الرحيم بكرم من عنده وبرحمته التي وسعت كل شيء، هو شعور داخلي عظيم، نشعر بعد إتمام المناسك، وكأن أرواحنا غسلت بفضل من الله.
ذلك شعور جميل للغاية، ربما لا يشعر به إلا من وقف بعرفة ذات يوم وأخذ يناجي ربه بصدق وبإيمان متيقناً أن الله سوف يغفر له ذنوبه ويتوب عليه، وهو القائل سبحانه: ''أدعوني أستجب لكم'' فكيف والمسلم يقف في يوم عرفه يناجيه وقد أشهد الله ملائكته أنه غفر لمن أتاه أشعث أغبر يرجو رحمته، ويخشى عذابه.
نحن البشر نطرق أبواب البشر ليسدوا لنا خدمة، أو يتفضلوا علينا بمعروف، والبعض يتذلل وينافق ويضع نفسه في مواضع مهينة وهو يرجو غير الله.
جميعنا يخطئ، وجميعنا يحسب أن المنفعة والضرر لدى البشر، غير أن البشر ليسوا سوى أسباب حتى وإن امتلك البعض أن ينفع، فقد سخره الله إلى ذلك، لكن علينا قبل التوجه إلى البشر، إن نرجو رب البشر ومن بيده كل شيء، هو الذي يعطي من غير حساب، هو الذي يجب المضطر إذا دعاه، هو من يسخر الناس لأن يسدوا لنا معروفاً، هو الذي يعطي من غير أن يمن علينا بشيء، سبحانه ما أكرمه، ينعم علينا بنعمه ونعصيه كل يوم.
في ثاني رحلة للحج وجدت مشاهد كنت أتمنى ألا يشاهدها مسلم دخل الإسلام حديثاً (لا احد ينكر جهود السعودية ملكاً وحكومة وشعباً في خدمة حجاج بيت الله الحرام، بل إن المشروعات المستمرة خير دليل) فما شاهدناه من انتشار للمخلفات وعبوات المياه البلاستيكية على الأرض في منى والجمرات أمر لا يسر أي مسلم.
المسألة ليست متعلقة بالسعودية وعمال النظافة وحسب، بل هي متعلقة بالمسلم ذاته في أنه لا يجب ألا يوسخ المكان الطاهر.
من جانب آخر فإن ملاحظة غياب سلال تجميع القمامة في أماكن كثيرة من المشاعر كانت أيضاً سبباً في انتشار ظاهرة رمي عبوات المياه التي تعيق المشي خاصة مع الأمطار.
كما إننا لا يمكن أن نحكم على تجربة القطار، فقد استخدمنا القطار ذات مرة ذهاباً وإياباً، لكن تنظيم دخول القطار شابه بعض القصور والتأخير، كما إن القطار تعطل بسبب المطر والبرق وهو قطار كهربائي، مما تسبب في إرباك شديد وجعلنا نقطع مسافة تقدر 7 كيلومتر (إن لم تكن أكثر) مشياً على الأقدام، والمشي قد يكون عادياً للشباب، لكن الأمر كان صعباً على كبار السن خاصة وسط المطر والزحام.
نشاهد في الأفلام الوثائقية كيف كانت أوروبا تستخدم القطارات منذ بداية القرن المنقضي، لكننا في الخليج للتو نفكر في استخدام القطارات، الفرق في المدنية والتقدم يساوي مائة عام ونيف، هذا مأزقنا الحقيقي.
ذهبت إلى الحج مع إحدى الحملات الكويتية (لا أود ذكر أسمها حتى لا تكون دعاية) وقد لمست الفرق في العمل والتنظيم والإدارة لدى إخواننا الكويتيين في تقديم تسهيلات للحجاج بكافة أنواعها، هناك أمور تتعلق بالذوق لدى إخواننا في الكويت لا يجاريهم فيها أحد، تشعر أن أموراً كثيرة تمت دراستها بعناية.
يقول صاحب الحملة: ''إننا أجرينا بروفات على نقل الحجاج بالقطار في الكويت قبل الحج بشهرين''.
هكذا يعمل من يريد أن يقدم خدمة راقية للحجاج، مع أن فرق السعر بين الحملات الكويتية والبحرينية ليس كبيراً، لكن مستوى الخدمات والاهتمام والإدارة والتنظيم أمر لا يقارن بحملات البحرين مع احترامنا للحملات البحرينية.
كنت أتمنى لو أن الحملات البحرينية تأخذ التجربة الكويتية في حملات الحج من جهة، وفي دور البعثة الكويتية مع حجاجها من جهة أخرى، وهذا ليس فيه انتقاص من حق حملات البحرين أو بعثة البحرين، لكن الاهتمام بالحاج واجب فما تأخذه الحملات البحرينية ليس قليلاً أيضاً.
قبل أن أختم، أود الإشارة إلى أن الذهاب للحج فريضة هامة أساسية فرضها الله علينا، فكثيراً منا من يجد الوقت ويضع الميزانيات من أجل السفر صيفاً للسياحة، وهذا أمر لا غبار عليه، لكن الواجب على من يملك الوقت والمال أن يتوجه إلى بيت الله الحرام للحج أولاً، وفي الأعوام المقبلة يذهب للسياحة كيفما يشاء.
لا أحد منا يضمن عمره، والذي يسوف، أو يردد مقولة توني (اصغير) قد يعض بنان الندم إن فاته العمر وذهبت عنه الصحة وهو لم يستطع الذهاب إلى الحج
موضوع: لدينا المال والوقت للسياحة وليس لدينا للحج..!! 
الإثنين نوفمبر 22, 2010 1:17 pm