الثورة المدنية في مصر العظيمة
ما قالته «نيويورك تايمز» مساء أمس يوضح أن الجميع أصبح مقتنعاً بأن مرحلة الرئيس محمد حسني مبارك قد انتهت فعلاً، وأن الرئيس باراك أوباما بعث بسفير أميركا السابق في مصر، فرانك ويزنر، لإبلاغ رسالة مفادها بأن على مبارك أن لا يترشح لولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية المقبلة (سبتمبر/ أيلول 2011)، وأن يفسح المجال حالياً لعملية إصلاح من شأنها أن تتوج بانتخابات حرة ونزيهة. ولإكمال هذه الصورة، فقد قالت وزارة الخارجية الأميركية أمس إن السفيرة الأميركية في القاهرة مارغريت سكوبي تحدثت مع المعارض المصري محمد البرادعي، وهو أول اتصال مباشر مع أحد المعارضين الرئيسيين. وأشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي إلى أن الولايات المتحدة تدعم «انتقالاً منظماً للسلطة في مصر». وحالياً، ليس من الواضح ما ستؤول إليه الأمور، وفيما اذا كان بامكان مبارك ان يكمل ولايته الحالية.
الجيش المصري أثبت أنه جيش وطني من الدرجة الأولى، وأنه لا يود إراقة دم أي مواطن مصري يُعبّر عن رأيه، وهو بذلك يخلد اسمه في التاريخ. إننا نشهد حالياً صناعة تاريخ ذهبي لمصر، لأن هذه الثورة نظمتها مجموعات شبابية، وهي ثورة مدنية بكل ما للكلمة من معنى، وهي تفسح المجال لمستقبل مختلف للشرق الأوسط.
ولو نظرنا إلى المجموعات التي تقف خلف الثورة فسنجد حركة «شباب 6 أبريل»، وهي حركة تأسست في 6 أبريل/ نيسان 2008 ، وهو التاريخ الذي شهد سلسلة من الإضرابات العمالية التي واجهتها السلطات بحملة قمع وحشية. ويتزعم هذه الحركة مهندس عمره 28 سنة (أحمد ماهر) الذي لا يفارق الإنترنت وتقنيات الاتصال الحديثة، وكان قد ذكر لإحدى الصحف أنه «بعد الثورة في تونس، أصبحنا قادرين على تسويق فكرة التغيير في مصر». حركة أخرى تقف خلف الثورة تأسست على «الفيسبوك»، باسم «كلنا خالد سعيد»، وخالد سعيد ناشط إلكتروني تم تعذيبه حتى الموت في 7 يونيو/ حزيران 2010، وبعد يومين من مقتله، انتشرت قصته عبر وسائل الإنترنت والإعلام الجديد، وأثار مقتله إدانة عالمية ومحلية، كما أثار احتجاجات علنية في الإسكندرية والقاهرة قام بها نشطاء حقوق الإنسان في مصر اتهموا فيها الشرطة المصرية باستمرار ممارستها التعذيب في ظل حالة الطوارئ.
دعت الحركتان الشعب المصري للتظاهر ضد التعذيب والفقر والفساد تحت عنوان «يوم الغضب» وذلك في 25 يناير/ كانون الثاني 2011 (يوم الشرطة في مصر)... وسرعان ما تطور الأمر إلى الإعلان عن «جمعة الغضب» في 28 يناير 2011، وبعدها انتقلت الدعوة إلى المظاهرات المليونية التي خرجت مساء أمس (1 فبراير / شباط 2011).
لقد رأينا الأحزاب المعارضة والشخصيات البارزة تلحق بالركب الذي قاده شباب مصر بصورة سلمية أذهلت كل العالم، وأبرزت الوجه الناصع والحضاري لشعب مصر، ولجيش مصر، ولمستقبل مصر والمنطقة.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3071 - الأربعاء 02 فبراير 2011م الموافق 28 صفر 1432هـ