إن أهمية دراسة المشاعر السياسية ترجع إلى اعتبارات متعددة، منها أن المشاعر تشكل بنية تكوينية للفرد، وما الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلا امتداد لها، كذلك ترجع إلى كونها تبني انتقادات موجهة إلى نظرية الاختيار العقلاني[18] التي تبرز أهمية العقل عند الفاعل في صناعة القرار العمومي، وتهمش المشاعر السياسية، في حين يثبت واقع الممارسة عكس ذلك. من جهة أخرى فالعواطف السياسية ترتبط بخطابات طبقات اجتماعية محددة تكون مستهدفة من طرف هذه الدراسة[19].
وترتبط العواطف السياسية بالرمزية السياسية، ذلك أن العديد من الأفراد يُؤَوِّلون الأحداث السياسية، ويعبرون عن عواطفهم عبر الرموز السياسية، خصوصاً في الأنظمة السلطوية التي تخنق التعبيرات الصريحة، فيتجه المواطن إلى تلك التعبيرات المضمرة، كإشارة على الحضور وإثبات وجود الذات، زد على ذلك أن التعبئة السياسية تسمح باستدعاء مجموعة من العواطف السلبية والإيجابية من أجل دعم أو تقويض السياسات الحكومية، لتصبح بذلك آلية فعالة للتعبئة، إما من أجل سياسات أو قضايا تهم فئة اجتماعية معينة، وذلك بكسب تعاطف أكبر نسبة من المناصرين، وتكوين حشود تنقل العدوى العاطفية بسرعة كبيرة.
لتبرز المشاعر السياسية في مجموعة من القضايا، منها الهوية الوطنية التي تتحدد عبر مشاعر جمعية، والفصل بين المصلحة الشخصية والمصلحة العامة التي يحددها الضمير الجمعي، وتحديد الفرق بين المجال العام والخاص، ومسألة القيم التي تعد تفضيلات جماعية، ومسألة الديمقراطية التي تفصل في الصراعات، والتي يتحول عبرها العدو إلى خصم ومنافس، وفي الاختيارات السياسية للأفراد من خلال الاستحقاقات الانتخابية لتشكل الانتخابات في الحقيقة فرصة لدعم حزب أو الانتقام منه ومن مرشح البلدة أيضاً، هنا الأفراد يرجعون إلى عواطفهم استجابة للجروح النفسية العميقة المتجذرة.
ثانياً: نحو سيكولوجيا سياسية تتجاوب مع إشكالات المجتمع
إن احتضان الدولة للألعاب الرياضية يهدف إلى خدمة أغراضها، ومنها منح الشرعية للنظام السياسي، وتعميق الولاء الوطني، وتجذير السلوك السياسي المحافظ، إضافة إلى كونها أداة للتصريف السياسي[20]. حيث تعد وسيطاً ناعماً لتمرير مجموعة من الرسائل السياسية للحكومات اتجاه الجماهير من أجل مقبولية أكبر بحكمها وخضوع أكثر واستقرار واستمرارية للأنساق السياسية الحاكمة، يقع هذا عبر الدعم المادي والرمزي المتواصل للأنشطة الرياضية، والحضور الرمزي للزعماء السياسيين من أجل إعطاء انطلاق المباريات، وفي حفلات الافتتاح، ثم في تقديم الجوائز للفائزين وتهنئة الفرق والمنتخبات إثر فوزها بالبطولات والمباريات، واستقبالها بعد فوزها في حفل بهيج تقام فيها طقوس تلتحم فيها مشاعر الحاكمين والمحكومين.
هذا من