أصبح تقليدا بغيضا مقرفا بشعا أن يعتلي نتنياهو كل عام منصة الأمم المتحد وأن "يتحفنا" بآخر "اسافينه وخندزاته وخوازيقه"، وفبركاته وأكاذيبه، وطلاسمه وتخيّلاته وتهيّؤاته وأحلام نومه وصحوه وغفواته.
يمتطي نتنياهو منصة الأمم المتحدة وفي يده الخرائط واليافطات وعصا المايسترو وجوّاله المضيء المحشو بالمعلومات الاستخبارية، ويبدأ في اعطاء الدرس والدروس لطلاب من جميع الجنسيات، بعضهم متحمّس ويفرك يديه فرحا وغبطة وسرورا لسماعه، وبعضهم يذوب داخل ملابسه الرسمية خجلا وقرفا من سماع اكاذيبه، وبعض آخر غضبان "زهقان" ينتظر "صافرة الحكم" كي ينهي نتنياهو بازار "الماتش السنوي!!!
لكن لا يتصوّر أحد منكم يا سادة يا كرام ويا محترمين يا أجاويد أصحاب الحظ السعيد والرأي السديد، أن نتنياهو يذهب إلى هناك "خالي الوفاض"دون خطّة مدروسة محكمة مفصّلة متكاملة الاركان ومحشوّة الزوايا والقرن.
زبدة كلام نتنياهو وبيت قصيده أمام ممثلي العالم في الامم المتحدة هو انه يقول ويعيد ويزيد بأنّه لا وجود للشعب الفلسطيني كشعب له شخصية اعتباريّة شعب مُتبلور "يمكن" ان يستحقّ دولة مستقلّه، انما كل ما هو موجود ما هي إلا تجمّعات سكانيّة فلسطينية نتعامل معها، وحسب اتفاق اوسلو وخارطة الطريق وصفقة القرن، وربما استحضار بعض القوانين العثمانية وقوانين الانتداب البريطاني والحقبة الاردنية، لتحسين اوضاعهم المعيشية والاقتصادية والتجاريّة والمرورية.
يؤكّد نتنياهو أن مشكلة اسرائيل ليست مع الفلسطينيين وانما مع العرب، لهذا فان الحل الحقيقي والعملي والواقعي يكون مع العرب، عندها ستُحلّ مشاكل الفلسطينيين بصورة اوتوماتيكية، وسينامون في العسل ويرفلون بأثواب العزّ والحرير.
يؤكّد نتنياهو للعالم أمام ممثليه أن العالم غلطان في نقد أو انتقاد إسرائيل لأن إسرائيل ومنذ ملابسات الحرب العالمية الثانية ما زالت هي الضحية وما زالت تحتاج إلى تفهّم وتضامن ودعم العالم.
نتنياهو يؤكّد أن كل ما تقوم به اسرائيل يندرج في اطار القانون المحلّي والدولي، فهي واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، وان ما يقوم به الاخرون ما هو إلا اعتداء وعدوان على هذه الدولة الديمقراطية "المسالمة"، التي تركض وتلهث وراء انجاز تطبيعات واتفاقات سلام مع جيرانها العرب، امام سمع وبصر الامم المتحدة والعالم.
في المحصّلة، نتنياهو يُريد أن يقول من على منصّة العالم ويهتف: "إسرائيل وبس والباقي خس"!!