هل الحكومة دعمت أسعار البنزين 26 عاماً؟
هل الحكومة دعمت أسعار البنزين (وقود السيارات) 26 عاماً؟
ومن هو المستفيد من الدعم؟
الطبقة الفقيرة أم الغنية؟
وما هو تأثير إلغاء الدعم عن الوقود؟
خرجت تصريحات رسمية تتعلق بدعم وقود السيارات، أبرزها رد الحكومة على مجلس النواب بقولها: «إن الأسعار المدعومة للبنزين لم تتغير منذ العام 1983 م أي منذ 26 عاماً». بما يوحي للقارئ بأن الدعم استمر منذ 26 سنة.
لكن هذه المعلومة لم تعكس الحقيقة كاملة، إذ إن المواطنين هم الذين كانوا يدعمون الحكومة طوال تلك الفترة باستثناء ذروة الأزمات، والفترة الممتدة من غزو الولايات المتحدة العراق في العام 2003 حتى اليوم.
فقد كانت الحكومة تبيع المواطن لتر البنزين في السوق المحلية بسعر أعلى من الأسعار العالمية. وقد كانت أسعار النفط الخام منخفضة في تلك السنوات، إذ وصل سعر برميل النفط حتى إلى 8 دولارات (نحو 3 دنانير بحرينية) في ديسمبر/ كانون الأول العام 1998.
وكان برميل النفط الخام الجاري إلى مصفاة بابكو بحدود 10 دولارات (3 دنانير و700 فلس) في العام 2010. وعند تكرير البرميل ينتج العديد من المنتجات البترولية منها البنزين. وإذا بيعت كل هذه المنتجات تربح الشركة التي تكرر النفط بحدود 3 دولارات (نحو دينار و130 فلساً) عن كل برميل كمتوسط عالمي.
أي أن كل برميل يتم تكريره يبلغ سعره النهائي 13 دولاراً (نحو 5 دنانير) في العام 2000.
بينما المواطن كان يشتري البرميل من محطات الوقود بسعر 33 دولاراً (نحو 12 ديناراً و700 فلس)، أي أن المواطن كان يدعم الحكومة بنحو 20 دولاراً (7.5 دنانير) عن كل برميل.
البرميل يساوي 159 لتراً، ويباع لتر البنزين الجيد بسعر 80 فلساً، وبذلك يكون سعر البرميل الجيد نحو 12 ديناراً و700 فلس أو 33 دولاراً، بينما الممتاز بسعر 100 فلس للتر، وبذلك يكون برميل الممتاز بسعر 15 ديناراً و900 فلس أو 42 دولاراً.
وأسعار النفط الخام من العام 1983 حتى العام 2000 كانت منخفضة يتداول بسعر أقل من 20 دولاراً، باستثناء الأزمات في العام 1983 بسعر 30 دولاراً، وفي العامين 1984 و1985 بسعر يتراوح بين 20 و28 دولاراً، وفي العام 1990 عند غزو العراق للكويت بسعر يتراوح بين 17 و32 دولاراً للبرميل.
ومن العام 2001 حتى العام 2003 كان سعر البرميل يتراوح بين 20 و30 دولاراً، وبعد غزو الولايات المتحدة الأميركية العراق، بدأت الأسعار تدريجياً بالارتفاع حتى وصلت أعلى سعر تاريخي، نحو 147 دولاراً للبرميل في 11 يوليو/ تموز العام 2008.
وبذلك، الحكومة دعمت البنزين من العام 2003 حتى اليوم، بينما في تلك السنوات كان المواطنون هم الذين يدعمون الحكومة ممثلة بشركاتها المسئولة عن بيع منتج البنزين في السوق المحلية. باستثناء بعض السنوات التي بلغت الحرب فيها الذروة.
وإذا تم حساب التضخم، فإن المواطنين كانوا يشترون البنزين بأسعار مرتفعة، فقيمة الدينار في العام 1999 تعادل دينارين من العام 2010، بسبب التضخم. فالمواطن كان يشتري عدة حاجيات بدينار واحد في العام 1999، أما الآن فنفس الحاجيات قد يشتريها بدينارين أو ثلاثة دنانير في العام 2010.
السؤال الآخر، من هو المستفيد من الدعم، الطبقة الفقيرة أم الغنية؟
أكبر المستفيد من دعم البنزين هم الذين ينتمون إلى الطبقة الغنية، إذ إن الأسرة الغنية الواحدة لديها بين 4 و5 سيارات فخمة من الحجم الكبير التي تستهلك الوقود بشكل كبير، قد يصل إلى 100 دينار، ونتيجة للرفاهية فإنهم يقومون برحلات وزيارات مكثفة.
بينما الأسرة الفقيرة لديها سيارة واحدة، تستهلك القليل من الوقود، بنحو دينار واحد في اليوم الواحد، بما يعادل 30 ديناراً في الشهر.
بالنسبة لي شخصياً، رب أسرة من 3 أفراد، أستهلك نحو 25 ديناراً شهرياً من البنزين الممتاز. وإذا أزالت الحكومة الدعم عن البنزين ورفعت سعر اللتر من 100 فلس إلى 158 فلساً فإن فاتورتي سترتفع إلى 39 ديناراً شهرياً، أي الزيادة الشهرية تبلغ (14 ديناراً).
أعرف كثيراً من الأسر، لا تستهلك حتى 10 دنانير من البنزين، بحكم قرب موقع عملها من المنزل، واستخدام السيارة لوقت الحاجة فقط.
بالنسبة إلى تأثير رفع أسعار البنزين، فإن الأسر الغنية لن تتأثر فلديها المال والقدرة على الدفع وتحمُّل الفواتير المرتفعة، أما الأسر الفقيرة فإنها تتأثر بسرعة، لأنها لا تمتلك ما تدفعه. أما الأسر من ذوي الطبقة المتوسطة (التي تعتمد على رفاهيتها على الاقتراض) فإنها تقع بين الطرفين حسب ما تمتلك من مدخول.
أما تأثيره على القطاع التجاري والاقتصادي، فسيكون بنفس تأثير رسوم سوق العمل البالغة 10 دنانير عن كل عامل. ولكن الأكثر ضرراً هي شركات المواصلات والتي تعتمد على المواصلات بشكل كبير.
وهناك الكثير من الحلول، لمعالجة آثار رفع الدعم عن البنزين، كتقديم تعويض للمتضررين وفق مبدأ النسبة والتناسب، ومساندة القطاعات الاقتصادية لتحمُّل الآثار السلبية.
السؤال الذي من المفترض أن تقدم له الحكومة إجابة للمواطنين، هو أين ستصرف الأموال المصحلة من رفع أسعار البنزين؟ ولماذا تم البدء برفع أسعار البنزين بالرغم من وجود الكثير من الخيارات والأدوات التي تذر على الدولة عشرات الملايين من الدنانير؟
عباس المغني
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3018 - السبت 11 ديسمبر 2010م الموافق 05 محرم 1432هـ