أكذوبة الحراك الإسكاني
رضي الموسوي
قبل تسعة أشهر، أشيع أن الحكومة جادة في بناء عشرة آلاف وحدة سكنية سنويا لحل المشكلة الإسكانية المتفاقمة، وان شهر مارس/آذار الماضي لن يحل إلا وقد ضربت أساسات 1500 منزل في المدينة الشمالية، إيذانا ببدء المشاريع الكبرى للإسكان، وان الخطة تقتضي تلبية 288 ألف طلب إسكاني يقف اليوم في طابوره أكثر من 45 ألف أسرة، وتزيد سنويا بمعدل 7000 طلب تكلف الخزينة نحو 350 مليون دينار..نتحدث عن الطلبات السنوية الجديدة، لان حجم الأزمة يقترب من مليارين و250 مليون دينار، وهو رقم فلكي لا يستطيع احد يدلنا من أين سيأتي به، في ظل الأوضاع القائمة من شح في الأراضي التي تبخرت حسب ما كشف عنه تقريرا لجنتي التحقيق في المدينة الشمالية، وأملاك الدولة العامة والخاصة.
لم تبنَ أساسات المدينة الشمالية، ومن يذهب هناك ويلقي نظرة على حجر الأساس الذي وضع أوائل هذا العقد، سيكتشف مدى الجدية في الإستراتيجية التي يتحدثون عنها. ربما كانت الإستراتيجية مبنية على أساس أن البيوت الذكية هي الحل، لكن، وكما أن البرلمان لم يحل المشاكل المتراكمة، فان البيوت الذكية التي تم إلغاؤها بقرار من مجلس التنمية الاقتصادية، بعد موجة الاحتجاجات المتواصلة عليها باعتبارها غير ذكية، وتضع المواطن المستفيد من الخدمات الإسكانية في علب سردين وليس في بيوت ينتظرها الواقف في الصف عشرين عاما.. لم تكن الحل الناجع الذي يمكن له أن يقبض سيطرته على الأزمة.
وزارة الإسكان وبعد قرار مجلس التنمية الاقتصادية كانت مطالبة بالبحث السريع عن إستراتيجية أخرى، وتقديم الدراسات اللازمة، إلا أنها قالت في رد على سؤال نيابي إن عملية الانتظار ستظل حتى العام ,2027 وان متوسط الانتظار هو 17 سنة للطلب، لكنها لم تقل متى ستلبى الطلبات الحالية التي تعبر حاجة أكثر من نصف البحرينيين بما فيهم المواطنون الجدد. لاشك أن الأزمة كبيرة بحجم أزمة البطالة منتصف تسعينات القرن الماضي، التي كانت شرارة أحداث استمرت لخمس سنوات، وقصة الشراكة مع القطاع الخاص تحتاج إلى فحص دقيق يبدأ بالأراضي والبنى التحتية المرافقة ولا ينتهي بسعر البيت ومساحته، والمساحات التجارية التي يمكن استغلالها من قبل هذا القطاع لتخفيف كلفة البناء على الحكومة، وبالتالي على الخزينة العامة للدولة. لكن ما لم تحسبه وزارة الإسكان هو الزيادة المضطردة في عدد المواطنين، وكأننا تحولنا إلى مفرخة دجاج لا نعرف إلى كم مليون سنصل مع ولوج البلاد العام ,2030 ما يفجر أسئلة بالجملة حول الاستراتيجية الإسكانية وغيرها من الاستراتيجيات المفترضة.