الوفاق ما لها وما عليها
سوسن الشاعر
صحيفة الوطن - العدد 1888 الخميس 10 فبراير 2011
تحتاج كتلة الوفاق النيابية أن تتعلم الكثير كي تصل إلى مرحلة يمثل العضو فيها الأمة لا الكتلة. فمازالت الوفاق بعزلتها دون مستوى الحراك الوطني والدليل ما لاقته بالأمس من صد نيابي لبيانها الذي قرأته بعد أن أطلقت عليه صفة ''رسالة واردة''!! صحيح أن ما تطالب به الوفاق هو تطوير للتجربة النيابية ومزيد من الشفافية في الأجهزة الأمنية، وتوسيع لنطاق الحريات العامة، هذا باختصار العناوين الرئيسة الثلاث والعامة لـ(الرسالة الواردة) التي قرأتها دون الدخول في تفاصيل رؤيتها لكل عنوان من هؤلاء. وهي عناوين كما نرى مشروعة ولا خلاف عليها بل وأستطيع أن أجزم أن هناك إجماعاً عليها فلا يوجد من يعترض على مبدأ التطوير أو مبدأ الشفافية والوضوح أو مبدأ توسيع نطاق الحريات العامة، الخلاف -إن وجد- فسيكون على درجات وحجم التطوير وعلى التوقيت وعلى المراحل الانتقالية والأهم على معايير القياس لكل منها، وهذا الذي لا تريد الوفاق أن تتوافق مع الآخرين حوله. فالتجربة النيابية لم يمض عليها سوى فصلين تشريعين والمعارضة لم تشارك إلا في فصل واحد منها فقط، فهل هذه الفترة كافية بالنسبة للجميع؟ ثانياً مزاج الاعتراض العام -إن صح التعبير- على نظام الغرفتين الذي تعترض عليه الوفاق ما عاد كما كان عليه بعد التعديلات الدستورية في ,2002 فهناك العديد من الذين كانوا على ضفة معارضته ثم انتقل إلى ضفة القناعة التامة بأهميته ونموذج عبدالعزيز أبل في اتساع وزيادة، فعلى ماذا ترتكز الوفاق بمطالبتها بالرجوع عن هذا نظام الغرفتين؟ أما بالنسبة للعنوان الثاني والمتعلق بأداء وزارة الداخلية، فتلك الوزارة لم تغير وزيراً فقط بل غيرت نهجاً واستراتيجية كاملة وهناك نقلة كبيرة وواسعة لا يمكن لأي منصف أن يتجاهلها خاصة -وهنا تدخل معايير القياس- إذا قارناها بما كانت عليه أو إذا قارناها بما هي عليه وزارات الأمن في المنطقة ككل. ومحاسبة المتجاوزين من رجالها تقضيه لا أجهزة الأمن فقط بل حتى القضاء الذي أدانها أكثر من مرة. أما عن العنوان الثالث المتعلق بالحريات العامة، ففي البحرين أحزاب تمول من الدولة ونقابات واتحادات نوعية ومؤسسات مجتمع مدني وحرية تجمعات وإصدار صحف، أحدثت نقلة جبارة لا يمكن التقليل من شأنها، ودلني على دولة خليجية بها واحد من ألف من هذه الحقوق المشروعة؟ نأتي الآن لما سمته الوفاق بالتراجعات أو العثرات أو العودة للمربع رقم واحد عما كان عليه الوضع في 2002 لنلفت نظر الوفاق بأن أداءها مع بقية القوى السياسية هو الذي تراجع وهو الذي عاد للمربع رقم واحد لما قبل عام .2002 كيف للوفاق التي ترهن قرارها بقرار المرجعية الدينية الفردية -وهذه أكبر عثرة تعيقها- أن تتحدث عن التعددية والحرية، فهل تريد الوفاق أن يرتهن البحرينيون كلهم معها؟ أقولها باختصار ذلك لا يحدث إلا في أحلامها. مدافعة الوفاق الدائمة والمستمرة عن كل من يتهم بالتخريب والعنف ومطالبتها الدائمة بإطلاق سراحه هي التي تعيدها هي لا غيرها للمربع رقم واحد. الوفاق لم تفكر أبداً بدراسة الحد الأدنى من التوافقات النيابية حول رؤيتها المستقبلية، لم تعرض أفكارها على بقية النواب، لم تطرح الموضوع للنقاش والجدل العلني مع الرأي العام، لم تسمع أي أحد سوى نفسها. الوفاق مازالت تعاني من سطوة الخطاب التسعيني في خطابها الذي يجرها هي -لا النظام- للمربع رقم واحد. الوفاق هي التي انفردت بالقرار الشعبي وتعجرفت حتى على أقرب المقربين منها، فأين النضج والتطور الذي تطالب به الآخرين من مراهقتها على صعيد التحالفات؟ الوفاق هي التي عادت للمربع الأول حين قللت من خطوات الآخر ويده الممدودة، هي التي اعتادت على الانفراد والعزلة وتجاهل الآخرين وبالعجلة في مطالبة الآخرين وعدم إعطائهم فرصة كي تنضج تجربتهم في حين تطالب الآخرين بإعطائها الفرصة لتنضج تجربتها هي على نار هادئة. ومع ذلك.. وبعد هذا الرأي من الضروري هنا أن نشد على يد الوفاق على أنها لم تلمح ولم تهدد باللجوء للشارع في ما سمته ''الرسالة الواردة'' فتلك نقطة مفصلية هامة في هذه المرحلة تحديداً، كما ونشد بعدها على يد صحيفة ''الوسط'' التي لم تنتهز الفرصة وتشعل نيران الجدل كما اعتادت، وننتظر غداً يوم الجمعة لنراقب رجال الدين ومن سيعتلي المنبر إن كان متحفزاً ومنتظراً لإشارة بدء الانطلاق أو ما شابه لتجييش الشارع، فإن لم يحدث فإننا سنشد على يد المنابر الحسينية وسنعتبر ذلك تحولاً جذرياً في أداء التيار التسعيني وانتقاله إلى مرحلة العمل على تحقيق المطالب عبر القنوات الشرعية والمؤسسات الدستورية وهذا ما نصبو إليه جميعاً