مكانة الحسين في عيون المسلمين
احمد الملا
صحيفة الوطن - العدد 1830 الثلاثاء 14 ديسمبر 2010
يجتمع في يوم عاشوراء فرح بنجاة نبي، وحزن لاستشهاد سيد من سادات المسلمين في الدنيا والآخرة، وولي من أولياء الله الصالحين، فقد نجّى الله موسى عليه السلام ومن آمن معه من فرعون، وأهلك فرعون ومن في زمرته، فكان هذا اليوم يوافق يوم عاشوراء، ففرح لذلك نبي الله موسى فصامه. وكان أهل الجاهلية يصومونه فصامه الرسول صلى الله عليه وسلم ولما قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك؟ فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون. فنحن نصومه تعظيماً له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ''نحن أولى بموسى منكم''. فأمر بصومه. واتفق المسلمون على أن ذلك يوم فرح واستحبوا صيامه اتباعاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما يوم الحزن فإن يوم عاشوراء هو اليوم الذي استشهد فيه الإمام الحسين بن علي عليهما السلام من فئة باغية ظالمة، أنكر عليهم أهل العدل والإنصاف فعلهم، فحزن المسلمون جميعهم لمقتله، وتغير وجه الدنيا عليهم، ولكن ما سبب هذا الحزن الذي أصاب المسلمين؟
كان الحسين عليه السلام أشبه الناس برسول الله، وكانوا يعظمونه ويجلونه لمكانته من جده، ولفضله على سائر أهل زمانه، ولما سمعوا من أحاديث تبين منزلته ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم له فإذا رأوه تذكروا جده. وهذا أبوهريرة رضي الله عنه يحدث فيقول: ما رأيت الحسين بن علي إلا فاضت عيني دموعاً وذاك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فوجدني في المسجد فأخذ بيدي واتكأ علي فانطلقت معه حتى جاء سوق بني قينقاع قال: وما كلمني فطاف ونظر ثم رجع ورجعت معه فجلس في المسجد واحتبى وقال لي: ''ادع لي لكاع'' فأتى حسين يشتد حتى وقع في حجره ثم أدخل يده في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتح فم الحسـين فيدخل فاه في فيه ويقول: ''اللهم إني أحبه فأحبه''. رواه الحاكم في المستدرك وهو صحيح الإسناد. وجاء في حديث آخر: ''أحب الله من أحب حسيناً''. إذن حب الحسين دين يدين الله به كل مسلم رجاء أن تصيبه دعوة الرسول السابقة، ولا يختلف في ذلك الحب مسلمان.
وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقبله تلك القبلة الشريفة يعلم ما يحل به ويرى مصرعه، وليس ذلك عن علم للغيب، وإنما عن طريق الرؤيا -ورؤيا الأنبياء حق- حيث رأى ذات يوم كأن كلباً أبقع يلغ في دمه، فكان شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين رضي الله عنه، وكان أبرص.
إن هذا اليوم على ما وقع فيه من أحداث عظام (فهو يوم استواء السفينة على الجودي ونجاة نبي الله موسى ومقتل الحسين) لهو يوم يستحق أن يوقف معه، وأن ينظر في حِكَمِه كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل من أبرزها أن يوم الفرح يُجعل شكراً لله بالفعل والطاعة فصيام يوم عاشوراء دليل على أن الشكر يكون بالفعل كما هو بالقول حتى عنـد الأمـم السابقة، فقد صامه موسى عليه السلام شكراً لربه سبحانه، وهذا منهج الأنبياء كما فعـل داود عليه السلام وختاماً بالنبي صلى الله عليه وسلم في صلاته بالليل، فلما سئل عنها قال: ''أفلا أكون عبداً شكوراً'' متفق عليه