معركة الحجاب مع دعاة السفور لا مع مبيحي الكشف
هناك فرق كبير بين العلماء المجيزين لكشف الوجه وبين دعاة السفور، لربما خلط بعض الناس بينهما، فظن ما يطلق من أحكام في حق فريق هو بالضرورة يشمل الآخر، وليس الأمر كذلك. ولأجل إيضاح هذه الحقيقة المهمة، حتى لا ينخدع عامة الناس، ولكي نقطع الطريق على المتسلقين على ظهور الآخرين نقول: المعركة القائمة اليوم في مسألة كشف الوجه هي معركة بين دعاة الفضيلة والحجاب ودعاة الرذيلة والسفور، ودعاة الفضيلة يمثلهم العلماء القائلون بوجوب تغطية الوجه، وكذا العلماء القائلون بكشف الوجه، ودعاة الرذيلة والسفور يمثلهم المستغربون.. إذن، كافة العلماء، من يقول بوجوب التغطية، ومن يقول بجواز الكشف، يقفون في خندق واحد أمام دعاة السفور الذين ينادون بكشف الوجه. نقول هذا لأن المستغربين، دعاة السفور، يسعون جاهدين للالتصاق والانتساب إلى العلماء القائلين بكشف الوجه، ليوهموا الناس أنهم منهم، وما هم منهم، وغرضهم من ذلك حماية أنفسهم من اكتشاف حقيقة دعوتهم في نشر الرذيلة ونزع الحجاب وهتك ستر المرأة، وأيضا من أجل السلامة من سخط الناس ونبذهم. إن الذين أجازوا كشف الوجه من العلماء ليسوا هم دعاة سفور، ولا العكس، وهاكم الفروقات بين الفريقين: - من أجاز الكشف، أجازه مستندا إلى الدليل الشرعي، بغض النظر عن صواب قوله أو خطئه، أما دعاة السفور فلا يؤمنون بالدليل أصلا، بل يكرهون ما أنزل الله، ويتبعون أهواءهم وشهواتهم، فمصدر التلقي عند الفريقين مختلف اختلافا جذريا وكليا، هذا يتلقى من الكتاب والسنة، وذاك يتلقى عن الهوى والفكر الغربي. - من أجاز الكشف يرى التغطية أفضل، ولا يجادل في هذا أحد، بينما دعاة السفور يرون الكشف أفضل بإطلاق، ليس كشف الوجه فحسب، بل كشف سائر البدن، حتى تغدو المرأة بلا ستر ولا حياء. - من أجاز الكشف يرى وجوب التغطية حال الفتنة، بينما دعاة السفور يرومون الفتنة ويبحثون عنها، ويشجعون على الكشف لأجل إثارة الفتنة والفساد. ومن هنا لا بد أن نفرق بين طريقة الرد على المبيحين للكشف، وبين طريقة الرد على دعاة السفور.. فأما إذا رددنا على من أباح الكشف من العلماء، ناقشناه بالدليل والحجة والبرهان، بعرض ما لدينا من أدلة، ونقض ما لديهم من أدلة، في جو من الأدب والسماحة. وأما إذا رددنا على دعاة السفور فلغة الرد لا بد أن تختلف، فنحن لا نناقش أناسا يؤمنون بالدليل الشرعي، وإن أظهروا ذلك، فكلامهم وحالهم يدل على القطيعة الكبيرة بينهم وبين الدين المنزل من رب العالمين، فالرد عليهم يكون بالموعظة والتخويف بالله، والمجادلة، وتبيين أهدافهم من وراء السعي إلى كشف الوجه. وعندما يتصدى أحد العلماء للرد على دعاة السفور ستجد في كلامه الموعظة وتبيين مقاصدهم، والزجر لهم، وتحذير الناس منهم، هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو منهج القرآن في الرد على المعاندين، المستكبرين، المصرين على الخطأ، المفسدين، الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا: { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.. وحينذ لا وجه للاعتراض على العالم الذي اتخذ ذلك السبيل في الرد على دعاة السفور، بعد أن تبين أن هذا هو الرد الشرعي، وهذه هي طريقة القرآن. وهنا ينبري دعاة السفور للتشنيع على من رد عليهم، وحذر منهم، ووعظهم وخوفهم، بأنه أحادي الرأي، لا يقبل القول الآخر، وأنه يلغي ويتجاهل أقوال العلماء المجيزين للكشف، وأنه يتهمهم في دينهم وفهمهم. يفعلون ذلك لأجل: - أن يوهموا الناس أن دعاة السفور ومن أجاز الكشف في صف وخندق واحد. - أن يوقعوا بين العلماء المحرمين للكشف والمجيزين، بحيث يظن المجيزون أن كلام المحرمين ضدهم وفي حقهم. - أن يشوهوا صورة المحرمين للكشف بإظهارهم في صورة الطاعن في علماء الأمة، الذي لا يعرف قدرهم. وكل ذلك باطل، فليس دعاة السفور ومن أجاز الكشف في خندق واحد ألبتة، بل كل العلماء على اختلاف أقوالهم (من أجاز ومن حرم الكشف) في خندق واحد ضد دعاة السفور الذين لا هم لهم إلا نزع حجاب المرأة وهتك سترها. وردود العلماء الحاسمة والفاضحة إنما هي منصبة على دعاة السفور لا على العلماء المبيحين للكشف. فلا بد إذن من معرفة طرائق هؤلاء في التلبيس والخداع، وهم وإن خدعوا حينا إلا أن سحرهم سينقلب عليهم. ..............