باختصار
الحراك البري الدولي في الثرى الليبي!
بعض العرب والغرب يطالبون الولايات المتحدة بالتدخل البري في ليبيا، بما يعني احتلالها، أي دخول الدولة العظمى الأميركية في دوامة جديدة ليست مستعدة لها ولا هي واردة في خارطتها الاستراتيجية، كما أنها لا تشكل تحديا لها اذا ظلت على ما هي عليه من تجاذبات يومية بين كر وفر.
هواة الاحتلال صاروا اليوم محترفيه بعد ما صارت العراق مثالا له.. والذين يتمنون على أميركا أمنيات من هذا النوع باتوا يخافون على حالهم أكثر من حرصهم على ليبيا.. معركة طويلة على الأراضي الليبية كما يتوقع الفرنسيون وكما هي حال المعارك الدائرة من خلال قراءة استراتيجية لها تكشف أكثر فأكثر المجتمع الدولي وبعض العربي على حقيقته.. فليبيا " العظمى " كما كان يطلق عليها يموت جيشها رويدا ويفنى شعبها رويدا. هي هكذا، دولة خسرت نصف شعبها تقريبا إبان النضال ضد المستعمر الايطالي، وهاهي تخسر نصفه أيضا في قتالها الداخلي، هذا إذا استثنينا شهوة الدول الكبرى النفطية التي قد لا تحتمل الوصول الى أية أزمة نفطية. خصوصا وان الطرفين المتصارعين في ليبيا قدما في بداية حربهما عرضا من تهديد الدول عبر قصف مواقع النفط كان دافعا لتدخلها الفوري، ليس حماية لأي بشري على الأرض الليبية بقدر الحرص على البترول بكل مشتقاته.
لكن التاريخ لن يغفر لليبيين من كلا الطرفين الذين يقدمون بلادهم لقمة سائغة لأجنبي طامع بثرواتها وبموقعها. وليس غيرة انسانية ان لا تسير قوات برية أميركية واطلسية على التراب الليبي بل هي هروب من ورطة قد تشكل ردود فعل من قبل الطرفين المتصارعين، ومن العرب أجمعين وخصوصا من الجارة مصر التي لم ينته في روحها ثورة الشباب الواعد في أكثر من أتجاه ومنه عودة دبيب الحياة العربية اليه من أكثر من باب وخصوصا في عمقه الفلسطيني الذي قد تكون طلائعه الزيارة المزمعة لوزير الخارجية المصري العربي الى غزة كما يشاع والتي ستقلب الموازين وتتخوف إسرائيل منها أكثر بكثير من أي نزاع عسكري قد ينشأ مع القطاع.
لا شك ان الليبيين استسلموا الى ظلم الحرب التي باتوا يعرفون انها طويلة وشاقة ومصحوبة بكل اشكال النزاع وفيها الكثير من الكر والفر ومن التهديد لـ" الثوار " وأحيانا لقوات القذافي، وان اللعب الدولي بنسيج تلك الحرب سيأخذ مداه الى ان يتم تدمير شامل وكامل للطرفين بحيث لا قوة فوق الضعف ولا حياة مع الأمل بقيام مناعة داخلية سوى بقاء التسلط الدولي.
الثرى الليبي محفوظ لأهله المتصارعين، أما سماء ليبيا فمحتلة أصلا، ومن يمسك بالسماء تصغر أمامه الأهداف سواء كانت كبرى أو صغرى.
زهير ماجد