يوميات مواطن مرهق: عداوات!
في لحظة لم يقوَ على مواجهتها بينه وبين نفسه، رضخ المواطن المرهق إلى القبول بحقيقة مرة للغاية لطالما حاول تفنيدها، وهي أنه كلما مرت بالبلاد مرحلة حرجة، يظهر زمرة من الأبطال، وفق تصنيفات مختلفة لهم في مقالاتهم ومنتدياتهم ومجالسهم وكهوفهم المظلمة، ينبرون ليجعلوا المجتمع ساحة قتال واحتراب تسبقه مجموعة من الشعارات والمقولات النفاقية الكاذبة.
بعضهم يدّعي حب الوطن وهو كاذب، والبعض الآخر يدّعي النضال وهو كاذب، وبين هذا وذاك، لا تجد للعقلاء مكاناً ولا لمن يطالبون بحقوقهم المشروعة سلمياً وقانونياً أثراً، والأصعب من ذلك، أن كل كلمة طيبة أو مبادرة صادقة، تصطدم بمصدّاتٍ قوية وجاهزة تظهر فجأة وتنتشر بقوة لتشكك في تلك الكلمة وتلك المبادرة تحت عناوين أولها (التقية) وليس آخرها (التكذيب والتفسيق والتسقيط والإهانات).
ولم يجد المواطن المرهق من القبول بأن هناك فئة وربما فئات، يعيشون بيننا لنشر العداوات والترصد لكل شاردة وواردة لتلوينها وفق اللون الذي يرتضونه، وليس لديهم شعار إلا (حب الوطن ومصلحة الوطن) وهو... وهم، يعلمون أن الحجم الأكبر من ذلك الشعار (كذب محض)، لكن، لطالما كان - أي الشعار - طريقاً للمتاجرة وتحقيق المكاسب الفئوية، فلا بأس، فالجيوب مفتوحة ومتعطشة، أما مصلحة الوطن العليا، فهي آخر ما يفكر فيه أولئك، ولو تتوقف عنهم الأعطيات و(دهن السير)، لانقلبوا على أعقابهم.
المواطن المرهق وغيره الكثير من المواطنين الشرفاء، يدركون أن قوم (العداوات) ومن يقف وراءهم ويشجعهم، إنما هم فيروسات تنشر الأمراض التي تفتك بالمجتمع... وخصوصاً أن هناك مطالب دستورية مشروعة من حق كل أبناء الشعب البحريني أن يعبروا عنها... وهناك حراك سياسي نشط استعداداً للانتخابات... هناك ملفات أمنية وسياسية تحتاج إلى حلول... لكن هناك دولة... دولة لها هيبة وكيان ونظام وقوانين، وهناك حقوق وواجبات، ومجتمع يجب أن يسوده الأمن والاستقرار والذي إن فقدناه، فقدنا ركناً من بين أثمن وأعز ما نملك، ثم هناك شعب يستحق أن يعيش في أفضل مستوىً معيشي، بعيداً عن الأفكار الملوثة التي أصبحت تنتشر كالنار في الهشيم، ولا ندري متى ستتوقف
سعيد محمد
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2963 - الأحد 17 أكتوبر 2010م الموافق 09 ذي القعدة 1431هـ