كيف نطقت مصر باللغة العربية استغرق تحول الشعوب الممتدّة من غرب إيران حتى موريتانيا على ساحل المحيط الأطلسي إلى العربية وقتاً، وساهمت فيه ظروف متعدّدة. كان لكل بلد ظروف وملابسات في الانتقال من لغته الأصليّة إلى العربيّة، ولكن هناك قرار شمل كلّ الولايات، صدر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (26 هـ - 86 هـ / 646 - 705م) بتعريب الدواوين الحكوميّة، في البلاد التي لا تتكلّم العربيّة. فكان هذا القرار بمثابة اشتراط إتقان اللغة العربيّة، لمن يريد أن يُعيَّن في الوظائف الحكوميّة في الولايات التابعة للخلافة، في مصر والشام والعراق والمغرب وغيرها، وحرمان غيره منها. لو أخذنا مصر نموذجاً ربّما يمكننا أن نصل إلى تصوّرٍ عام حول كيفية انتقال بلاد الخلافة الإسلاميّة، من لغاتها الأصليّة إلى اللغة العربيّة.. فمتى وكيف انتقلت مصر من لغتها القبطيّة إلى العربيّة من دراسة بعنوان "عندما أصبحت اللغة العربيّة لغة القدّيسين - When Arabic Became the Language of Saints" للباحث في علم المصريّات والتاريخ القبطي بجامعة مونستر الألمانيّة صموئيل معوض، يتضح أن الانتقال تمّ بشكل تدريجي؛ حيث بدأ اللسان العربي غريباً بين الأقباط في القرن السابع الميلادي، ثم اختلط تدريجياً باللسان القبطي، لتنشأ مرحلة صراع بين اللغتين على ألسنة المصريين، الذين ظلّوا لقرون مزدوجي اللغة، ثم انتهى الأمر لصالح العربيّة. هذا الصراع انعكس أيضاً في القرن العاشر الميلادي، على رجال الدين والكنيسة الأرثوذُكسيّة، التي كان يتبعها أغلب المصريين، حيث بدأت تظهر كتابات دينيّة مسيحيّة باللغة العربيّة، ولكن بشكل فردي من قبل بعض رجال الدين. ولكن الأمر حُسم تقريباً لصالح اللغة العربية في القرن الثاني عشر، حين تُرجم الكتاب المقدّس إلى العربيّة، أي بعد أكثر من 500 عام على دخول المسلمين مصر أوضح المؤرخون أن المصريين ظلوا يتحدثون اللغة المصرية القديمة فى بيوتهم ومختلف معاملاتهم حتى قرون متقدمة من فتح مصر، وأن إجادة «العربية» كانت مفتاحاً لشغل وظائف الدولة بعد تعريب «دواوين الحكم» فى عهد الدولة الأموية، إن «اللغة المصرية القديمة ظلت حية فى بيوت المصريين وأسواقهم، بدءاً من فتح مصر على يد الصحابى عمرو بن العاص، وظلوا حتى القرن الرابع يتكلمون بها، حتى إن المصادر التاريخية أشارت إلى أن الخليفة العباسى الأمين بن هارون الرشيد، حينما جاء إلى مصر، تجول فى أسواقها مصطحباً معه مترجماً ليترجم له ما يقوله الناس وينقل عنه كلامه لهم، غير أن اللغة العربية انتشرت بقوة بين المصريين بدءاً من القرن الرابع الهجرى»وفى عام. 849 م أصدر الخليفة المتوكل منشورا يدعو فيه أن يتعلم المصريين اللغة العربية، ولكن الشعب المصري استمر في التحدث باللغة القبطية فيما بينهم وفي حياتهم اليومية.
وفي القرن الـ11 الميلادي، أمر الحاكم بأمر الله بمنع استخدام اللغة القبطية في الطرق والمنازل، ومع حلول القرن الـ12 الميلادي أصبح الشعب المصري يعرف اللغة العربية والقبطية على السواء، حيث بدأت اللغة العربية في الانتشار لتحل تدريجيا مكان القبطية